‏إظهار الرسائل ذات التسميات الحياة والمجتمع. إظهار كافة الرسائل


الهند تقع الهند في جنوب قارّة آسيا، وتحدّها من الشمال الصين، ونيبال، وبوتان، وأفغانستان، ومن الجنوب سيرلانكا، أمّا من الغرب فتحدّها باكستان وبحر العرب، ومن الشرق خليج البنغال، وبنغلاديش، ومينمار. وتنقسم الهند إلى 28 ولاية، بالإضافة إلى سبع مناطق اتحاديّة، وتعد نيودلهي العاصمة الرسميّة للهند، أمّا أشهر المدن وأكبرها فهي مومباي، ودلهي، ومدارس، وحيدر آباد. وتعدّ الهند بمساحتها البالغة 3.165.596 كم2 سابعَ أكبر دولةٍ في العالم، كما تعدّ ثاني أكبر دولة من حيث عدد السكان بعد جمهوريّة الصين الشعبيّة، إذ يبلغ عدد سكانها ملياراً و263 مليوناً و344 ألفاً و631 نسمة حسب إحصائيات عام 2014. وتعدّ اللغتان الهنديّة والإنجليزيّة اللغتين الرسميتين في البلاد، بالإضافة إلى 41 لغة أخرى. كما يوجد عددٌ كبيرٌ من الدياناتِ إضافةً للهندوسية، والإسلامِ، والمسيحيّة، والبوذية، والسيخ..[١][٢] عادات وتقاليد غريبة في الهند تُعرّف العادات الاجتماعيّة بأنّها مجموعة من الأساليب أو الأفعال أو السلوكيّات المكتسبة، والتي تتوارثها الأجيال عبر الزمن، وعادةً ما تكون هذه العادات مرتبطةً بمكانٍ وزمانٍ مُعَيّنين. أمّا التقاليد فيمكن القول إنّها تعبّر عن كلّ ما يرتبط بالماضي، وتمرّ عليه الأيام ليصبح قديماً، وهي ما وُرِث عن الأولين وانتقل من الماضي إلى الحاضر ووُرّث من جيلٍ إلى جيل.[٣] وقد تكون هذه العادات غريبةً وغير عاديّةٍ، كبلاد الهند التي تضمّ مجموعةً من العادات الغريبة التي تسجّلها أعين الكاميرات، وتدوّنها أقلام الصحفيين المندهشين أمامها. وفيما يلي مجموعة من العادات والتقاليد الأكثر غرابةً في الهند: الطعام هناك أطعمة غريبةٌ، وعاداتٌ مختلفةٌ يستخدمها الهنود في الطبخ، ومنها أنّهم يضيفون الشطة، والفلفل، والعديد من التوابل على معظم أنواع الطعام والشراب، حتّى على الحلويات، مثل الجاتوه.[٤] الزواج إنّ لكلّ دولة تقاليدها الخاصّة بالزواج، وطرق الاحتفال به. ونذكر من العادات الغريبة لدى الشعب الهنديّ في الزواج:[٥] تعدّ مصاريف الزواج كالمهر، وتجهيز البيت، وحفل الزفاف أموراً واجبةً على والد العروس، ولا يدفع العريس منها شيئاً. يمنع القانون زواج شاب من الطبقات الفقيرة بفتاة من الطبقات العليا، أمّا إذا كان الشابّ من الطبقات العليا فيُسمح له بالزواج ممّن يشاء، ولا يجوز الخروج عن هذه العادات مهما حدث. يأتي العريس إلى العرس محمولاً على حصانٍ مزيّن خلال العرس. المعتقدات والطقوس تتعدد الديانات والمعتقدات التي يؤمن بها الهنود، ولذلك يُلاحظ أنّهم يمتلكون بعض العادات والطقوس التي قد تكون غريبة بالنسبة لباقي دول العالم، ومن هذه المعتقدات:[٥][٦] يتمّ حرق جثة الإنسان بعد موته، وذلك بوضعها وسط الأخشاب وإشعال النّار فيها، إذ يعدّ ذلكَ تكريماً للميّت. توضع الأرملة وهي على قيد الحياة مع جثة زوجها ويتمّ حرقهما معاً، وذلك لإثبات ولائها له. يضحي الكثير من الهنود بشعر رؤوسهم في المعابد، ويصدّر هذا الشعر لدول العالم؛ حيث تُصنّف الهند من أكثر الدول المصدّرة للشعر البشري. قد يتطلب الدخول إلى بعض المعابد الزحف على الأرض بشكل دائريّ بدلاً من الدخول مشياً، حيث يسود الاعتقاد بأنّ الزحف في المعبد سيجنّبهم الأمراض الجلدية. يعدّ البقر رمز الخصوبة في الهند، وهو حيوان مقدّس لا يذبح، حتى إنّه يمشي في الشوارع دون أن يعترضه أحد.[٤] مهرجانات غريبة في الهند توجد العديد المهرجاناتِ التي يجتمع بها الهنود للاحتفالِ بمناسبةِ ما، أو حدث مهمّ من كلّ عام. وبعض هذه المهرجاناتِ تقدّم تسليةً للحضورِ، وبعضها قد يلحق الأذى بهم، فقد تؤدّى طقوسٌ غريبةٌ في الاحتفالِ ترمزُ لشيءٍ مقدّسٍ أو تكونُ نوعاً من التضحيةِ والقرابين للتقرّب من الآلهة. ومن هذه المهرجانات الهنديّة الغريبة:[٦][٧] مهرجان تهوكم: وهو مهرجان سنويّ يقوم به سكان جنوب الهند، فيقومون بربط أجسادهم بالأسلاك الحادّة، ويتم رفعهم إلى الأعلى. وقد تمّ حظر هذا النوع من المهرجانات من قبل الحكومة الهنديّة ومنظمات حقوق الإنسان، لما يتسبب به من الأذى وأحياناً الموت للمحتفلين، ولكنّها لا تزال غير قادرة على القضاء عليه بشكلٍ كليٍ. مهرجان الثيران الهائجة: يحتفل سكان جنوب الهند بموسم الحصاد من خلال إفلات الثيران الهائجة بين جموع النّاس، وهو تقليد يتسبب بموت العديد من المشاركين، وقد تمّ حظره قانونياً، إلا أنّه ما زال منتشراً بشكلٍ واسعٍ بين الناس. الترانيم البوذيّة: وهو احتفال تقليديّ يقام كلّ يوم في الأديرة والقرى التابعة لمدينة لداخ الهندية، إذ يقوم الكهنة بترديد تعاليم وفلسفة بوذا على شكل مجموعات. ومن الجدير بالذكر أنّه قد تمّت إضافة هذا التقليد عام 2012 إلى قائمة اليونسكو للتراث الثقافيّ. مهرجان المشي على النّار: يقام في كلّ سنة مهرجان المشي على النار والذي يمتدّ في الفترة ما بين شهري تشرين الأول/ أكتوبر وتشرين الثاني/ نوفمبر، ويقوم فيه الذكور بتأدية طقوسٍ تدلّ على إيمانهم العميق، وذلك من خلال المشي على الفحم الحارق وهم يضعونَ على رؤوسهم وعاءً من الحليب أو الماء. مهرجان عبادة الثعابين: يتقرّب بعض الهنود للثعابين خلال مهرجانٍ يُعقد كلّ عامٍ، فيقدمونَ لها الحليب، والحلويات، والزهور طلباً للأمن والسعادة. وقد تكون هذه الثعابين مصنوعة من خشب أو حجر أو فضة، وقد تكون حقيقيّة. مهرجان هولي: هو أحد المهرجانات التي تقام لاستقبال الربيع، ومن أكثر المهرجاناتِ صخباً بالألوانِ في الهند. إذ يقوم الجموع برمي بودرة الصبغة ورشّ المياه، بالإضافة إلى الرقصِ في الشوارع. ويعدّ هذا المهرجان تقليداً هندوسيّاً.[٨] مهرجان كيرالا: يقام هذا المهرجان كلّ عام في موسم الحصاد، إذ يتمّ فيه قرع الطبول وتقديم رقصة النمر، وهي عبارةٌ عن حركاتٍ يؤديها الرجال، بعد أن يرسموا على بطونهم وجه النمر، ويقال إنّ هذه الرقصة تقليد يعود إلى ما يقارب 200 عام.[٩] معلومات غريبة عن الهند تعدّ الهندُ أرضَ الغرائبِ والعجائبِ، ولا ينحصرُ ذلكَ بالعاداتِ والتقاليدِ الهندية، فهناكَ بعضُ الحقائقِ الغريبة المرتبطةِ بالدّولةِ، ومن هذه الحقائق:[١٠] يعدّ هواء نيودلهي الأكثر تلوثاً في العالم. تتسبّب حوادث السير في الهند بموت شخص كلّ 3 دقائق تقريباً. ترتفع حالاتُ الانتحارِ في الهند بشكلٍ كبير، ففي عام 2012 سجلت منظمة الصحة العالميّة 371 حالة انتحار في اليومِ الواحد. يبلغ مجموع ثروة الرجال الأكثر ثراءً في الهند ما يقارب 174.8 مليار دولار، ويبلغ عددهم 25 رجلاً. تعاني نسبة كبيرة من أراضي الهند من مشكلة التصحر، حيث تبلغ نسبة الأراضي المتصحرة 25% تقريباً


الحضارة لا يُعدّ مفهوم الحضارة اليوم مفهوماً حديثاً، إنّما هو مفهومٌ ضاربٌ في القدم منذُ تاريخِ وجودِ الإنسان على هذه الأرض؛ إذ لا حضارة بلا إنسان، ولا إنسانَ من غير تاريخ، ولا وجود لحضارة لا تنتمي لتاريخ؛ حيثُ إنّ الحضارة جزءٌ من التّاريخ، ولكلِّ حضارةٍ تاريخها المُحدد، ولكلّ إنسانٍ حضارته. كما تُعدّ الحضارة الوجهُ للآخر للإنسان؛ وبها يظهرُ مقدار قوّته، وضعفه، وتقدّمه،[١] فما هي الحضارة؟ وكيف نشأت؟ وما النّظريات التي وُضعت لتفسير نشوئها؟ وما الفرق بينها وبين الثقافة؟ هذا ما سيتطرّق له هذا المقال. تعريف الحضارة عُرِّفت الحضارة بكثير من التعريفات من قِبل علماء الأنثروبولوجيا، فقال رالف بدنجتون (بالإنجليزية:Raiph Piddington) إنّ حضارة أيّ شعبٍ ما هي إلا حزمةُ أدواتٍ فكريّة وماديّة تُمكّن هذا الشعب من قضاء حاجاته الاجتماعية والحيوية بإشباع وتُمكّنه كذلك من أن يتكيّف في بيئته بشكلٍ مناسب. كما عرَّف إدوارد تايلور (بالإنجليزية:Edward Tylor) الحضارة بأنّها: الكلُّ المركب الذي يجمع بداخله جميع المعتقدات، والقيم، والتقاليد، والقوانين، والمعلومات، والفنون ، وأيّ عادات، أو سلوكات، أو إمكانات، يُمكن أن يحصل عليها فردٌ ما في مجتمعٍ ما. ويُمكن تعريف الحضارة في النّهاية على أنّها إرثُ الإنسان المادي والمعنويّ الذي خلّفه في الماضي، والذي اعتمد عليه الإنسان لإكمال مسيرة حياته وتقدّمه الحالي، سواءٌ أكانت مظاهر معنوية كأسلوب الحياة، والمعيشة اليومية، والعلوم، والمعارف، أو أدواتٍ ووسائل ماديّة بقيت أثراً لوجوده كالبُنيان، والمسكوكات، والأعمال اليدوية المختلفة؛ مثل الخزف، والفخار، وغيرها.[٢] نشوء الحضارات بدأ نشوء الحضارات على أُسسٍ قَبليّة، حيثُ استمدّت مددها من قوّة رابطة الدّم والقرابة، فكوّنت القبيلة بذلك مجالاً حضريّاً له العديد من الأنماط، والعادات الخاصة به والتي تُنظّم سلوك أفراده في نسقٍ اجتماعيّ واحد. ثم بدأت تتطوّر لِتنتقل من النطاق القبليّ إلى النطاق الدينيّ الذي ضمّ بدوره قبائل عديدة. ومن ثم تطوّرت للنطاق السياسيّ الذي ساهم في اندماج جماعاتٍ مُنعزلةٍ مع جماعاتٍ أخرى.[٢] وقد تشكّلت عبر التاريخ عدّة نظريات حول نشوء الحضارات، ونستعرض أهم هذه النظريات فيما يأتي.[٣] نظرية البيئة تُقرّر هذه النّظرية أهميّة العوامل البيئية في نشوء الحضارات وتشكُّلها، وقد خرجت هذه النظرية للعالم في القرن الخامس قبل الميلاد، وقد تحدّث فيها كثيرٌ من مفكري اليونان حيثُ قالوا بأثرِ المكانِ، والماء، والجوّ على الإنسان في تفكيره وطبيعة خلقه. كما تُعدِّدُ هذه النّظرية بعضاً من الشّروط الأساسية لقيام الحضارات ونموها، وتطوّرها، أو انحطاطها، ومنها: وجود المطر، وطبيعة الترّبة من حيث صلاحيتها للزراعة، وارتفاع أو انخفاض درجات الحرارة، وطبيعة الموقع الجغرافيّ. نظريّة ابن خلدون قدّم ابن خلدون تحليلاً خاصاً به في نشوء الحضارات، وتطرّق لأثرِ البيئة الواضحِ في الصفات البيولوجية للإنسان، مما يُقرّر أثرها على عاداته، وسلوكاته، وعقله، وقراراته، حيثُ قال بأنّ للمناخِ دوراً مهمّاً ورئيساً في الأمر؛ فإن كان المُناخ في منطقة ما حاراً فستتولّد أفكارٌ، وعادات، وتقاليد ذات طبيعة صلبة وحارّة، أما إن كان مُعتدلاً مثلاً فسينتجُ عنه أفكار وتقاليد معتدلة، وهكذا. كما وصف ابن خلدون الإنسان بأنه كائن مدني بطبعه، ودعا إلى أهمية علم الاجتماع وطبيعة العلاقات بين البشر التي تؤدي لنشوء الأنظمة التي تحكم المجتمعات. نظريّة فيكو يُقرُّ الفيلسوف الإيطالي جان باتيستا فيكو ( بالإنجليزية: Giovanni Battista Vico) وجوبَ وجودِ قوانينَ معيّنة وموحّدة تُساهم في تشكيل الأمم والشّعوب، ويشعرُ بهذه القوانين طبقةٌ من الناس أو طبقةٌ من أمة أو شعب، دونَ أنْ يكونَ أحدهم على علمٍ بالآخر. ولا تأتي القوانينُ هذه عن طريق العقل، إنّما تأتي من "الحسن المُشترك" إلى "الحُكم دون تفكير". كما يقولُ فيكو إنّه لا وجودَ لعُقلاء أو فلاسفة قبل أن توجدَ الحضارة والدّولة، مُعارضاً بقوله هذا نظرية الفلاسفة العقليين الذين يقولون إنّ المجتمع جاءَ به وصنعه العُقلاء. نظريّة الجنس أو العرق جاء بهذه النّظرية أوزوالد تسينجلو، حيثُ يُفسِّر فيها التاريخ وفقاً للعلية والمصير الكاشف، وقال إنّ نشوء الحضارات يمرّ بمراحلَ تشبه المراحل التي يمرّ بها الإنسان. ويعتبر أن عامل الجنس القائم على الاختلاف البيولوجي والوظيفي بين الذكر والأنثى هو أساس تقييم العمل الذي يتم داخل المجتمع. كما يقولُ أوزوالد بأنّ لكلّ ثقافةٍ وحضارةٍ ما يُميّزها وما يمنحها طابعها الخاص الذي لا ينافسها فيه أحد ويُعبّر عن خصوصيّتها، وإنْ تشابهت جميع الحضارات في العالم في دورة حياتها من البربرية إلى البدائية ومن ثم إلى المدنيّة، لتصل لمرحلة الأصول؛ وهي المرحلة التي تأتي بتراكم التكنولوجيا، وسقوط القيم العاطفية، والروحيّة، لتنتهي أخيراً بمرحلة حياةٍ جذريّة. وقد ثبتَ في الوقت الحاضر عدم جدوى هذه النّظرية وسقوطها تاريخياً؛ حيثُ أثبتت الأبحاثُ والدِّراسات العلميّة أنّ الجنس البشريّ من حيثُ التّكوين البيولوجي حالةٌ واحدةٌ، وأنّ انتهاء اللغات لأصل واحدٍ لا يعني افتراض الجنس الواحد. كما أنّ العنصر ليسَ هو ما يصنعُ الحضارة، وإنّما تنشأ الحضارة ضمنَ شروطٍ معيّنة منها شروطٌ بيئية، واقتصادية، وغيرها. نظريّة التحدّي والاستجابة تهتمّ هذه النّظريّة التي جاء بها المؤرِّخ البريطانيّ أرنولد توينبي (بالإنجليزية:Arnold Toynbee) بالجانب الحضاريّ الدينيّ، حيثُ تقولُ بأنّ الظّروف الصّعبة هي من تُقيم الحضارات كردِّ فعلٍ على التّحديات القاسية،[٣] حيثُ لا تظهرُ الحضاراتُ نتيجةَ بيئة جغرافيّة مُعيّنة، ولا مواهب فطريّةٍ وبيولوجيّة.[٤] الحضارة والثقافة تُعرَّفُ الثّقافة بشكلٍ عام على أنّها المُعطيات والمفاهيم التي أتى بها الاعتقاد الدِّينُيّ الذي يغلبُ على مُجتمع ما، سواء كان ذلك الدِّينُ سماوياً أو غير سماويّ؛ حيثُ تُشكِّل هذه المُعطيات والمفاهيم الجوانب الخفية من الثقافة مثل الأمور الانفعاليّة والمجالات الروحيّة، أمّا عن الجانب المرئيّ من الثقافة كالمُنتج الأدبيّ، والفكريّ، والفنيّ فإنّه يتأثَّر بالثقافة بشكلٍ كبير.[٥] وهُناك عدّة فروقاتٍ بين مفهومي الحضارة والثقّافة، هي:[٤] الثّقافة إرادةٌ وتصوُّر، والحضارةٌ نتيجةٌ نهائيّةٌ وأثرٌ ملموس. الثقّافةُ وصفٌ عموميّ يختصّ بالفرد، والحضارة وصفٌ مُختصٌّ بالأمّة. الحضارةُ تتشكّل وتتوضّح في العديد من الأنظمة كالنُّظم السياسية مثلاً، وفي مُختلف الاختراعات، والصناعات والعلوم، أمّا الثقافة فتظهر جلياً في الفلسفات، واللغات، والآداب، والعلوم الإنسانية بصفةٍ عامة


السعادة يختلف منظور ومفهوم السعادة من فرد لآخر؛ إلّا أنها شعور عام يشعر ويشترك الناس به؛ أي أنها متاحة في يد الجميع، فالناس تختلف في طباعها واتجاهاتها؛ حيث قد يرى البعض السعادة بالمال والبعض الآخر قد يرى السعادة بالإنجاز والنجاح، كما من الممكن أن الفرد ذاته قد تختلف نظرته للحياة وللمؤثرات التي حوله باختلاف أطواره الزمنية وظروفه وأحواله، ولكل طور زمنية أو مرحلة عمرية أفقها الخاص الذي يعيش الفرد بداخله، وفي الوقت الذي يحصل بع الفرد على ما يلائمه وما يسعى إليه فإنه يعيش بهذا التلاؤم شكل من أشكال السعادة بحصوله على ما كان يسعى إليه بالرغم من الصعوبات المختلفة التي واجهته، وبشكل عام فإنّ السعادة هي شعور نسبي بختلف باختلاف قدرات الفرد وإمكاناته ودوافعه؛ إلّا أنّها تُعتبَر القَدَر أو الظرف المشترك بين الناس الذي يعود عليهم بالخير والمنفعة.[١] ماهية السعادة السعادة من المفاهيم التي ترتبط بالرضا والراحة؛ حيث تجد النفس البشرية الهدوء وراحة البال التي يلجأ إليها الناس من مثيرات العالم الخارجي الصاخبة والمليئة بالحروب والصراعات، فالسعادة هي مفهوم من غير الممكن رؤيته ولمسه، بل يظهر على الفرد الذي يعيش داخل محيطها، ومن الممكن تعريف وشرح مفهوم السعادة لغةً على أنّها بموقع الاسم الذي يُعبّر عن الفرح والابتهاج وكل ما يُدخل ويزرع الفرح والسرور على النفس البشرية، أما السعادة فمصدرها سَعدَ يسعدُ سعادةً فهو سعيد.[٢][٣] تعريفات السعادة في العلوم المختلفة تختلف تعريفات السعادة من مجال إنساني إلى آخر، ومن فرد إلى فرد، ومن مجتمع إلى مجتمع آخر، ومن أبرز العلوم الإنسانية التي تناولت تعريف السعادة ما يلي: تعريف السعادة في الفلسفة اختلف تعريف السعادة عند الفلاسفة القدماء باختلاف آرائهم ونظرياتهم وتوجهاتهم، ومن هؤلاء الفلاسفة ما يلي:[٤] ينظر أفلاطون إلى السعادة على أنّها عبارة عن فضائل الأخلاق والنفس؛ كالحكمة والشجاعة والعدالة والعفة، كما أضاف أفلاطون بأن سعادة الفرد لا تكتمل إلا بمآل روحه إلى العالم الآخر. عرّف أرسطو السعادة على أنّها هبة من الله وقسمها إلى خمسة أبعاد، وهي: الصحة البدنية، والحصول على الثروة وحسن تدبيرها واستثمارها، وتحقيق الأهداف والنجاحات العملية، وسلامة العقل والعقيدة، والسمعة الحسنة والسيرة الطيبة بين الناس. تعريف العلماء والمفكرين المسلمين للسعادة ذكر العلماء المسلمون أنّ السعادة هي وصول الفرد إلى حالة من تحقيق التوازن بين ما يتطلّبه الجسم والروح، وبين متطلبات الفرد ذاته وبين متطلبات المجتمع الذي يعيش به، وبين الحياة الدنيوية للفرد وبين آخرته وعمله لها، كما أشار العلماء المسلمين إلى أن السعادة الدنيوية هي سعادة آنيّة وناقصة، وأن السعادة الحقيقية هي السعادة الخالدة في الدار الآخرة والظفر في الدخول إلى الجنة؛ أي أنّ السعادة تشتمل على مرحلتين، وهما: السعادة الدنيوية في ظل الأحكام والضوابط الشرعية، والسعادة الأخرويّة التي تتحقّق بدخول الجنة كل فرد بحسب درجة صلاحه في حياته الدنيا السابقة.[٤] تعريف علم النفس للسعادة حيث اهتم علم النفس بدراسة السعادة وأثرها على النفس البشرية من خلال فرع من فروعه، وهو ما يُطلَق عليه علم النفس الإيجابي؛ حيث يعمل هذا الفرع على رفع مستوى أداء الفرد الوظيفي النفسي بشكل أعمق وأبعد من معنى الصحة النفسية؛ حيثُ عرّف السعادة من خلال محدداتها، والعوامل التي تسير بالفرد إلى العيش بسعادة وسرور؛ كالرضا العام عن الحياة، وإشباع الرغبات، والتمكُّن من تحقيق الأهداف المرجو تحقيقها، والوصول إلى الطموحات التي يسعى الفرد إليها، بالإضافة إلى القدرة على توظيف القدرات والاستعدادات للوصول إلى مرحلة الرضا عن الذات وعن الآخرين، وبشكل عام فقد عرّف علم النفس السعادة من الجانب الانفعالي على أنّها الإحساس باعتدال المزاج والحالة النفسية، ومن الجانب التأمُّلي المعرفي فهي الوصول إلى مرحلة الشعور والإحساس بالرضا.[٥][٦] أهم المحاور التي يدور مفهوم السعادة حولها من أهم المواضيع والمحاور التي من الممكن أن تتناول مفهوم السعادة -كأنواعها ومتطلباتها و كيفية الوصول إلى السعادة- هي كالتالي:[٧] أنواع السعادة تنقسم السعادة إلى نوعين رئيسيين يعتمدان على مستوى المؤثرات المحفزة لها، فهناك السعادة قصيرة المدى وهي التي تستمر لفترات وجيزة من الزمن، وهناك السعادة طويلة المدى وهي عبارة عن سلسلة من بواعث ومحفزات السعادة قصيرة المدى وهي عادةً في تجدد دائم لتؤدي دورها في التجديد والتحفيز المستمر للسعادة لتستمر بذلك مدى الحياة. متطلبات السعادة تختلف السعادة وتكثر بحسب اختلاف جوانب الحياة البشرية فهناك السعادة التي يحصل عليه الفرد بتلبية الحاجات والجوانب المادية، وهناك السعادة التي تُشبع الحاجات والجوانب المعنوية، ومن أبرز هذه المتطلبات ما يلي: الاكتفاء المادي والحصول على الدخل المادي الذي يلبّي الحاجات الأساسية والضرورية للفرد. التحلّي بالصحة البدنية وتمام سلامتها. وضع الأهداف وتحديدها بحيث تكون أهداف واقعية وقابلة للتحقيق. شغل الأوقات بالأعمال المفيدة والنشاطات المنتجة. تحلي الفرد بالأنماط السلوكية السوية والسليمة بشكل عام. قدرة الفرد على تغاضي وتجاهل المثيرات السلبية ومسببات التعاسة. الوصول إلى السعادة إنّ حصول الفرد على سعادته ليست كافية لاستمراريتها، بل إنّ هناك العديد من العوامل التي إذا استطاع الفرد تحقيقها والوصول إليها من الممكن أن تتحقّق له ما يُسمّى بالسعادة، ومن أبرز هذه العوامل ما يلي: الثقة بالنفس وتقدير الذات. الإحساس بإمكانية السيطرة والتحكم بحالة الحياة النفسية والذاتية للفرد. الإنجاز والقيام بالأعمال الجيدة والمفيدة باستمرار. الاهتمام بالجانب الترفيهي الذي يُدخِل البهجة والسرور على النفس البشرية. الاهتمام بالعلاقات الاجتماعية الودودة والدافئة


معنى الكذب يُعرَّف الكذب في معاجم اللغة بأنَّه الإخبار بما يُخالِف الواقع ويُجانِبه، وهو عكسُ الصِّدق، وهو إتيانُ النَّبأ بغيرِ تحقُّقٍ وتَثبُّت، أو هو الإخبارُ بالكَذبِ، وهو القول بمخالفة الواقع بعلم، فمن أخبرَ عن شيءٍ أو ادَّعى قولاً يُخالف صِحَّة الواقعِ بعلمهِ ودرايته فقد أتى الكذِب، وفاعِله كاذب،[١] ويُعرَّفُ الكَذب اصطلاحاً بأنَّه الإخبارُ المُتعمَّد عن الشَّيء بما يُخالف الواقع والحقيقة.[٢] كيفيّة معرفة إذا كان الشخص كاذباً يستطيع الشخص العاديّ معرفة ما إذا كانَ الشّخصُ الذي يتعامل معه كاذباً أم لا بالملاحظة المجرَّدة؛ إذا تنبَّه لبعض أساليب الأشخاص الذين يحاولون تمرير واقعٍ مُزيَّفٍ أو تغيير الحقائق لاستهداف الآخرين، وقد يستدلُّ النَّاس على زيفِ المعلوماتِ وكَذب ناقلها بالإحساس والبديهة والغريزة البشريَّة القادرة في الغالب على التحقُّق من ذلك فطريّاً، غير أنَّ العاملينَ في أنماط علم النَّفس السلوكيَّة وخبراء السُّلوك النَّمطيّ بيَّنوا بعض المُحدِّدات المُهمَّة في كشف الكاذب بسهولةٍ ودون تعقيد.[٣] ومن أبرز العلامات التي حدَّدها المُختصُّون لكشفِ الكاذب والتعرُّف عليه، ما يأتي:[٤] لُغة العيون: يستطيع النَّاس ملاحظة الكاذب الذي يُخفي ارتباكه؛ خشيةً من اكتشاف النَّاس لزيفه وكذبه، عن طريق ملاحظة سلوكينِ بصريّينِ تُجريهما عيناه على الأغلب؛ فقد يلجأ الكاذب إلى الإشاحة ببصره بعيداً عن عينَي الشَّخصِ المُخاطَب كسلوكٍ غيرَ مُدرَكٍ؛ لمخاوفه من الاكتشافِ والسُّقوط، أمَّا النَّمط الآخر لسلوك الكاذب البصريّ فيتمثَّل بالتَّواصل المستمرّ والمُركَّز للبصر، كنوعٍ من تثبيتِ صدقه، وتدعيم موقفه، وقوَّة حديثه. حركة العينين: حسبَ ما يقوله المختصّون فإنّ من يكتب بيده اليُمنى سيكون صادقاً عند سرده للمعلومات في حال وجّه عينيه إلى يساره، بينما سيكون كاذباً لو وجّه بصره ناحية اليمين، والأمر ذاته ينطبق على من يكتب بيده اليُسرى، ولكن بمخالفة الاتّجاهات. التكلُّف والتصنُّع بحركات الجسد: يُحاول الكاذب إعطاء انطباع عن مدى صدقه أمام من يُحادِثهم، فيتجنّب التكلُّف الحركيّ؛ تعزيزاً لنفسه وتثبيتاً لموقفه كأحد دوافع درء الاشتباهِ بكذبه، ظنّاً منه أنّ ذلك يجعله أكثر مصداقيّةً. فقدان الاتِّزان ولغة الجسد القلقة: تظهر هذه الحالة بصورةٍ معاكسةٍ للحالة السّابقة؛ إذ لا يكون الكاذب قادراً على إخفاء التكلُّف الجسدي فيظهر القلق في لغته الجسديَّة عفويّاً؛ إذ تُصبِح نبراتُه الصَّوتيَّة مُغايرةً لطبيعتها، وتضطرب حركة يدَيه، وتميلُ حركاتُه إلى العشوائيَّة وكأنَّها تحدث بصورةٍ لا إراديَّة. الإسهاب والاسترسال: يؤدّي ارتباكُ الكاذب إلى اختلال سيطرته على المحتوى المعلوماتيّ في كلامه، فيتكلَّمُ بانسيابيَّةٍ غير منتظمةٍ تتكرَّر فيها المتلازمات اللفظيَّةُ والتَّفاصيلُ غير المهمَّة على حسابِ المحتوى المفيدِ والمعلوماتِ المهمَّة، ويُعبِّر عن عجزه بإنتاج جُملٍ صادقةٍ بالإسهابِ المُفرط والاسترسال. الظهور بحالة الدِّفاع والاستعداد المُندفِع للردّ على المهاجمين أو المُشكِّكين: تُظهِر مثل هذه الحالات مزيجاً من الانتباه اللاشعوريّ لدى الشخص الكاذب للدِّفاع عن نفسه حتَّى دون أن يتَّهمه أحد، ويظلُّ الكاذب محصوراً في دائرة الدِّفاع والتبرير المُستمرَّين؛ لإثبات صحَّةِ كلامه وصدقه المعدوم. سرد المعلومات المُضلِّلة: إذ يسوِّقُ الكاذب معلوماته المغلوطة عادةً بخليط مُنتقىً من المعلومات المُشتِّتة للمُستمع؛ بأن يخلط كلامه المكذوب ببعض المعلومات والتفاصيل التي تُعجب المُستمِع، فينخدع بمجمل الحديث وتختلط عليه الرِّواية، وقد تكون التفاصيل المزيدة سخيفةً، فتكشف بوضوحٍ كذب الحديث وزيفه. احمرار الخدود: قد تصفُ حالة احمرار الخدودِ العديدَ من مشاعرِ الإنسانِ وتقلُّباتِه المزاجيَّة والنَّفسيَّة؛ إذ تشتركُ حالاتُ المفاجأةِ، والانبهارِ، والغضبِ، والخجلِ، وغيرها في توحُّدِ التعبيرِ المُتمثِّلِ باستجابةِ الخدودِ واحمرارها، غيرَ أنَّ هذه المتغيِّراتِ ليست حصريَّةً على هذه العلامة، فقد تدلُّ الخُدود المحمرَّة أيضاً على وقوعِ الإنسانِ في حالةِ الكذبِ والزّيف التي قد يُرافقها الخجل، أو الخوف من اكتشافِ أمر الكذب. تغيُّر الملامح: قد تُظهِر ملامح الكاذب تعمُّدَ كذبه وزيف رواياته؛ حيث يبدو الأشخاص الكاذبون أكثر تفاوتاً وتغيُّراً في ملامحهم بصورةٍ لا شعوريَّة، فتظهر عند البعضِ علاماتٌ مضطربةٌ كحكِّ الأذن أو العينين، والتبسُّمِ السَّاخر بغير مناسبةٍ، أو لمس الأنف بشكل متكرِّر، وغير ذلك من العلاماتِ والتغيُّرات التي تطرأ على معظم ملامح الكاذب. العجز عن إعادة الكلام وصياغته بالطريقة ذاتها: يعجز الكاذب عادةً عن إعادة سرد الكلمات التي تحدّث بها أو إعادة صياغتها، فيُعيدها بصورةٍ مختلفةٍ عن المرّة الأولى، وتتداخل التفاصيل مِراراً؛ لتكشف اختلاقهُ للكلام، وتزييفه للواقع، ومجانبته صواب الحديث والنَّقل. حُكم الكذب الكذب من أخلاق المُنافقين كما أوردته السُّنَّة النبويَّة الشّريفة، وحُكمه في الشِّريعة الإسلاميَّة السَّمحة حرامٌ لا رُخصةَ فيه إلّا لدواعٍ ثلاثةٍ، وهي الحربُ، وإصلاحُ ذات البينِ، وحديثُ الزَّوجةِ لزوجها أو حديث الزَّوجِ لزوجته،[٢] ويُستدَلُّ على ذلك من الحديثِ النَّبويِّ من روايةِ أمُّ كلثوم رضي الله عنها: (ليس الكذَّابُ الَّذي يُصلحُ بين النَّاسِ، ويقولُ خيرًا ويُنمي خيراً. قال ابنُ شهابٍ: ولم أسمعْ يرخِّصُ في شيءٍ ممَّا يقولُ النَّاسُ كذِبٌ إلَّا في ثلاثٍ: الحربُ، والإصلاحُ بين النَّاسِ، وحديثُ الرَّجلِ امرأتَه وحديثُ المرأةِ زوجَها...).[٥] وقد وَرَد ذِكر الكَذب في القرآن الكريم فيما يقارب مئتَي موضعٍ وآيةٍ في معرض الذمِّ، والتّحقير، والوعيد بالعذاب، وعدَّت الشريعة الإسلاميَّة خُلُق الكذب من كبائر الذُّنوب التي تجرُّ صاحبها إلى الهلاك،[٢] يقول الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ)،[٦] كما أشارت السنَّة النَّبويَّة إلى عاقبة المُكذّبين، وذلك فيما وردَ عن رسول الله عليه الصَّلاة والسَّلام: (عليكمْ بالصِّدقِ؛ فإنَّ الصِّدقَ يهدي إلى البِرِّ، وإنّ البِرَّ يهدي إلى الجنَّةِ، ولا يزالُ الرَّجلُ يصدُقُ ويتحرَّى الصِّدقَ حتَّى يُكتَبَ عندَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وإِيَّاكم والكذِبَ، فإنّ الكذِبَ يهدي إلى الفُجورِ، وإنّ الفجورَ يهدي إلى النَّارِ، ولا يزالُ الرَّجلُ يكذِبُ ويتحرَّى الكذِبَ حتَّى يُكتَبَ عندَ اللَّهِ كذَّابًا).


مفهوم الديمقراطية لغةً: كلمة الديمقراطية (بالانجليزية: democracy أصلها باليونانيةٍ demosKratia )؛ حيث تتكون الكلمة من جزأين: الجزء الأول من كلمة (ديموس: باليونانية Demos)، ومعناها: عامة الناس، أو الشعب، والجزء الثاني (كراتوس: باليونانية Kratia/Kratos) وتعني: حكم، فيُعطى مجموع الكلمة معنى وهو: حكم الشعب، أو حكم عامة الناس.[١] اصطلاحاً: هي أحد أنظمة الحكم القائمة، الذي يكون فيها الحكم، أو التشريع، أو سلطة إصدار القوانين من حقّ الشعب، أو الناس، أو الأمّة (التي كان ظهور مفهومها لاحقاً لمفهوم الشعب). وباختصار فإن الديمقراطية تعني أن يكون الحكم للشعب (حكم الشعب للشعب) وهي أهمّ خاصيّةٍ تميّز الديمقراطية عن غيرها من أنظمة الحكم. [٢] وترى دائرة المعارف البريطانية أنّه يمكن استخدام الديمقراطية لمعانٍ عدة منها: النيابية، والقانونية، والمباشرة. أما الديمقراطية المباشرة فهي التي تُعتبر شكلاً من أشكال الحكم العديدة، حيث يمارس المواطنون فيها حق اتخاذ القرار في الأمور السياسية بناءً على رأي الأغلبيّة، وقد تُستخدم كلمة الديمقراطية أيضاً لوصف أيّ نظام آخر؛ سياسيّاً كان أم اجتماعيّاً أم اقتصاديّاً. أما دائرة المعارف الأمريكية فتعرّف الديمقراطية بأنّها: الطرق المختلفة التي تجعل الشعب مشتركاً في الحكم، وهذه الطرق منها المباشرة، ومنها الليبرالية التي تعتمد على التمثيل الشعبي، والحكومة الدستورية، وحق الانتخاب العام، وهذا النوع من الديمقراطية سائدٌ في الولايات المتحدة وبريطانيا.[٣] ولأن تطور الدساتير يسير جنباً الى جنب مع تطوّر فكرة الديمقراطية؛ فقد مرت الحركة الدستورية في العالم بالعديد من التغيرات، منها ما كانت تأسيسيّة، مثل الدستور الأمريكي والفرنسي، ومنها ما كانت لدساتير دول مستقلة حديثاً، أو ظهرت بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، كما هو الحال في دول أوروبا الشرقية، ومنها ما كانت انطلاقتها مع صعود قوى جديدة، كالهند وتركيا والبرازيل. وعلى الرغم من وجود مسارات تحول ديمقراطي عديدة، إلا أنّ تلك الدول اعتمدت على مجموعةٍ معينةٍ من العوامل عند كتابة واعتماد دساتيرها، أهم تلك العوامل: مستوى التطور الاجتماعي في البلد، وظروف البلد الإقليمية والدولية في لحظة التحول الديمقراطي، ولهذا السبب فإن الدستور والنظام المناسبَين لبلدٍ معين قد لا يتناسبان مع آخر، فالتحول الديمقراطي لدولة ما لا يكون إسقاطاً للدستور القديم بشكلٍ كامل بالضرورة، بل قد يكون بإجراء مجموعةٍ من التعديلات عليه؛ ليتناسب مع المرحلة الجديدة وطبيعتها.[٤] أنواع الديمقراطية يمكن تقسيم الديمقراطية، إلى نوعين وهي:[٥] الديمقراطية المباشرة: أو ما يُدعى بالديمقراطية النقيّة، حيث يصوّت الشعب على القرارات التي تصدر من الحكومة، كالمصادقة على القوانين التي تم وضعها حديثاً أو رفضها، وسُميت بالديمقراطية المباشرة؛ لأنّ الناس فيها يمارسون حقهم بشكلٍ مباشر في صنع القرار دون وجود وسطاء، أو من ينوب عنهم، وقد كان هذا النوع من أنواع الحكم نادراً، لوجود صعوبة في وجود وجمع الأفراد في مكان واحدٍ، من أجل إجراء عملية التصويت على القرارات التي تم وضعها، ولذلك فإنّ جميع الديمقراطيات السابقة ذات النوع المباشر كانت في حدود مجتمعاتٍ صغيرة، وممن اشتهر بالديمقراطيات المباشرة أثينا القديمة. الديمقراطية النيابية: وهو النظام السياسي الذي يُصوَّت فيه على اختيار أعضاء الحكومة من قِبل أفراد الشعب، وهؤلاء الأعضاء يتخذون القرارات التي تتلاءم مع مصالح الناخبين، وسُميت كذلك لأنّ الشعب لا يصوت بنفسه على القرارات التي تتخذها الحكومة، بل ينتخب النواب الذين يقرّرون عنهم، وقد انتشر هذا النوع من الديمقراطية في الأزمنة الأخيرة، حتى أصبحت أغلبية سكان العالم يسيرون في حكمهم على هذا النوع النيابي، والذي يُطلق عليه أيضاً (في حالات خاصّة) بالنظام الجمهوري. الديمقراطية والإسلام يعتبر موضوع الديمقراطيّة من المواضيع الفضفاضة التي تتسع لأكثر من رأي واحد ووجهة نظر واحدة؛ بحكم التغير الذي طرأ على المفهوم عبر الزمن والذي أدّى إلى صعوبة تعريف المصطلح بشكل متّفق عليه. ولهذه الأسباب وغيرها تعدّدت الآراء في الديمقراطية ونقدها، فصار من الصعب طرحها ومناقشتها سويّة في مقال، أو حتّى في كتاب واحد. وهذه بعض الأمثلة على ما ذُكر.[٦][٧] الرأي الموافق للديمقراطية في الإسلام يرى عباس محمود العقاد أنّ شريعة الإسلام هي أسبق الشرائع الأخرى في تقرير وجود الديمقراطية الإنسانية، والتي يُقصد منها الديمقراطية، التي هي حق للإنسان يكسبها بإرادتهِ، فلهُ أن يختار حكومته بها، فهي لم تُوضع لاتقاء شرٍ معين، أو وضع حدٍ لفتنةٍ ما، وإنما هي أحد الإجراءات التي تستخدمها الحكومات لتيسير الطاعة المطلوبة، والاستفادة من خدمات العاملين لديها، وأصحاب الأجور، وتقوم الديمقراطية الإسلامية على أربعة أسس، تتميز بها عن غيرها من الأنظمة الديمقراطية الأخرى وهي: المسؤولية الفردية، وهذه تكررت وجودها في مواقع كثيرةٍ في القرآن الكريم؛ فالإنسان لا يُحاسب بذنب غيره، قال تعالى: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ)[٨]، وكذلك لا يُحاسب الإنسان بذنبٍ ارتكبه آباؤه أو أجداده. عموم الحقوق بين الناس، وتساويهم فيها، حيث دعا القرآن إلى المساواة في النسب والعمل، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)[٩] وجوب الشورى في الحكم على ولاة الأمر، فقد أوجب الله سبحانه وتعالى الحكم بالشورى فقال: (وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ)،[١٠]، وقال في موضعٍ آخر: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ)،[١١] وقد طبق النبي -صلى الله عليه وسلم- مبدأ الشورى في مواقف كثيرة فأخذ بآراء أصحابه بعد مشاورتهم، وعمل بما قالوا على خلاف ما ارتآه. التضامن بين أفراد المجتمع على اختلاف الطوائف، والطبقات، حيث تعيش الأمة معاً بتكافلٍ، وتضامنٍ، ويدفع كل فردٍ منها الشر عن الآخر، بقدر استطاعتهِ، ويقول العقاد: إذا وُجدت هذه الأسس الأربعة التي تقوم عليها الديمقراطية، ولا تقوم على غيرها، فليس مهماً ما أُطلق عليها من أسماءٍ، غابرةٍ أم حاضر


القلق يُعدّ القلق مفهوماً واسع الانتشار على الرغم من اختلاف مُسبّباته، وظروفه، والأحداث التي تحيط به من شخص لآخر، وبفعل الظروف الحياتية اليومية التي يواجهها الشخص؛ كالتعرض للتجارب والخبرات الجديدة، والحاجة إلى اتّخاذ بعض القرارات المصيريّة وغيرها من الظروف بشكل عامّ، فإنّ الجميع مُعرَّضون للمرور بحالة من القلق بين الحين والآخر.[١] ويظهر القلق غالباً على الفرد عند مشارفته على الدخول في تجارب محفوفة بالمخاطر، تظهر فيها الحاجة إلى اجتياز التحديات المختلفة بسهولة ونجاح، فالقلق بذلك هو ردّة فعل واستجابة طبيعية، أمّا في حال استمرّت نوبات القلق مدّةً طويلةً، وبشكل مبالغ فيه مع تضخيم بعض المثيرات ممّا يؤدّي إلى ظهور الاستجابات غير المناسبة، فإنّ القلق سيؤثّر سلباً على استمرار حياة الفرد بشكر طبيعيّ ومستقرّ.[١] قلق الامتحان والتحصيل من الممكن تعريف كلٍّ من قلق الامتحان وقلق التحصيل على النحو الآتي: قلق التحصيل قلق التحصيل هو الشعور الذي يُلازم الطالب أثناء تعرُّضه للمواقف والمشكلات التي تتعلق بالبيئة التعليمية أو المدرسية؛ فهي حالة نفسية انفعالية تتمثل في العديد من الأبعاد والظروف؛ كالضغوط النفسية التي تلازم الطالب أثناء عمليّة المذاكرة، مثل: القلق، والتوتر، وفقدان التركيز، والخوف، كما يظهر قلق التحصيل على الطالب من خلال العديد من الاستجابات والاضطرابات الفسيولوجيّة غير الطبيعية، مثل: التعب، والإعياء، وفقدان الشهية، بالإضافة إلى مشاعر الخوف والرّهبة من المعلم أو الأستاذ، والخوف من مواجهته، ويظهر قلق التحصيل أيضاً على هيئة مجموعة الضغوط والاضطرابات النفسية التي تلازم الفرد قبل فترة الاختبارات، وما يلازمها من خوف وتوتر وحالات ارتباك.[٢] قلق الامتحان قلق الامتحان هو قلق عامّ تصاحبه حالة انفعالية تتّسم بالتوتر والخوف، تصيب الفرد في مراحل مختلفة، وترتبط هذه الحالة بالامتحانات وبعملية التقييم، فتظهر على الطلاب العديد من علامات الاضطراب والتوتر والقلق، ويتمثل خطر هذا النوع من القلق عند وصوله مرحلة متقدمة؛ وذلك عند انتقال القلق من مرحلة الدافع الإيجابي والتحفيزي وبذل الجهد والسعي إلى المزيد من الإنجازات والنجاحات، إلى مرحلة غير طبيعية وغير سوية، تقف عندها أعراضه في وجه استقرار الطالب ونجاحه قبل مرحلة التقييم أو النجاح وأثناءها.[٣] تحدّث علماء النفس عن العلاقة الوطيدة التي تربط ظاهرة القلق بعملية التعلم؛ حيث أظهرت نتائج بعض الدراسات أنّ عدداً من الطلاب يظهر مستواهم بشكل أقل من مستوى قدراتهم الحقيقي أثناء عملية التقييم، بفعل تعرُّضهم لبعض المواقف أو الظروف التي تتّسم بأجواء التوتر والضغط النفسيّ كمرور الفرد بعملية الاختبار؛ فقد يظهر على الطلاب علامات الاضطراب والتوتر، وهذا ما يُطلَق عليه عادةً قلق الامتحان.[٣] مكوّنات قلق الامتحان والتحصيل عناصر قلق التحصيل والامتحان ومكوّناته هي كما يأتي:[٣] المكوّن المعرفي: ويُسمّى بالانزعاج المتواصل، والانشغال المستمرّ من قبل الطالب بالتفكير بشكل كبير في توابع فشله إن حصل، ويتبع هذا الانزعاج الخوف من فقدان الفرد لمكانته وتقديره لذاته، ويشكّل ذلك سمة القلق. المكوّن الانفعالي: هي استجابات الفرد الانفعالية التي تظهر بالضيق، وعدم الارتياح، ونوبات التوتر والهلع قبل الامتحان وأثناءه، بالإضافة إلى الكثير من الأعراض الفسيولوجية الانفعاليّة. أعراض قلق الامتحان والتحصيل يُظهِر قلق التحصيل والامتحان الكثير من الأعراض المختلفة عند الطالب، منها:[٤] صعوبة النوم والأرق والتوتر، وسيطرة بعض الأفكار الوسواسية في مرحلة ما قبل الامتحان وأثناء فترة التحصيل. بعض الأعراض الفسيولوجية كتسارع خفقان القلب، وجفاف الحلق والشفتين، وغزارة التعرق، وآلام البطن، بالإضافة إلى ضيق النفس. اضطراب أداء العمليات العقلية، مثل: التركيز، والتفكير، والتذكر. تشتُّت الانتباه، وتدنّي القدرة على التركيز وتذكر المعلومات عند الحاجة إليها، سواءً في الامتحان أو المواقف التعليمية المختلفة. الحدّ من الآثار السلبية لقلق الامتحان والتحصيل اقترح بعض الأخصائيين النفسيين والمرشدين بعض الإجراءات والخطوات العملية؛ للحد قدر الامكان من الآثار السلبية من قلق التحصيل والامتحان، ومن هذه الإجراءات ما يأتي:[٥] مساعدة الفرد في فهم ذاته والآخرين والمشكلات من حوله. تقديم الإرشادات اللازمة للفرد؛ لرفع مستوى ثقته بنفسه وتقديره لذاته، وشعوره بالأمان. التدريت المستمر على عملية الاسترخاء كتمارين التنفس والتخيل. التدريب على استخدام المفردات الإيجابية التحفيزية، والابتعاد عن الخطاب الذاتي السلبي. تشجيع الطالب على الاستثمار والاستغلال السليم والمثمر للوقت، والحفاظ على العادات الدراسية السليمة ومحاولة التغلب على العادات الدراسية السليمة التي تساعد على استقراره النفسي. التدرب على التفريغ الانفعالي؛ باللعب، وتمثيل الأدوار، وغيرها. القلق عند الأطفال قلق الطفولة هو خوف الطفل من المجهول الذي يتمثل في مجموعة الدوافع الذاتية كالعدوانية وأنواع الرغبات، وفي أغلب الأحيان تنتج عن هذه الدوافع سلوكيات تواجه بالعقاب والتوبيخ، فتكبح رغبة الطفل في التعبير عنها، وهذه الدوافع لا تموت بل تبقى كامنةً في نفس الطفل؛ بحيث تظل قابلة للاستثارة، وفي حال تم استدعاؤها فإن الطفل يعيش في حالة من الخوف من العقاب الذي يمكن أن يتلقاه، إلا أنه يجهل سبب هذا الخوف ولا يستطيع تفسيره، مما يجعله في حالة من القلق العام، وتعددت أسباب ظهور هذا القلق عند الأطفال، ومن هذه الأسباب:[٦] فقدان الطفل للأمن والأمان. التذبذب في معاملة الطفل من قبل المُربّين في المؤسسات التعليمية، والوالدين في المنزل أساليب التنشئة الأسرية غير السويّة، مثل: الإهمال، والنقد المستمر من قبل الوالدين، وتحدّثهما المستمر عن أطفالهما أمام الآخرين وعلى مسمع من الطفل. علاج القلق عند الأطفال من الممكن مساعدة الطفل القلق في تغلبه على قلقه، أو وقاية الطفل العادي من تعرضه للقلق بالعديد من الطرق، منها:[٦] تدريبه على مهارات الاسترخاء. مساعدة الطفل وتدريبه على استخدام الإستراتيجيات التي تساعده على مقاومة القلق؛ كطلب التفكير في الخبرات والمواقف السعيدة والهادئة، وتوجيهه عند تعرضه للمشكلات المختلفة، ومساعدته على اختيار الجوانب والطرق المناسبة لحلها. تشجيع الطفل على تنفيسه عن انفعالاته، وتعبيره عن مشاعره


تعريف التَّسامح يُشيرُ لفظ التّسامح -المُشتقّ من الفعل تسامَح الخماسيُّ اللازم المعتدِّي- إلى التَّساهل والتَّهاون واللين، ومن مدلولاته اللغويَّةُ الحِلمُ والعفوُ والمُسامحة؛ أي غُفرانُ الحقوقِ، والعفوِ عن الخطأ، والموافقة على الصَّفح.[١] وتدلُّ السَّماحةُ لُغةً على السَّلاسة، والمُساهلة، والتهاونِ، والحِلم، والرِّفق، وفي النُّظم الفلسفيَّة العالمية يُنظر إلى التسامح على أنَّه احترامٌ تبادليٌّ بين الأفرادِ والآراء، وإظهار اللطف والأدب فيما يُعبِّر عنه الآخرون لفظيّاً أو سلوكيّاً، مهما كان مستواه صحيحاً كان أم خاطئاً.[٢] أمَّا في اصطلاح اللغةِ والعلوم فيجتمعُ الفلاسفة وأهل اللغة والاجتماع على وصف التَّسامح كقيمةٍ بأنَّه العطاءُ والبَذلُ المُتفضِّلُ الذي لا إجبار فيه ولا واجب، وهو السُّهولة في المعاملات، وإنفاذ الأمور وتيسيرها وفي اللينِ والتلطُّف.[٣] قيمة التَّسامح يعدُّ خُلُق التَّسامح من أهمِّ القِيم الإنسانيَّة الحياتيَّة العالميَّة؛ إذ يُنظَر إليه على صعيد الفرد كمُكتسَبٍ قِيَميّ راقٍ؛ يُعزِّز احترام الفردِ لذاته وارتباطه بالآخرين، كما يُنظَر إلى التَّسامح مجتمعيّاً على أنَّه تشريعٌ ذاتيٌّ مُستحَقٌّ؛ يضمن تحصيل الحقوقِ وأداء الواجباتِ ليخلق مجتمعاً مُتراحماً مُلتحماً، وتُشكِّل هذه النَّظرة تجاه التَّسامح مسؤوليَّةً سياسيَّةً وكياناً قيميّاً، يُحتِّم على الجميع احترامه والالتزام بمضمامينه وأخلاقيَّاته.[٢] وقد نصَّت العديد من البيانات والإشعارات والتَّقارير الأُمَميّة الحديثة على أهمية تعميم التَّسامح كسمة جماهيريَّة عالميَّة؛ لما يترتَّب عليها من حفظ الأرواح والحريات والحقوق، وتجنيب العالم ويلات الحروب والتَّشريد، والتَّركيز على المنجزات، والسعي إلى تطوير الشعوب بدلاً من صناعة الأزمات، ومن ذلك ما تضمَّنه الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان سنة ألفٍ وتسعمئةٍ وثمانيةٍ وأربعين في معرض سعيه لتعميم التَّسامح؛ حيث ضمَّن الإعلان في بنده الأوَّل تأكيداً على حريَّةِ الأفراد منذ ولادتهم، وحقِّهم في حفظِ حياتهم وكرامتهم، وأشار في مادّته السّادسة والعشرين إلى أنَّ تنمية التَّسامح لدى الأفراد كلّهم على اختلاف جنسيَّاتهم وأعراقهم ودياناتهم هو أحد أهداف التّربية.[٤] أثر التسامح في حياة الفرد والمجتمعات لا تتوقَّف أهميَّة التَّسامح وقيمته على المعاملات الفرديَّة البسيطة وأنماط العلاقات بين الأفراد، بل إنَّ التَّسامح حاجةٌ مجتمعيَّة مُلحَّةٌ وأساسٌ تقومُ عليه كافَّةُ المجتمعات البشريَّة، فالصورة الأخلاقيَّة والواقعيَّة للتَّسامح تنعكس على جميع أنظمة المجتمعات وتقدُّمها وتطوّرها، وعلى فرض انتفاء هذه القيمة المجتمعية ستنتشر مفاهيم العنف والتعصُّب والتطرّف، فتتعطَّل المصالح، وتنهدم الحضارات وتتزعزع عوامل أمنها واستقرارها، وتظهر سيادة الآراء المفروضة.[٤] مفهوم التسامح في الحضارات يتعلَّقُ مفهوم التَّسامح عند الغرب برُكنَين مترابطين، هما الحقوق والواجبات؛ إذ يتعيَّن على الإنسان أن يعرف حقوقه ومبرِّرات الحصول عليها من جهة، ويفهم واجباته ودوافعه تجاه تحقيقها من جهة أخرى، ويشيرُ تعريف التَّسامح بناءً على هذه المرتكزات إلى تدشين المعاملات بما يتناسب مع الاختلافات؛ فالتَّسامح هو نوعٌ من القدرات التي تُحتِّم على الإنسان العيش مع المتغيِّرات، والتصرُّف السويّ مع كافَّة الاختلافات والتداخلات مع تعميم ثقافة احترام تلك الاختلافات، ممّا يُنتج بيئةً تكامُليَّة من التعاملات البشرية القائمة على مبادئ المساواة واحترام الآخر، وعلى الرّغم من كونِ تلك القيمة وذلك الخُلُقِ مَنزوعاً من نفوسِ الأفرادِ بالترغُّب لما يتطلَّب من بَذلٍ غير أنَّهم يحافظون عليهِ؛ امتثالاً لحاجتهم إلى التَّعامل بالمثل والشُّعورِ بالعدل؛ إذ يتضمَّن التَّسامح في مجتمعات الغرب السَّماح لأمرٍ ما أن يحدُث أو يُفعَل على الرُّغم من كراهيَّته كنوعٍ من التعامل مع الاختلافات، ذلك تماماً ما تُمثِّله سلطةُ الدَّولة تجاه التَّدخين والخمور وغيرها من المسموحات التي كان الأصل فيها المنع.[٥] التَّسامح سِمة إسلاميَّة يحملُ المفهومُ الإسلاميُّ للتَّسامح قيمةً مخصوصة ومرغوبةً؛ إذ لا يتركَّن التَّسامح في مفهومه الإسلامي إلى مبادئ الحقوق والواجبات، ولا يكون في الشرائع والحدود والمحرَّمات، ولا يطالُ القوانين والقضاءَ، بل إنَّه يخصُّ العلاقات النَّاظمة لتوادِّ النَّاس ومعاملاتهم وحسنِ معاشرتهم؛ بتركِ ما لا يجبُ تفضُّلاً وتنزُّهاً بكرمٍ يُظهره القويُّ صاحب السُّلطةِ، والحقّ على الضَّعيفِ المُتكفِّلِ بأداءِ الحقِّ والمُلزَمِ فيه مع قدرةِ الأوَّل على تحصيلِ حقِّه، ثمّ يتركهُ صفحاً وعفواً.[٥] وتتجلَّى قيمةُ التَّسامح في الإسلامِ من خلالِ تعميمِ النَّظرة الأخلاقيَّة والإنسانيَّةِ إلى ركائزَ مختلفةٍ وأخلاقٍ شتَّى تُحقّق مجتمعةً المساواة والعدل، وتُرسِّخُ مبادئ الاعترافِ بالآخرِ واحترامِ المناهج والأفكارِ والمعتقداتِ والاختلافات مهما تنوَّعت وتعدَّد أتباعها، وتجمعُ ذلك كلَّه إنسانيَّةُ البشرِ وتكافلهم، ليُرسِّخ الإسلام من خلال التَّسامحِ مبادئ الإخاء الإنسانيِّ، ويُنظِّم تعاملات النَّاسِ وتعايشهم بما يتناسبُ مع تنوِّعِ دياناتهم وأعراقهم وانتماءاتهم وألوانهم، وأكَّدت الفلسلفة الإسلاميَّة على سُلطةِ كلِّ تلك المفاهيم وارتباطها بالتَّسامح كقيمة في العديدِ من المقدِّمات التي أبرزها فلاسفة الإسلامِ ومنطلقاتهم التي شرحوا التَّسامح من خلالها، فالتَّسامح ضمانُ التقدُّمِ وأساسُ بنائه، ولا يمكن لرجل واحدٍ أن يحيط بالحقيقة، بل إنَّ الحقيقةَ قد تتعدَّى الجميع فلا يحيط بها أحد، كما أنَّ الجميع مُعرَّضون للخطأ، والوصول إلى الحقيقة يستدعي المُشاركة من الجميع مهما اختلفوا وتنوَّعوا، وهذا ما يُبيِّن بحقٍّ ضرورة انتهاج التَّسامح وتدجينه كخلقٍ، مع التمسُّكِ بديموميته واستمراره مع استمرار الحياة.[٦] إنَّ تحقيقَ التَّسامح بين النَّاس وتعميمه بينهم ليشملَ جميع معاملاتهم وأمور حياتهم، يتطلَّب تأكيداً تربوياً دستورياً يرعاه، ويُنظِّمه، ويضمنُ ترتيبه واستحقاقه، ويكفلُ إنفاذه بلا ضرر ولا غُبن، فقد ضمن الإسلامُ حقوقَ النَّاسِ وأكَّدَ على تمامها وعدم الانتقاصِ من حقوقهم شيئاً مهما كانت مستوياتهم ودرجاتهم بالنَّسبِ والمالِ والشَّرف وغير ذلك، بل إنَّه رعى الأطراف جميعاً دون انتقاصٍ لحقٍّ أو مُراوغةٍ وميلٍ لفئة، حتَّى إنَّه مَنح النَّاس من أصحابِ الدّيانات الذين يعيشون في أرضِ الإسلام حقوقهم كاملةً، وأوَّلها حقُّ اختيار الدِين والأمن على اختياره. والإسلام بصفته دين الإنسانيَّةِ والتَّسامح يسعى إلى تحقيق التواؤم والتَّوادِّ والتَّعاطف والإحسانِ بين النَّاس جميعاً دون حصرٍ لهذه القيم لأفراده أو أتباعه فقط، وبذلكَ فقد تميَّزَ الإسلامُ بقيمة التَّسامح حتَّى جعلها سِمته البارزة، ونظَّم هذه القيمة بما يتوافقُ مع معناها الإنسانيِّ الشموليِّ، فقضى بضمانِ الحقوقِ أوّلاً، ثمَّ عمَّم العدلَ، ودعا إلى التَّراحم والتَّنازل عن الحقوقِ، والعفو عند القدرة، والعَدلِ بما يملك كلُّ فردٍ من قدرته وسلطته.

alshamelnews

{picture#https://1.bp.blogspot.com/-XSB6eD5uNZY/XzOtz8Qxd3I/AAAAAAAAAxc/qAiFhWAjygI5p1u3Y05HD9F4bK_J8wSfgCLcBGAsYHQ/s0/%25D8%25B4%25D8%25A7%25D9%2585%25D9%2584.jpg} اعجبك المقال يرجى مشاركة الموضوع لتعم الفائدة
يتم التشغيل بواسطة Blogger.