‏إظهار الرسائل ذات التسميات إسلام. إظهار كافة الرسائل

 أدعية تفريج الكرب من السُّنة تتخلّل المشاكل حياة الكثير من الناس، وتملأ الهموم صدورهم، ومن الأدعية التي يُمكن أن يدعوا بها ربّهم عند الكُرب من سنة المصطفى صلّى الله عليه وسلّم: (اللَّهمَّ إنِّي عَبدُك، وابنُ عبدِك، وابنُ أمتِك، ناصِيَتي بيدِكَ، ماضٍ فيَّ حكمُكَ، عدْلٌ فيَّ قضاؤكَ، أسألُكَ بكلِّ اسمٍ هوَ لكَ سمَّيتَ بهِ نفسَك، أو أنزلْتَه في كتابِكَ، أو علَّمتَه أحدًا من خلقِك، أو استأثرتَ بهِ في علمِ الغيبِ عندَك، أن تجعلَ القُرآنَ ربيعَ قلبي، ونورَ صَدري، وجَلاءَ حَزَني، وذَهابَ هَمِّي)،[١] (اللَّهمَّ رَحمَتَكَ أرْجو، فلا تَكِلْني إلى نَفْسي طَرْفةَ عَيْنٍ، أصْلِحْ لي شَأْني كُلَّهُ، لا إلهَ إلَّا أنتَ).[٢] (اللهُ، اللهُ ربي، لا أُشركُ به شيئًا).[٣] (لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ والأرْضِ، ورَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ).[٤] (لا إلهَ إلَّا أنت سبحانَك إنِّي كنتُ من الظَّالمين)،[٥] (أنَّ فَاطِمَةَ، أَتَتِ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ خَادِمًا وَشَكَتِ العَمَلَ، فَقالَ: ما أَلْفَيْتِيهِ عِنْدَنَا قالَ: أَلَا أَدُلُّكِ علَى ما هو خَيْرٌ لَكِ مِن خَادِمٍ؟ تُسَبِّحِينَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتَحْمَدِينَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتُكَبِّرِينَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، حِينَ تَأْخُذِينَ مَضْجَعَكِ).[٦] (اللَّهمَّ ربَّ السَّمواتِ السَّبعِ، وربَّ العرشِ العظيمِ، ربَّنا وربَّ كلِّ شيءٍ، أنتَ الظَّاهرُ فليس فوقَكَ شيءٌ، وأنتَ الباطنُ فليس دونَكَ شيءٌ، مُنزِلَ التَّوراةِ، والإنجيلِ، والفُرقانِ، فالقَ الحَبِّ والنَّوى، أعوذُ بكَ مِن شرِّ كلِّ شيءٍ أنتَ آخِذٌ بناصيتِه، أنتَ الأوَّلُ فليس قبْلَكَ شيءٌ، وأنتَ الآخِرُ فليس بعدَكَ شيءٌ، اقضِ عنَّا الدَّينَ وأَغْنِنا مِن الفقرِ).[٧] (اللهمَّ إنِّي أسْألُكَ بأنَّ لكَ الحَمدَ لا إلَهَ إلَّا أنتَ، المنَّانُ، بَديعُ السَّمواتِ والأرْضِ، ذا الجَلالِ والإكْرامِ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ، إنِّي أسألُكَ).[٨] (اللهمَّ مالكَ الملكِ تُؤتي الملكَ مَن تشاءُ، وتنزعُ الملكَ ممن تشاءُ، وتُعِزُّ مَن تشاءُ، وتذِلُّ مَن تشاءُ، بيدِك الخيرُ إنك على كلِّ شيءٍ قديرٌ . رحمنُ الدنيا والآخرةِ ورحيمُهما، تعطيهما من تشاءُ، وتمنعُ منهما من تشاءُ، ارحمْني رحمةً تُغنيني بها عن رحمةِ مَن سواك).[٩] (اللَّهمَّ اكفِني بحلالِك عن حرامِك واغنِني بفضلِك عمَّن سواك).[١٠] (اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتهِِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأوََّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ).[١١] (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْفَقْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ عَنِّي خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِي مِنَ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ).[١٢] (رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي كُلِّهِ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطَايَايَ وَعَمْدِي وَجَهْلِي وَهَزْلِي، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).[١٣] أدعية لتفريج الكرب ليس على المؤمن أن ييأس إذا ما اصابه همّ أو كرب، بل عليه أن يؤمن بالقضاء والقدر، ويعلم أنّ الله هو الذي يفزع المكروب، ويغيث المنكوب، وأن يدعو الله موقناً بالإجابة، وأن يحسن الظنّ بالله ويلحّ عليه بالدعاء إلى أن يزيل الله الهمّ، ويكشف الغمّ، ويفرّج الكرب، وفيما يأتي أدعية لتفريج الكرب: اللَّهُمَّ إِنِّي أسألُكَ أن تَجعَلَ خَيْرَ عَمَلي آخِرَهُ، وَخَيرَ أيامي يَوماً ألقاكَ فيه، إنَّك عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدير. يا ودود، يا ودود، يا ودود، يا ذا العرشِ المجيد، يا مُبدئ يا معيد، يا فعال لما يريد، أسألك بنور وجهك الذي ملأ أركان عرشك، وأسألك بقدرتك التي قدرت بها على جميع خلقك، وأسألك برحمتك التي وسعت كل شيء، لا إله إلا أنت، يا مُغيث أغثني. اللَّهُمَّ مَن عاداني فَعادِه، وَمَن كادَني فَكِدهُ، وَمَن بَغَى عَلَيَّ بِهَلَكَةٍ فَأهلِكهُ، وَمَن أرادَنِي بِسوءٍ فَخُذهُ، وأطفِأ عَنِّي نارَ مَن أشَبَّ لِيَ نَارَهُ، وَاكفِنِي هَمَّ مَن أدخَلَ عَلَيَّ هَمَّه، وَأدخِلني في دِرعِك الحَصينَة، وَاستُرني بِسِترِكَ الواقي، يا مَن كَفاني كُلَّ شَيءٍ اكفِني ما أَهَمَّني مِن أمرِ الدُّنيا والآخِرَة، وَصَدِّق قَولي وَفِعلي بالتَحقيق، يا شَفيقُ يا رَفيقُ فَرِّج عَنِّي كُلَّ ضيق، وَلا تُحَمِّلني ما لا أطيق. اللهمّ أنتَ إلَهي الحَقُّ الحَقيق، يا مُشرِقَ البُرهانِ، يا قَوِّي الأركانِ، يا مَن رَحَمَتُهُ فِي كُلِّ مَكانٍ وَزَمان وَفِي هَذا المَكان، احرُسني بِعَينِك التي لا تَنام، واَكنُفْني في كَنَفِكَ الذي لا يُرام، إنَّهُ قَد تَيَقَّنَ قَلبِي أن لا إِلَهَ إلاَّ أنت، وإنِّي لا أهلَكُ وأنتَ مَعيَ يا رَجائي، فَارحَمني بِقُدرَتِكَ عَلَيَّ، يا عَظيماً يُرجَى لِّكُلِّ عَظيم، يا عَليمُ يا حَليم، أنتَ بِحالَتي عَليم، وَعَلَى خَلاصي قَدير، وَهُوَ عَلَيكَ يَسير، فَامنُن عَلَيَّ بِقَضائِها يا أكرَمَ الأكْرَمينَ، يا أجْوَدَ الأجوَدينَ، وَيا أسرَعَ الحاسبِينَ، يا رَبَّ العالمَين، ارحَمني وَارحَم جَميعَ المُسلِمينَ، إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدير. اللَّهُمَّ استَجِب لَنا كَما استَجَبت لَهُم، بِرحمَتِكَ عَجِّل عَلَينا بِفَرَجٍ مِن عِندِكَ، بِجودِكَ وَكَرَمِكَ، وَارتِفاعِكَ في عُلُوِّ سَمائِكَ، يا أرحَمَ الراحمين. إلهي، يا مَن لا يَشغَلُهُ شَيءٌ عَن شَيء، يا مَن أحاطَ عِلمُهُ بِما ذَرأ وَبَرأ، وَأنتَ عالِمٌ بِخَفِيّاتِ الأمورِ، وَمُحصِي وَساوِسَ الصُدُورِ، وأنت بِالمَنزِلِ الأعلى، وَعِلمُكَ مُحِيطٌ بِالمَنزِلِ الأَدنى، تَعالَيتَ عُلُواً كَبيراً، يا مُغيثُ أغِثني، وَفُكَّ أسري، وَاكشِف ضُرِّي، يا أرحَمَ الراحمين. يا أكرم الأكرمين، اللهمّ ارحمني وارحم جميع المذنبين من أمّة محمّد صلّى الله عليه وسلم، إنّك على كلّ شيء قدير، اللهمّ استجب لنا كما استجبت لهم برحمتك، وعجّل علينا بفرجٍ من عندك بجودك وكرمك، وارتفاعك في سمائك يا أرحم الرّاحمين، إنّك على ما تشاء قدير، بِسمِ الله ذِي الشّأن، عَظيمُ البُرهان، شَديدُ السُلطان، كُلَّ يَومٍ هُوَ فِي شَأن، ما شاءَ اللهُ كان، وَلا حَول وَلا قُوةَ إِلاَّ بِاللهِ العَليِّ العَظيم، وصلّى الله على محمّد خاتم النبيّين، وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم اكشف عني كل بلوى، يا عالِم كل خفية، يا صارف كل بليّة، أغثني، أدعوك دعاء من اشتدت به فاقته، وضعُفت قوته، وقلت حيلته، دعاء الغريق المضطر، اللهم ارحمني وأغثني، والطف بي، وتداركني بإغاثتك، اللهم بك ملاذي، اللهم أتوسل إليك باسمك الواحد، والفرد الصمد، وباسمك العظيم فرج عني ما أمسيت فيه، وأصبحت فيه، حتى لا يخامر خاطري وأوهامي غبار الخوف من غيرك، ولا يشغلني أثر الرجاء من سواك، أجرني، أجرني، أجرني، يا الله، اللهم يا كاشف الغم والهموم، ومفرج الكرب العظيم، ويا من إذا أراد شيئًا يقول له: كُن فيكون، رباه رباه أحاطت بي الذنوب والمعاصي، فلا أجد الرحمة والعناية من غيرك، فأمدني بها. اللهم اكفني ما أهمني، وما لا أهتم له، اللهم زودني بالتقوى، واغفر لي ذنبي، ووجهني للخير أينما توجهت، اللهم يسرني لليسرى، وجنبني العسرى، اللهم اجعل لي من كل ما أهمني وكربني سواء من أمر دنياي وآخرتي فرجًا ومخرجًا، وارزقني من حيث لا أحتسب، واغفر لي ذنوبي، وثبت رجاك في قلبي، واقطعه ممن سِواك، حتى لا أرجو أحدًا غيرك، يا من يكتفي من خلقه جميعًا، ولا يكتفي منه أحد من خلقه، يا أحد، من لا أحد له انقطع الرجاء إلا منك. اللهم إني أسألك يا من لا تغلطه المسائل، يا من لا يشغله سمع عن سمع، يا من لا يبرمه إلحاح الملحين، اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء، اللهم اكشف عني وعن كل المسلمين كل شدة وضيق وكرب، اللهم أسألك فرجًا قريبًا، وكف عني ما أطيق، وما لا أطيق، اللهم فرج عني وعن كل المسلمين كل هم وغم، وأخرجني والمسلمين من كل كرب. يا حي يا قيوم، يا نور يا قدوس، يا حي يا الله، يا رحمن اغفر لي الذنوب التي تحل النقم، واغفر لي الذنوب التي تُورث الندم، واغفر لي الذنوب التي تحبس القِسم، واغفر لي الذنوب التي تهتِك العِصم، واغفر لي الذنوب التي تقطع الرجاء، واغفر لي الذنوب التي تُعجّل الفناء، واغفر لي الذنوب التي ترد الدعاء، واغفر لي الذنوب التي تمسك غيث السماء، واغفر لي الذنوب التي تُظلم الهواء، واغفر لي الذنوب التي تكشِف الغِطاء، اللهم إني أسألك، يا فارج الهم، يا كاشف الغم، مجيب دعوة المضطر، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمها، أسألك أن ترحمني برحمةٍ من عندك تُغنني بها عن رحمة من سواك. أغثني، أغثني، يا عزيز يا حميد، يا ذا العرش المجيد، اصرف عني شر كل جبار عنيد، اللهم إنك تعلم أنني على إساءتي وظلمي وإسرافي لم أجعل لك ولدًا ولا ندًا، ولا صاحبة ولا كفوًا أحد، فإن تُعذب فأنا عبدك، وإن تغفر فإنك العزيز الحكيم. يا من راح عبرة داود، وكاشف ضُر أيوب، يا مُجيب دعوة المضطرين، وكاشف غم المغمومين، أسألك أن تفرج همي، يا فارج الغم، اجعل لي من أمري فرجًا ومخرجًا، يا سامع كل شكوى، وكاشف كل كرب. أدعوك يا إلهي دعاء من اشتدت به فاقته، وضعفت قوته، وقلت حيلته، دعاء الملهوف المكروب الذي لا يجد كشف ما نزل به إلا منك، فرج عني ما أهمني، وتولى أمري بلُطفك، وتداركني برحمتك وكرمك، إنك على كل شيء قدير. يا لطيف، يا لطيف، يا لطيف، الطف بِي بلطفك الخفي، وأعني بقدرتك، اللهم إني أنتظر فرجك، وأرقب لُطفك، فالطف بي، ولا تكلني، إلى نفسي ولا إلى غيرك، لا إله إلا الله الرحمن الرحيم، اللهم إني أنزلتُ بك حاجتي كُلها، الظاهرة والباطنة. اللهم إن ضرورتنا قد حَفت، وليس لها إلا أنت، فاكشفها، يا مفرج الهموم، لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين، اللهم اكفني ما أهمني، اللهم يا حابس يد إبراهيم عن ذبح ابنه، يا رافع شأن يوسف على أخوته وأهله. تفريج الكرب عن الآخرين دعا ديننا الحنيف إلى مساعدة الغير، والمسارعة إلى تقديم يد العون والمساعدة، وفي ذلك الأجر العظيم، فقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن يَسَّرَ علَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عليه في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ، وَمَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فيه عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ له به طَرِيقًا إلى الجَنَّةِ، وَما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ، وَمَن بَطَّأَ به عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ به نَسَبُهُ)

 ان الظلم ظلمات يوم القيامة وهناك العديد من الايات القرانية والاحاديث النبوية التي تنهي عن االظلم كما روى عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَى عَنْ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ:"( يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا " )علما ان دعاء المظلوم مستجاب له كما روي عن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ( ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ دَعْوَةُ الْوَالِدِ وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ ) اللّهم إنّي وظالمي عبدان من عبيدك ، نواصينا بيدك ، تعلم مستقرّنا ومستودعنا ، وتعلم منقلبنا ومثوانا، وسرّنا وعلانيتنا ، وتطلع على نيّاتنا ، وتحيط بضمائرنا ، علمك بما نبديه كعلمك بما نخفيه ، ومعرفتك بما نبطنه كمعرفتك بما نظهره ، ولا ينطوي عليك شيء من أمورنا ، ولا يستتر دونك حال من أحوالنا ، ولا لنا منك معقل يحصننا ، ولا حرز يحرزنا ، ولا هارب يفوتك منّا . ولا يمتنع الظالم منك بسلطانه ، ولا يجاهدك عنه جنوده ، ولا يغالبك مغالب بمنعة ، ولا يعازّك متعزّز بكثرة أنت مدركه أينما سلك ، وقادر عليه أينما لجأ ، فمعاذ المظلوم منّا بك ، وتوكّل المقهور منّا عليك ، ورجوعه إليك ، ويستغيث بك إذا خذله المغيث ، ويستصرخك إذا قعد عنه النصير ، ويلوذ بك إذا نفته الأفنية ، ويطرق بابك إذا أغلقت دونه الأبواب المرتجة ، ويصل إليك إذا احتجبت عنه الملوك الغافلة ، تعلم ما حلّ به قبل أن يشكوه إليك ، وتعرف ما يصلحه قبل أن يدعوك له ، فلك الحمد سميعاً بصيراً لطيفاً قديراً . اللّهم إنّه قد كان في سابق علمك ، ومحكم قضائك ، وجاري قدرك ، وماضي حكمك ، ونافذ مشيّتك في خلقك أجمعين ، سعيدهم وشقيّهم وبرّهم وفاجرهم أن جعلت لظالمي عليّ قدرة فظلمني بها ، وبغى عليّ لمكانها ، وتعزّز عليّ بسلطانه الذي خوّلته إيّاه ، وتجبّر عليّ بعلوّ حاله التي جعلتها له ، وغرّه إملاؤك له ، وأطغاه حلمك عنه . فقصدني بمكروه عجزت عن الصبر عليه ، وتعمّدني بشرّ ضعفت عن احتماله ، ولم أقدر على الانتصار منه لضعفي ، والانتصاف منه لذلّي ، فوكلته إليك وتوكّلت في أمره عليك ، وتوعدته بعقوبتك ، وحذّرته سطوتك ، وخوّفته نقمتك ، فظنّ أن حلمك عنه من ضعف ، وحسب أنّ إملاءك له من عجز ، ولم تنهه واحدة عن أخرى ، ولا انزجر عن ثانية بأولى ، ولكنّه تمادى في غيّه ، وتتابع في ظلمه ، ولجّ في عدوانه ، واستشرى في طغيانه جرأة عليك يا رب ، وتعرّضاً لسخطك الذي لا تردّه عن القوم الظالمين ، وقلّة اكتراث ببأسك الذي لا تحبسه عن الباغين . فها أنا ذا يا ربي مستضعف في يديه ، مستضام تحت سلطانه ، مستذلّ بعنائه ، مغلوب مبغيّ عليّ مغضوب وجل خائف مروّع مقهور ، قد قلّ صبري وضاقت حيلتي ، وانغلقت عليّ المذاهب إلاّ إليك ، وانسدّت عليّ الجهات إلاّ جهتك ، والتبست عليّ أموري في دفع مكروهه عنّي ، واشتبهت عليّ الآراء في إزالة ظلمه ، وخذلني من استنصرته من عبادك ، وأسلمني من تعلّقت به من خلقك طرّاً ، واستشرت نصيحي فأشار عليّ بالرغبة إليك ، واسترشدت دليلي فلم يدلّني إلاّ عليك . فرجعت إليك يا مولاي صاغراً راغماً مستكيناً ، عالماً أنّه لا فرج إلاّ عندك ، ولا خلاص لي إلاّ بك ، انتجز وعدك في نصرتي ، وإجابة دعائي ، فإنّك قلت وقولك الحق الذي لا يردّ ولا يبدل : ( وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللهُ ) وقلت جلّ جلالك وتقدّست أسماؤك : ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) ، وأنا فاعل ما أمرتني به لا منّاً عليك ، وكيف أمن به وأنت عليه دللتني ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واستجب لي كما وعدتني يا من لا يخلف الميعاد . وإنّي لأعلم يا رب أنّ لك يوماً تنتقم فيه من الظالم للمظلوم ، وأتيقّن أنّ لك وقتاً تأخذ فيه من الغاصب للمغصوب ، لأنّك لا يسبقك معاند ، ولا يخرج عن قبضتك أحد، ولا تخاف فوت فائت ، ولكن جزعي وهلعي لا يبلغان بي الصبر على أناتك وانتظار حلمك ، فقدرتك عليّ يا ربي فوق كلّ قدرة ، وسلطانك غالب على كل سلطان ، ومعاد كلّ أحد إليك وإن أمهلته ، ورجوع كلّ ظالم إليك وإن أنظرته ، وقد أضرّني يا ربّ حلمك عن فلان بن فلان ، وطول أناتك له وإمهالك إيّاه ، وكاد القنوط يستولي عليّ لولا الثقة بك ، واليقين بوعدك . فإن كان في قضائك النافذ ، وقدرتك الماضية أن ينيب أو يتوب ، أو يرجع عن ظلمي أو يكفّ مكروهه عنّي ، وينتقل عن عظيم ما ركب منّي ، فصلّ اللّهم على محمّد وآل محمّد ، وأوقع ذلك في قلبه الساعة الساعة قبل إزالته نعمتك التي أنعمت بها عليّ ، وتكديره معروفك الذي صنعته عندي . وإن كان في علمك به غير ذلك ، من مقام على ظلمي ، فأسألك يا ناصر المظلوم المبغى عليه إجابة دعوتي ، فصل على محمّد وآل محمّد ، وخذه من مأمنه أخذ عزيزٍ مقتدر ، وأفجئه في غفلته ، مفاجأة مليك منتصر ، واسلبه نعمته وسلطانه ، وأفض عنه جموعه وأعوانه ، ومزّق ملكه كلّ ممزّق ، وفرّق أنصاره كلّ مفرّق ، وأعره من نعمتك التي لم يقابلها بالشكر ، وانزع عنه سربال عزّك الذي لم يجازه بالإحسان ، واقصمه يا قاصم الجبابرة ، وأهلكه يا مهلك القرون الخالية ، وأبره يا مبير الأمم الظالمة ، واخذله يا خاذل الفئات الباغية ، وابتر عمره ، وابتزّ ملكه ، وعفّ أثره ، واقطع خبره ، وأطفئ ناره ، وأظلم نهاره ، وكوّر شمسه ، وأزهق نفسه ، وأهشم شدّته ، وجبّ سنامه ، وأرغم أنفه ، وعجّل حتفه ، ولا تدع له جُنّة إلاّ هتكتها ، ولا دعامة إلاّ قصمتها ، ولا كلمة مجتمعة إلاّ فرّقتها ، ولا قائمة علوّ إلاّ وضعتها ، ولا ركناً إلاّ وهنته ، ولا سبباً إلاّ قطعته . وأرنا أنصاره وجنده وأحبّاءه وأرحامه عباديد بعد الألفة ، وشتّى بعد اجتماع الكلمة ، ومقنعي الرؤوس بعد الظهور على الأمّة ، واشف بزوال أمره القلوب المنقلبة الوجلة ، والأفئدة اللهفة ، والأمّة المتحيّرة ، والبرية الضائعة ، وأدل ببواره الحدود المعطّلة ، والأحكام المهملة ، والسنن الداثرة ، والمعالم المغيّرة ، والمساجد المهدومة . وأرح به الأقدام المتعبة ، وأشبع به الخماص الساغبة ، وأرو به اللهوات اللاغبة ، والأكباد الظامئة ، واطرقه بليلة لا أخت لها ، وساعةٍ لا شفاء منها ، وبنكبة لا انتعاش معها ، وبعثرةٍ لا إقالة منها ، وأبح حريمه ، ونغّص نعيمه ، وأره بطشتك الكبرى ، ونقمتك المثلى ، وقدرتك التي هي فوق كل قدرة ، وسلطانك الذي هو أعزّ من سلطانه ، واغلبه لي بقوّتك القوية ، ومحالك الشديد ، وامنعني منه بمنعتك التي كل خلق فيها ذليل ، وابتله بفقرٍ لا تجبره ، وبسوء لا تستره ، وكله إلى نفسه فيما يريد ، إنّك فعّال لما تريد . وابرأه من حولك وقوّتك ، وأحوجه إلى حوله وقوّته ، وأذلّ مكره بمكرك ، وادفع مشيّته بمشيّتك ، واسقم جسده ، وأيتم ولده ، وانقص أجله ، وخيّب أمله ، وأزل دولته ، وأطل عولته ، واجعل شغله في بدنه ، ولا تفكّه من حزنه ، وصيّر كيده في ضلال ، وأمره إلى زوال ، ونعمته إلى انتقال ، وجدّه في سفال ، وسلطانه في اضمحلال ، وعافيته إلى شر مآل ، وأمِتْه بغيظه إذا أمتّه ، وأبقه لحزنه إن أبقيته ، وقني شرّه وهمزه ولمزه ، وسطوته وعداوته ، والمحه لمحة تدمّر بها عليه ، فإنّك أشدّ بأساً وأشدّ تنكيلاً ، والحمد لله ربّ العالمين )

 إن الله سبحانه وتعالى هو الهادي والمغيث من كل كرب بإذنه ، فمن شيم المسلم أن يطلب الهداية من الله سبحانه وتعالى ، ومعنى الهداية هي المضي في دين الله والامتثال لأوامره ، والابتعاد عن نواهيه ، والله جزيل الثواب. قال الله تعالى: "اهبطا منها جميعاً بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم من هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى". صدق الله العظيم سورة طه (الأية / 123) وهذه بعض الأدعية التي أرجو أن تحقق مراكم بإذن الله: دعاء الزوجة الصالحة لهداية زوجها: اللهم أني أدعوك باسمك الأجل الأعزوأدعوك اللهم باسمك الأحد الصمد وأدعوك اللهم باسمك العظيم الوتر وأدعوك اللهم باسمك الكبير المتعال الذي ملاْ الأركان اللهم اني أسألك بنور وجهك الذي ملأ أركان عرشك واسألك بقدرتك التي قدرت بها علي جميع خلقك واسألك برحمتك التي وسعت كل شئ أن تيسر لي جميع أموري لأنال مرادي وتوفقني لما تحبه وترضاه اللهم انا نسألك رحمة من عندك تهدى بها قلوبنا ....... وتحمع بها شملنا .. وترد بها الفتن عنا ....... وتصلح بها دنيانا ....... زتحفظ بها ديننا ...... وتزكى بها اعمالنا ......... وتلهمنا رشدنا ...... اللهم اجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم واحفظنا من النفاق والرياء .......... اللهم تقبل منا وطهر قلوبنا من الاثم والمعاصى ....... ياله العالمين ......... اللهم تقبل منا ........ وصلى الله على سيدنا محمدا وسلم تسليما كثيرااااا.......... والله الموفق ياودود يا كريم يا جبار السماوات والأرض يا هادي القلوب اهدي قلبي ... يا مغيث أغثني يا مغيث أغثني يا مغيث أغثني.. اللهم لا تزين لي عمل السوءاللهم ذكرني دائما بأن الدنيا زائلة فاصرف عني زينتها.. اللهم ارحمني فمن لياله غيرك؟ من يرحمني غيرك؟ من يستر علي غيرك؟ من يرزقني غيرك؟ منيصبرني على هذه الدنيا غيرك؟ اللهم لك الحمد اللهم خذ روحي وأنا ساجد بين يديك وقلبي ينبض بخشيتك وذكرك اللهم أحسن خاتمتي.. اللهم اعني على طاعتك اللهم إنيأعلم انك تحبني لأني عبدك المسكين الذي لا يوجد له احد سواك في كل وقت اللهم ابكني من خشيتك اللهم اعني اللهم أغثني فوضت أمري إليك ووجهت وجهي إليك لا ملجأ إلاإليك اللهم انك تعلم ما بحياتي كله الظاهر والباطن ما اعلمه وما أنت اعلم به منياستغفرك وأتوب إليك اللهم خذ بيدي إلى الهداية واستر علي وعلى جميع المسلمين الحمدلله الحمد لله الحمد لله الحمد لله الحمد لله حمداً كثيراً طيباًمباركاً كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه أجمعين... انشرها فرب دعوة كانت سبباً لهداية غيرك


كيفية التطهر من لمس الكلاب يكون التطهّر من لمس الكلاب بغسل اليد سبع مراتٍ؛ إحداهنّ بالتراب، وذهب إلى ذلك القول كثيرٌ من أهل العلم الذين اعتقدوا بتنجس اليد عند ملامستها للكلاب، وذلك إن كانت الملامسة برطوبةٍ، واستدلّ العلماء على ذلك بحديث النبي الذي بيّن فيه طريقة غسل الأواني التي ولغ فيها الكلب، حيث قال -عليه الصلاة والسلام-: (إذا ولغ الكلبُ في إناءِ أحدِكم فلْيغسِلْه سبعَ مرَّاتٍ إحداهُنَّ بالتُّرابِ)،[١][٢] والغسل بالصابون يحقّق الطهارة من نجاسة الكلاب؛ وإن كان الأولى من المسلم اتّباع الطريقة التي جاءت في السنة النبوية؛ لأنّها الأولى والأفضل.[٣] مسألةٌ حول نجاسة الكلاب اختلف العلماء في نجاسة الكلاب؛
فذهب فقهاء المالكية إلى القول بطهارة الكلاب مطلقاً حتى ريقها، وأمّا علماء الشافعية والإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه، قالوا إنّ الكلاب نجسةٌ كلّها، حتى شعرها، وأمّا علماء الحنفية؛ فذهبوا إلى القول بنجاسة ريق الكلاب دون شعرها، ورجّح هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية؛ استدلالاً بحديث النبي الذي يبيّن فيه كيفية تطهير الإناء من نجاسة الكلب؛ حيث اقتصر الحديث على النجاسة بسبب الولوغ؛ فدلّ ذلك على أنّ الأجزاء الأخرى للكلب غير نجسةٍ، مثل: الشعر، ويبقى الأصل في الأعيان الطهارة ما لم يرد فيها نصٌ يدلّ على خلاف ذلك.[٤] حكم اقتناء الكلاب أفتى العلماء بحُرمة اقتناء الكلاب، إلّا للغايات التي بيّنها النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديث، وهي: الصيد، وحراسة الحرث والماشية، أمّا تربية الكلاب لغير تلك الغايات المشروعة؛ فيُحرّم شرعاً؛ بسبب النجاسة، والدليل على ما سبق قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (مَنِ اقْتَنَى كَلْباً، إلَّا كَلْباً ضارِياً لِصَيْدٍ أوْ كَلْبَ ماشِيَةٍ، فإنَّه يَنْقُصُ مِن أجْرِهِ كُلَّ يَومٍ قِيراطانِ).


الطَّهارة شرَّع الإسلام الطَّهارة وجعلها استهلالاً واستباحةً للعديد من العبادات، مثل: الصَّلاة، والطّواف في البيت الحرام، وقراءة القرآن، وقد بيَّن الإسلام كيفيَّة الطّهارة، ودواعي وجوبها، واستحبابها، وشروطها، ونواقضها، كما ميَّز جوانب الطَّهارة للذّكر والأُنثى، وحفِظ خصوصيّة كلٍّ منهما في شتّى الظّروف والأحوال، والطّهارة هي تعميم الماء والاغتسال به لإزالة الحدثَيْن أحدِهما أو كليهما، لتشمل سائر الجسد أو أعضاءَ مَخصوصةً بصفٍة مَخصوصَة، لِرفع أحد الحدثَين، والقيام بالعبادات الموقوفة عليها.[١][٢] الاغتِسال يُعرَّف الغُسْل لغةً بأنَّه تعميم غَسل الجسَد بِأكملِه، وهو المصْدر منْ غسَل الشّيء، يَغسِلْه غَسْلاً أوغُسْلاً، مأخوذَة من الفعل اغْتَسَلَ يغْتسِل اغتِسالَاً وغُسْلاً، ويُقال: الغُسُل (بضمِّ الغَين) للأمر اللازِم والواجِب،[٣] أمّا اصطِلاحَاً فهُو تعبُّد الله بِغسل الماء الطَّاهر وتعميمه على كامِل الجَسَد على صِفَة مخْصُوصَة.[٤] موجبات الغُسل على المَرأة المُسلِمُ بطبيعتِهِ طاهرٌ نقيٌّ من النَّجاسةِ، وطهارتُهُ حالٌ دائمةٌ لا تنقضُها النَّجاسةُ إن أصابت بدنَهُ أو ثوبَه أو غير ذلك، وإنَّما تُشترَطُ لاستهلالِ العباداتِ واستباحتِها سَلامةُ البَدنِ والثَّوبِ والمكانِ من أيِّ نجاسةٍ مادِّيَّةٍ تُصيبُه، فإن كانَ جُنُباً فهوَ طاهرٌ لا يقدِر إتيانَ بعض العباداتِ الموقوفةِ إلا بالاستحلالِ من الجنابةِ بالغُسلِ، ويكون ذلكَ أيضاً للمرأةِ في حيضِها ونفاسِها، فهي بذاتِها طاهرةٌ أصابتها نجاسةٌ وعليها تَطهيرُها، ولا تنجُسُ بالذي أصابها،[٥][٦] ومن موجِباتِ الغُسلِ للمرأةِ: نُزول المَني: المَني هو السَّائل الذي يخرُج من الرَّجل أو المرأة عند الشُّعور بالشَّهوة، ويكون غليظاً عند الرجل، ورقيقاً عند الأنثى، ويُشترَطُ فيه الدّفق واستِشعارُ اللَّذة؛ حتّى يكون موجباً من موجِباتِ الغُسل.[٦] الحيض: هو الدَّم الخارجُ من المرأة في حالِ عدمِ تَخصيبِ البُويضة في رَحمِها؛[٧] فهو الدّم الذي يخرج من المرأة في حال بلوغها، وله أيّام معلومة،[٨]، ويكون الطُّهر منه في حالتَين: إمَّا بِظهورِ القصَّة البيضاء، وهي سائلٌ أبيض يَخرج من المرأةِ بعد انقضاءِ فترة الحيْضِ، وتُمثِّلُ القصَّة علامَةً واضحةً ومُؤكَّدةً على الطُّهر، وإمّا بالجفاف التامّ وانقطاع الدَّم، ويُستدَلُّ على الجفافِ والانقِطاعِ بإدخال قِطعة من القُطن في الفَرج، فإذا خرجت جافّةً من غير كَدَرٍ فقد وَقَعُ الطُّهرُ،[٩]فإذا طَهرت المَرأة بإحدى الحالتين وَجَب عليها الاغتسالُ لحديثِ عائشة أنّ النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لفاطمة بنت أبي حبيش: (إذا أقبلَت الحَيضةُ فَدَعي الصّلاة، وإذا أدبَرَت فاغتسِلي وصَلِّي).[١٠] النّفاس: هو الدَّم الذي يَنزل من المَرأة بَعد الوِلادة، وقد يَستمرُّ حتّى أَربعين يوماً أو أقلّ،[١١] وحُكمه مثل أحكام الحيض، ويَكون الغُسلُ منه بِظهور إحدى علاماتِ الطُّهر.[١٠] الجِماع: هو غِيابُ حَشَفةِ الذَّكرِ أو بَعض منها في فَرج الأنثى، وهو فعل يُوجِب الغُسل، ودَليلُ ذَلك حَديثُ السيِّدة عائشة رضيَ اللهُ عنها: (إذا جلسَ بينَ شُعَبِها الأربعِ ومسَّ الختانُ الختانَ، فقد وجبَ الغُسلُ).[١٢] الاحتلام: وذلك لِما ورد في صحيح البخاريّ: (جاءت أُمُّ سُلَيْمٍ إلى رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالتْ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيي مِن الحقِّ، فهل على المرأةِ من غُسلٍ إذا احتَلمَتْ؟ قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إذا رأتِ الماءَ. فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ -تعني وجهها- وقالتْ: يا رسولَ اللهِ، وتَحْتَلِمُ المرأةُ؟ قال: نعم، تَرِبَتْ يمينُكِ، فبِمَ يُشبِهُها ولدُها؟).[١٣] اعتناق الإسلام: يرى الحنابلة والمالكيّة وجوب الغُسل على الكافر إذا أسلمَ؛ رجلاً كانَ أو أنثى، فيما يرى الشافعيّة أنّه لا يَجب الغُسل على الكافِر إن أَسلم إلا في حالِ وُقوعِ الكافِر في حَدَث قبل إسلامه، يُوجِبُ عليه التطهُّر منه.[١٤] المَوت: يُعدّ الموتُ مُوجِباً شرعيّاً للغسلِ، وورد في ذلك أنَّ رسول اللهِ عليه الصَّلاة والسَّلام أمر مُغسِّلاتِ زينب بغسلِها ثلاثَ مرَّاتٍ أو خمساً أو سبعاً، لِما وردَ في الحديث الشَّريف: (تُوفِّيتْ إحدى بناتِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فخرج فقال: اغْسِلْنَها ثلاثًا، أو خمساً، أو أكثرَ من ذلك إن رأيتُنَّ ذلك، بماءٍ وسدرٍ، واجعلنَ في الآخرةِ كافوراً أو شيئًا من كافورٍ، فإذا فرغتُنَّ فآذِنَّنِي)،[١٥] ويُرى أنَّ تكليف المُتوفّى منقطعٌ بموتِه، فيَكون بذلك غُسلُه واجبٌ على الأحياء لا عليه ذاته.[١٦] صِفَة الغُسْل المُستَحَبّ للمَرأَة لا بُدَّ لكلّ عَملٍ أُريدَ به وَجهَ الله مِن نيّة في القلب؛ فتنوي المرأة نيَّة الغُسل والطّهارة، ثمَّ تُسمِّي وتبدأ بغسل فرجها، ثمّ تتوضَّأ وتفيض الماء على رأسها ثلاث مرّاتٍ على أن يصل الماء إلى جذور الشّعر، ثمّ تسكُب الماء على سائر بدنها بدءاً بالشّقّ الأيمن ومنه إلى الشقّ الأيسر، مع مُراعاة وُصول الماء إلى ما يَتوارى من الجسد، مثل: السُّرة، والإبط، وخلف الأذن.[١٧] وقد ذُكِر في غُسل المرأة التي ضَفرت شَعرها ضَفراً قويّاً يَمنعُ الماءَ من الوُصولِ إلى فَروة الرّأس أنّه كان عَليها أن تحلّه، أمّا إن كانت قد ضَفرته ضفراً رقيقاً لا يَمنع المَاء من الوُصول إلى فروة الرّأس فلا بَأس أن تُكمل اغتِسالها دون أن تَحلّه، وكان هذا في غُسل الجنابة؛ لتخفيفِ العِبء عن المرأة لكثرة تكرار هذا الغسل، وأمَّا في غُسل الحيض فَيجب على المرأة أن تُرخيَ شعرها بأكملِه استشهاداً بالحديث الشّريف: (عن عائشةَ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال لها وكانت حائضاً: انقُضي شعرَكِ، واغتسِلي)؛[١٨] فغُسل الحيض مرّة في الشّهر، وليست فيه مَشقّة.[١٩] أحكاَم الطَّهارة للمَرأة خُصَّتِ المرأةُ بعنايةٍ إسلاميَّةٍ مُميَّزةٍ تتناسبُ مع تركيبتها البَدنيَّةِ وبِنائها التَكوينيّ، فكانت لها رعايةٌ شرعيَّةٌ خاصَّةٌ تُلبِّي احتياجاتِها وتُحافظُ على استقرارِها النَفسيِّ والبَدنيّ؛ ومن ضُروبِ هذه الرِّعايةِ خُصوصيَّةُ أحكامِ الطَّهارَةِ المُتعلِّقةِ بطبيعةِ جَسدِ الأنثى، وما تتعرَّض له من تغيُّراتٍ مُتعدِّدةٍِ ومُتعاقبة بدءاً من البُلوغ والحيضِ، مروراً بالحملِ والولادةِ، ومن تَناسُبِ الأحكامِ مع واقعِ الحالِ ما كانَ من أحكامِ الحيضِ والنّفاس، وتحريم إتيانِ المرأةِ أثناءهما، وإسقاط الفَرائض عنها مِن صلاةٍ وصِيامٍ حتّى تتحلَّلَ منهما؛ فهي غيرُ مُطالَبةٍ بالتطهُّر والقيام بهذه العباداتِ ما لم تتجاوز هذه المراحل، فإن طَهُرت قَضَت ما فاتَها من صِيامٍ دونَ الصَّلاة؛ وذلك للحديث الشّريف: (سَألتُ عائشةَ فقلتُ: ما بالُ الحائضِ تقضي الصّومَ ولا تقضي الصّلاةَ؟ فقالت: أحروريّةٌ أنت؟ قلتُ: لستُ بحروريّةٍ ولكنّي أسألُ، قالت: كان يُصيبُنا ذلك فنُؤمَرُ بقضاءِ الصّومِ، ولا نُؤمَرُ بقضاءِ الصّلاةِ).[٢٠] وأمَّا مَسأَلةُ مَسِّ المُصحَف للحائِض فهي مَوضع خِلاف؛ حيثُ حرَّمها الشَّافعيّة والمَالكيّة، وأجازَها الحَنابلة والحَنفيّة،[٢١] أمّا الطُّهر منهما فيكون بانقطاع الدّم أو ظُهورعَلامة الطُّهر؛ لِما جاء في الحديث: (أنَّ النِّساءَ كنَّ يبعثنَ إليها بالدَّرجةِ فيها الكرُسُفُ فيه الصُّفرةُ من دمِ الحيضِ، فتقولُ: لا تَعجلْنَ حتَّى ترَيْنَ القََصَّةَ البيضاءَ، تريدُ بذلك الطُّهرَ من الحيضِ)،[٢٢] أمّا الاستحاضة فهي دمٌ يخرج من المرأة في غير وقتِ الحَيض والنّفاس وهيئتهما، ولا يُوجِب تَرك العبادات للمرأة على أن تتطهّر وتتوضّأ لكلّ صلاة.[



معنى الاحتلام إن المقصود بالاحتلام أن يتخيل المرء في نومه أنه يُجامع، فينزل منه المني ولو كان ذلك قليلاً، وهذا الأمر من الأمور الطبيعية التي تحدث عند المرأة، فهي تحتلم كما يحتلم الرجل، قال الشيخ البسام معنى (احتلمت): "عبارة عما يراه النائم في نومه من الأشياء، والمراد هنا: إذا رأت المرأة في نومها مثل ما يرى الرجل من صورة الجماع وتمثيله"، وفي هذه الحال لا يجوز للمرأة الصلاة أو مس المصحف وتلاوة القرآن وغير ذلك مما لا يجوز مزاولته إلا بالطهارة إلا بعد أن تغتسل، لكن إن استيقظت المرأة ولم ترى بللاً، أي لم ترى المني؛ فإنها لا تغتسل، إذ إن الاغتسال في حق من رأت المني بعد الاحتلام.[١][٢] والسّن المعتبر للاحتلام للذكر والأنثى هو تسع سنين قمريّة، ولا يستطيع الإنسان أن يتجنّبه في نومه، إذ إن الاحتلام لا يكون بمقدرة الإنسان ولا يؤاخذ عليه، لكن قد يخفّف ذلك من خلال عدة أمور؛ لأن هذه المنامات قد تكون من الشيطان، فيستعيذ الإنسان بالله من الشيطان، ويجتنب النظر إلى المثيرات والمحرّمات، ويحافظ على أذكار الصباح والمساء، ويحافظ كذلك على أذكار النوم، ويستحضر معانيهم، فإن ذلك من شأنه أن يخفّف من هذه المنامات.[١][٢] احتلام المرأة إن المرأة تحتلم كما يحتلم الرجل، والدليل على ذلك الرواية التي وردت عن أم سلمة هند بنت أميّة -رضي الله عنها- في صحيح البخاري ومسلم، حيث قالت: (جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، فَهلْ علَى المَرْأَةِ مِن غُسْلٍ إذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إذَا رَأَتِ المَاءَ فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ، تَعْنِي وجْهَهَا، وقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ أوَتَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ، فَبِمَ يُشْبِهُهَا ولَدُهَا)،[٣] وتجدر الإشارة إلى لطيفة وردت بالحديث، وهي في قول أم سليم رضي الله عنها: "إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ"، حيث قصدت بذلك أن الله -عز وجل- لا يأمر بالحياء في مثل تلك الأمور للتعلّم والتفقّه في أمور الدين وأحكامه، لذلك قالت عائشة رضي الله عنها: (نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأنْصَارِ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الحَيَاءُ أنْ يَتَفَقَّهْنَ في الدِّينِ)،[٤] فينبغي على الإنسان أن لا يستحي بالسؤال عن أمور دينه، فيسأل بأسلوب مؤدّب ويتعلم، إذ إن الحياء لا يأتي إلا بخير، بينما الخجل مذموم ويأتي بالشر، بحيث يمنع الإنسان من التفقّه في أمور الدين.[٥][٦] ويُستفاد من الحديث النبوي الشريف أن المرأة تحتلم، وأن هذا الأمر طبيعي، والعبرة في الاغتسال إذا رأت الماء، أي المني، أما في حال احتلمت ورأت أنها تنزل، لكن بعد أن استيقظت لم تجد ذلك، فليس عليها الغسل، وهذا بإجماع المسلمين، وقال الإمام النووي رحمه الله: "وأما مني المرأة فهو أصفر رقيق وقد يبيض لفضل قوتها، وله خاصيتان يعرف بواحدة منها: إحداهما أن رائحته كرائحة مني الرجل، والثانية: التلذذ بخروجه و فتور شهوتها عند خروجه"،[٦] وهناك العديد من الأذكار المهمة والتي لها الأثر العظيم في حياة المسلم، حيث إنها تحصّنه دائماً في كل أمر، وكذلك إذا كثُرت الأحلام المزعجة، أو الأحلام التي تكون من الشيطان، وهذه الأذكار نافعة في كل أمر، لذا ينبغي على المسلم أن يحافظ على ما يأتي:[٧] أذكار الصباح والمساء. أذكار اليوم والليلة، خاصة الأذكار الموجودة في كتيّب حصن مسلم، الذي ألّفه الدكتور سعيد بن علي القحطاني، ففيه مجموعة كبيرة من الأذكار التي ينبغي على المسلم أن يحافظ عليها. قراءة المعوّذتين، حيث يجمع المسلم كفّيه وينفث فيهما من ريقه، ويقرأ سورة الإخلاص والفلق والناس ثلاث مرات، ثم يمسح بيديه ما استطاع من جسده. المحافظة على قراءة آية الكرسي، وآخر آيتين من سورة البقرة. المحافظة على أذكار النوم. أحكام الاحتلام إن الأمور المتعلّقة بالاحتلام لا تخلو من أربعِ حالات، وفيما يأتي ذكرها وبيان ما يترتّب على كل حالة:[٨] أن يحتلم الإنسان فيرى الماء: وفي هذه الحالة يجب عليه الاغتسال، بدليل حديث أم سلمة -رضي الله عنها- في الحديث الذي ورد سابقاً عندما سألت النبي صلى الله عليه وسلم: "فَهلْ علَى المَرْأَةِ مِن غُسْلٍ إذَا احْتَلَمَتْ؟"، فأجابها النبي عليه الصلاة والسلام: (إذَا رَأَتِ المَاءَ)،[٣] وهذا بإجماع المسلمين. أن يحتلم الإنسان فلا يجد الماء: وهنا ليس عليه اغتسال باتفاق أئمة الفقه الأربعة الشافعية، والحنفية، والحنابلة، والمالكية، ففي حديث أم سلمة -رضي الله عنها- علّق النبي -صلى الله عليه وسلم- الاغتسال على رؤية الماء. أن لا يتذكّر الإنسان أنه احتلم، لكنه يستيقظ ويجد الماء: ويجب عليه الغسل في هذه الحالة بإجماع المسلمين، واتفاق أئمة الفقه الأربعة، لأن الظاهر أن يكون هذا الماء ناتج عن احتلام، فالنائم قد لا يحسّ به. أن يرى الإنسان الماء، لكن يشك في كونه يوجب الغسل أم لا: أي يحصل عنده شكّ أهو منيٌّ أم مذيّ، والمشهور عند أكثر أهل العلم أنه لا يجب عليه الاغتسال في تلك الحالة، لأن الغسل لا يثبت بالشك، واليقين والأصل أن الإنسان طاهرٌ، والغسل واجب بحال وجود الماء الذي يتحقّق فيه أنه مني، كما في حديث أم سلمة، وهو قول المالكية، والشافعية، والحنابلة، وبه أفتى ابن عثيمين، وابن باز، وغيرهم الكثير من العلماء. إن الغسل له صفتان؛ غسلٌ مجزئٌ واجبٌ، وغسلٌ كامل يجمع بين الواجب والمستحب، فأما الغسل المجزئ فيكون بالنية بالطهارة من الحدث، ثم إفاضة الماء على البدن كلّه، حتى ولو كان استحماماً أو سباحة مع النية، فيجزئ ذلك ويرتفع الحدث طالما وُجِدت نية التطهّر مع عموم الماء لجميع البدن، أما الغسل الكامل فهو الذي كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الأفضل، ويكون بالنيّة، ثم غسل موضع النجاسة، وغسل الكفّين، ثم الوضوء كوضوء الصلاة، ويجوز تأخير غسل الرجين إلى حين انتهاء الاغتسال، ثم حثو الماء على الرأس ثلاث مرات، ثم إفاضة الماء على البدن ابتداءً من الشق الأيمن، ثم الانتقال إلى الشق الأيسر بإفاضة الماء عليه، وهذا الغسل هو الأفضل والأكمل




الاستحاضة تُعرَّف الاستحاضة بأنّها: سَيلان دمِ علّةٍ* من أدنى نقطةٍ في رَحِم المرأة في غير أوقات الحَيض والنفاس، ويكون خروجه قبل تمام عُمر تسعة أعوامٍ، أو بعد ذلك،[١] ولا يسمّى استحاضة إلا إذا استمر بعد أكثر مدة الحيض أو النّفاس في حال اتّصل بأحدهما،[٢] وقد تعدّدت آراء الفقهاء في أكثر مدّة الحيض والنفاس، وفيما يأتي بيان لهذه المسألة: قال المالكيّة، والشافعيّة، والحنابلة إنّ أكثر الحيض يبلغ خمسة عشر يوماً، بينما قال الحنفيّة إنّ أكثره يبلغ عشرة أيّام.[٣] قال الحنفيّة، والحنابلة إنّ أكثر النفاس يبلغ أربعين يوماً، بينما قال المالكيّة، والشافعيّة إنّ أكثره يبلغ ستّين يوماً.[٤] أمّا استمرار نزول الدم بعد انتهاء مدّة أكثر الحيض أو النفاس فإنّه يُعتبَر استحاضةً، لا حَيضاً، ولا نفاساً،[٥] والمرأة المُستحاضة ليست كالمرأة الحائض أو النفساء؛ فهي تُصلّي، وتصومُ، وتُوطَأ حتى مع نزول الدم.[١] أقسام الاستحاضة أشار الفقهاء في كُتبهم إلى أنّ للمُستحاضة أحوالاً تختلف من امرأةٍ إلى أخرى؛ حتى تستطيع المرأة تقدير مدّة حَيضها، ويسهُل عليها التمييز بين الحيض، والاستحاضة،[٦] ولا تُفرَّقُ مُستحاضة النفاس عن مُستحاضة الحيض؛ فكلتاهما لهما الحالات والأحكام نفسها، وللاستحاضة حالات بيّنها الفقهاء، وذلك على النحو الآتي:[٧] المبتدأة وهي المرأة التي رأت نزول الدم عليها لأولّ مرّةٍ، دون أن تراه من قبل،[٨] وفي هذه الحالة على المرأة أن تعمل بالتمييز؛ فتُميِّزُ مِن دَمها ما كان أسوداً، وما كان منه أحمراً، وهو مذهب الشافعيّة، والحنابلة، وبعض المالكيّة، وأخذ به الشوكاني، وابن باز، وابن عثيمين؛[٩] فإن كان الدم قويّاً فهو حَيضٌ، وإن كان ضعيفاً فهو استحاضةٌ حتى وإن استمرّ فترة طويلة،[٨] ولمعرفة القويّ من الضعيف في الدماء، والتمييز بينهما؛ وضع الفقهاء معاييرَ بناءً على صِفات الدم، وهي كالآتي:[١٠] اللون: فأقوى الدماء ما كان لونه أسودَ، أو فيه خطوطٌ سوداء، ثمّ الأحمر، ثمّ الأشقر، ثمّ الأصفر، ثمّ الأكدر*. الثخانة: فالثخين أقوى من الرقيق. الرائحة: فالقويّ تكون رائحته كريهةً. التجمُّد: دم الحيض لا يتجمّد إذا خرج، بخِلاف دم الاستحاضة.[١١] ويُشار إلى أنّ الدم الذي اتّصف بثلاث صفاتٍ من الصفات السابقة يكون أقوى من الذي اتّصف بصفتَين، وهكذا، فإن تساويا في الصفات فالحيض هو الأولى فيهما،[١٠] وللتمييز بين الدماء، لا بُدّ أنّ تتوفّر عدّة شروط، هي:[٨] عدم نقصان القويّ عن يومٍ وليلةٍ، وهي مدّة أقلّ الحيض. عدم مجاوزة القويّ الخمسة عشر يوماً، وهي أكثر مدّة للحيض على مذهب الجمهور. عدم نقصان الضعيف عن الخمسة عشر يوماً، وهو أقلّ الطُّهر. تتابُع نزول الضعيف، واتّصاله بحيث لا يتضمّنه قويّ. المُعتادة المُعتادة المُميّزة وهي المرأة التي لها حَيضٌ وطهرٌ سابقٌ، وتَعلَمهُما،[١٢] ويُقصَد بالمُميّزة أنّها ترى القويّ، والضعيف من الدم، وتتوفّر عندها شروط التمييز التي سبق الإشارة إليها،[١٢] وقد اختلفت آراء أهل العلم في هذه الحالة حول عمل المرأة؛ بتمييزها، أم بعادتها، واختلافهم على النحو الآتي: يرى المالكيّة، والشافعيّة أنّها تعمل بتمييزها؛[١٣][١٤] وذلك لأنّ التمييز أقوى من العادة، ولأنّه علامةٌ في الدم بخِلاف العادة؛ فهي علامةٌ لصاحبة هذا الدم.[١٥] يرى الحنفيّة، والحنابلة أنّها تعمل بعادتها.[٦] المُعتادة غير المُميّزة يُقصَد بغير المُميّزة أنّها ترى صفةً واحدةً في الدم، أو أنّها ترى القويّ والضعيف من الدم، إلّا أنّها فَقَدت شرطاً من شروط التمييز،[١٦] وقد اختلف الفقهاء في حُكم هذه الحالة على قولَين، هما: يرى كلٌّ من الحنفيّة، والحنابلة، والشافعيّة أنّها تعمل بعادتها حَيضاً، وطُهراً.[٦][١٧] يرى المالكيّة أنّها تزيد ثلاثة أيّام على أكثر عادتها، فإن كان حَيضها خمسة أيّام مثلاً، زادت عليه ثلاثة أيّام، وهكذا، فإن زاد على ذلك كان استحاضة.[١٨] أحكام الاستحاضة حُكم الاستحاضة يُعتبَر دم الاستحاضة حَدثٌ دائمٌ تُصلّي المرأة معه، وتصوم،[١٩] وقد اختلف الفقهاء في اعتبار الاستحاضة حدثاً ناقضاً للوضوء، أم لا، وبيان ذلك على النحو الآتي:[٢٠] الحنفيّة والحنابلة: قالوا بأنّ الاستحاضة ناقضةٌ للوضوء، ويجب عليها الوضوء لوقت كلّ صلاةٍ. الشافعيّة: قالوا بأنّ الاستحاضة ناقضةٌ للوضوء، ويجب عليها الوضوء لكلّ فريضةٍ، سواء كانت الصلاة حاضرةً، أو قضاءً، أمّا بالنسبة إلى النوافل فإنّها تُصلّي ما شاءت منها بطهارتها. المالكيّة: قالوا بأنّ الاستحاضة ليست ناقضةً للوضوء، ويُستحَبّ لها الوضوء. كيفيّة طهارة المُستحاضة وصلاتها يلزم المُستحاضة الالتزام بعدّة أمورٍ إذا أرادت أن تُصلّي فَرضها ، وهي كما يأتي:[١٩] غَسل فَرجها قبل أن تتوضّأ. تضع المستحاضة مكان نزول الدم ما يمنع نزوله أو يخفّف منه، مثل القطن أو ما شابهه، وتُعفى من هذا الأمر في الحالات الآتية: احتياجها إليه، فإذا لم تحتَج إليه فلا يجب. عدم تأذّيها به أذيّة لا تُحتمَل. عدم صيامها، فإذا كانت صائمةً تترك الحَشو نهاراً. تشدّ المستحاضة المكان الذي يُحتمل أن ينزل الدم منه بعد وضع القطن، وهو ما يسمّى بالفقه بالعصْب*، ويكون بقماش أو ما يسدّ مكانه، ولا يلزمها فعل ذلك في حالة كان القطن الذي وضعته قد منع نزول الدم، وتعفى من العصْب كذلك إذا كانت تتأذى منه أذاً كبيراً. وضوؤها بعد دخول وقت الصلاة، فلا يجوز أن تتوضّأ قبل دخول الوقت؛ لأنّها طهارةٌ ضروريّةٌ. التتابُع بين كلّ ما سبق، ولا يجوز لها تأخير الصلاة إلّا لمصلحةٍ للصلاة كستر العورة، أو الراتبة القبليّة، فإذا أخّرتها لغير هذا، فإنّه لا بُدّ عليها من إعادة كلّ ما سبق. وجوب تجديد كلّ ما سبق لكلّ صلاةٍ مفروضةٍ، ودليل ذلك ما روته السيدة عائشة -رضي الله عنها- حيث قال: (جَاءَتْ فَاطِمَةُ بنْتُ أبِي حُبَيْشٍ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ إنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فلا أطْهُرُ أفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لَا، إنَّما ذَلِكِ عِرْقٌ، وليسَ بحَيْضٍ، فَإِذَا أقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وإذَا أدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي).[٢١] جواز التنفُّل للمُستحاضة في أيّ وقتٍ شاءت.[١٩] عدم وجود ضرر بخروج الدم بعد العصْب، إلّا إذا قصّرت المُستحاضة في الشدّ.[١٩] الفرق بين الحَيض والاستحاضة يمكن التفريق بين الحَيض والاستحاضة من خلال عدّة فروقاتٍ، وهي كالآتي: اعتبار الحَيض دم جِبِلّةٍ* والاستحاضة دم مَرضٍ.[٢٢] تحريم عشرة أمورٍ بالحيض، وعدم تحريمها بالاستحاضة، وهذه الأمور هي:[٢٣] الصلاة. الطواف. مَسّ المصحف. حَمل المصحف. الطلاق. المرور بالمسجد إن خافت تلويثه. المباشرة ما بين السرّة والركبة. قراءة القرآن. المكوث في المسجد. الصيام



الجنابة تتعدّد الأسباب التي توجب على المسلم الغسل حتّى يكون طاهراً، ومن هذه الأسباب الجنابة، ويمكن تعريف الجنابة في اللّغة والاصطلاح فيما يأتي:[١] الجنابة في اللّغة: وهي تأتي عكس وضد مصطلح القرب، فالجنب يأتي من قبيل ما يتجنّبه الإنسان ويبتعد ويأنى عنه، فسمّي جنباً لأنّ فيه نهيٌ عن اقتراب موضع الصّلاة في حالة عدم الطّهارة، أي تجنّبه ذلك، والجنب يشمل الذّكر والأنثى، يستوي فيه الواحد والتثنية والجمع. الجنابة في الاصطلاح: وهي تعني في الشّرع الإسلاميّ أنّها فعلٌ حاصلٌ في جسم الإنسان، وهذا الفعل مرتبطٌ بنزول المنيّ، أو المجامعة، فإذا حدث هذا الفعل صار واجباً على الإنسان أن يمتنع عن المسجد وعن أداء الصّلاة وقراءة القرآن الكريم حتّى يطهر. كيفيّة الغسل من الجنابة إنّ الغسل من الجنابة واجبٌ بإجماع العلماء، وله صفتان: الأولى الصفة الكاملة، والثّانية صفة الإجزاء، وفيما يأتي بيانٌ للصفتيّن:[٢][٣] الغسل ذو الصّفة المجزئة: وهو أن يقوم المسلم بأداء الواجبات فقط في غسله، بحيث ينوي الغسل، ثمّ يقوم بتعميم الماء على بدنه كلّه، مع القيام بالمضمضة والاستنشاق، فإن قام بفعل ذلك فإنّ غسله صحيحٌ ولا بأس فيه. الغسل ذو الصّفة الكاملة: وهو أن يقوم المسلم في غسله بأداء الواجبات والسّنن معاً، وفيما يأتي ذكر خطوات الغسل الكامل بالترتيب: النيّة: وذلك أن ينوي المسلم الطّهارة من الحدث. التّسمية: وهي أن يقول المسلم "بسم الله الرّحمن الرّحيم". غسل الكفيّن ثلاث مرّات؛ والسّبب في ذلك أنّ الكفيّن هما أداة غرف الماء. غسل الفرج باليد اليسرى؛ وذلك لأنّ الفرج هو موضع الجنابة، فبغسله يتخلّص المسلم من الأذى والأوساخ العالقة به. تنظيف اليد اليسرى ثمّ تدليكها بشدّة؛ وذلك للقيام بالتّخلص ممّا علق بها من أوساخٍ خلال غسل الفرج، وتطهيرها بالماء والصّابون، فهو يقوم مقام التّراب. الوضوء: ويكون الوضوء هنا مثل الوضوء للصّلاة وضوءًا كاملاُ لا نقص فيه، ولا يلزم إعادة الوضوء بعد الانتهاء من الاغتسال من الجنابة من أجل أداء الصّلاة، فالقيام بذلك أثناء الاغتسال يجزئ ويكفي، ولا داعي لإعادته، أمّا إذا تمّ مسّ الفرج أو الذّكر فإنّه يجب إعادة الوضوء؛ وذلك بسبب وقوع الحدث الطّارئ.[٤] غسل القدمين: وهناك اختلافٌ في وقت غسل القدمين، بحيث هل يكون مع الوضوء؟ أم يتمّ تأخيره إلى ما بعد الاغتسال؟ والظاهر في الأحاديث المروية ورود الكيفيّتين عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فكلاهما ثابتتان في سنته الشريفة، واستحب الجهور تأخير غسلهما بعد الانتهاء من الاغتسال، لكن بما أن كلا الطريقتين وردت في سنة النبي عليه الصلاة والسلام، فلا بأس أن يأتي المسلم بإحداهما تارة، وبالأخرى تارةً أخرى، فيغسل قدميه مع الوضوء، وفي مرات أخرى يؤخر غسلهما إلى آخر الاغتسال. تعميم الماء في أصول الشّعر من خلال إدخال أصابعه بينهم، والقيام بالتّخليل إن كان الشّعر كثيفاً؛ حتّى يصل الماء إلى منبته. إدارة الماء على الرّأس ثلاث مرّات بعد الانتهاء من تخليل الماء لأصول الشّعر. إفاضة الماء وتعميمها على سائر الجسد مرّةً واحدة، ومن السّنة أن يدلّك بدنه، ويبدأ بالجهة اليمنى ثمّ الجهة اليسرى. الأعمال المحرّم فعلها على الجنب هناك عددٌ من الأعمال التي يحرم على الجنب القيام بها، ومن هذه الأعمال ما يأتي:[٥][٦] أداء الصّلوات كافّة، ويشمل ذلك أداء سجدة التّلاوة، قال تعالى: (وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا).[٧] طواف المسلم حول الكعبة المشرّفة، حتّى لو كان ذلك الطّواف تطوّعاً ونفلاً؛ وذلك لأنّ الطّواف يعدّ من الصّلاة. مسّ القرآن الكريم، قال تعالى: (لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ).[٨] قراءة القرآن الكريم وتلاوته، وهذا ما قال به جمهور المذاهب الأربعة، أمّا لو كانت النّية ليست القراءة إنّما من أجل الدّعاء، أو الثّناء، أو الذّكر، أو التّعلم، فإنّه يجوز ذلك، ومن الأمثلة على الدّعاء قيام المسلم بتلاوة قوله تعالى عندما يهمّ بالرّكوب: (سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ* وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ)،[٩] وأن يردّد المسلم قوله تعالى: (إِنَّا لِلَّـهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)،[١٠] عندما تحلّ به مصيبة وخاصّةً مصيبة الموت، ومن الأمثلة على الذّكر تلاوة سورة الإخلاص، وآية الكرسي. دخول المسجد، والاعتكاف فيه، أمّا المرور به فلا بأس فيه عند الشافعية والحنابلة، ومنعه الحنفية والمالكية إلا بالتيمم، ودليل ذلك قوله تعالى: (وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ).[١١] القيام بحمل القرآن الكريم، إلّا إذا دعت ضرورة ملحّة لذلك، ومن هذه الضّرورات: حمله إن كان بالأمتعة، ويكون القصد حمل الأمتعة، أو الخوف عليه من السرقة، أو الخوف من أن يجيء عليه شيءٌ من نجاسةٍ أو نحوها. الأعمال المستحبّ فعلها للجنب هناك عددٌ من الأعمال التي يُستحبّ ويُباح للجنب القيام بها، ومن هذه الأعمال ما يأتي:[١٢] ذكر الله -عز وجل- وتسبيحه، وحمده، والتّوجه إليه بالدّعاء، ففي روايةٍ للسّيدة عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ علَى كُلِّ أحْيَانِهِ).[١٣] غسل الفرج، والوضوء كالوضوء للصّلاة، وذلك إذا أراد المسلم تناول الطّعام، أو الشّراب، أو الذّهاب للنّوم، أو إعادة الوطء مرّةً أخرى، وهذا قول الجمهور من الشّافعيّة، والحنابلة، وقولٌ عند المالكيّة. أن يستيقظ المسلم في الصّباح صائماً، وذلك قبل أن يغتسل. إلقاء الخطبة في يوم الجمعة جائز للجنب مع الكراهة عند المالكية، وظاهر مذهب الحنفية، وفي وجه عند الشافعية والحنابلة، وقال بمنعه ابن قدامة ووجه آخر عن الشافعية والحنابلة، لأن الطهارة من الجنابة شرط، فلا تصح الخطبة بدونها. الأغسال المستحبّة تتعدّد الأسباب التي يكون الغسل فيها مستحبّاً للمسلم، ومنها:[١٤] الاغتسال عند قيام المسلم بالإحرام، فيستحبّ أن يغتسل وقت ذلك كما كان يفعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. الاغتسال في كلّ أسبوعٍ مرّة، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (حَقٌّ لِلَّهِ علَى كُلِّ مُسْلِمٍ أنْ يَغْتَسِلَ في كُلِّ سَبْعَةِ أيَّامٍ، يَغْسِلُ رَأْسَهُ وجَسَدَهُ).[١٥] الاغتسال في الأيّام التي يجتمع فيها النّاس، ومنها أيّام العيدين. دخول المسلم إلى مكّة المكرّمة. اغتسال المسلم في يوم الجمعة. غسل من غسّل الميت. اغتسال الكافر حين إسلامه



التيمم ميّز الله الأمة الإسلامية بِكثيرٍ من الخصائص والفضائل؛ ومنها أنّه شرع لهم التيمم بديلاً عن الوضوء في حالاتٍ مُعينةٍ، لحديث النبي: (أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وجُعِلَتْ لي الأرْضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا، فأيُّما رَجُلٍ مِن أُمَّتي أدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ)،[١] ومن حكمة الله في الجمع بين عبادة التيمم والوضوء؛ أنّ التيمم يكون بالتراب إشارةً من الله للإنسان بأصلِ خِلقته، وبالوضوء الذي يكون بالماء إشارةً منه -سُبحانه- إلى أنّ الماء سبب وجود الحياة وبقائها،[٢] وقد ورد الأمر من الله بتشريع التيمم في السنة السادسة للهجرة، وبالتحديد في غزوة بني المُصطلق، وذلك حينما بعث النبي الصحابة للبحث عن العِقد الذي أضاعته السيدة عائشة، وعندما جاء وقت الصلاة، لم يكن مع الصحابة ماءً، فأنزل الله آية التيمم.[٣] والتيمم في اللُغة بِمعنى قصد الشيء، فيُقال: يمَّمتُه وتَيَمَّمته؛ أي إذا قصدته، والأصل التعمّد والتوخّي، وقد ورد ذكر هذه المعاني في القُرآن، كقوله تعالى: (فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا)،[٤] أي اقصدوا الصعيد الطيب، وكَثُر استعمال العرب لهذه الكلمة حتى صار اسماً شرعياً لمسح الوجه واليدين بالتراب.[٥] أمّا في الاصطلاح الشرعي فهو: إيصال التراب إلى الوجه واليدين بشروطٍ مخصوصةٍ.[٦] كيفية التيمم فروض التيمم للتيمم أركان وفرائض، وهي: النية: وتكون في القلب، ويُقصد بها القيام بفعل التيمم، ويُسنّ التلفّظ بها باللسان، ويقصدُ بها المتيمم ما يُريد فعله،[٧] وقال الحنفية والحنابلة بأنّ النية شرطٌ من شروط التيمم لا ركنٌ من أركانه، كالسجود، أو الصلاة، أو غيرهما، وإزالة الحدث، أو النجاسة، فلو نوى المتيمم إزالة أحد الحدثَين أو النجاسة، فلا تُجزئ النية عن الأمرين، بل لا بدّ لكلّ عمل من نية مختلفة عن الآخر؛ لأنّ لِكُلٍّ منها سبب مُختلف عن الآخر، ولحديث النبي: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى)،[٨] وقد اختلف الفُقهاء في صفة النية المفروضة عند قصد التيمُّم، وبيان خلافهم على النحو الآتي:[٩] قال جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة بأنّ صفة النية التيمم تكون بقصد استباحة الصلاة، وغيرها من العبادات، كمسّ المصحف. قال الحنفية إنّه يُشترَط في نية التيمم أنّ تحتوي على أمرٍ من ثلاثة أُمورٍ، وهي: النية في الطهارة من الحدث الموجود، ولا يُشترَط تعيينه، والنية في استباحة الصلاة، أو إزالة الحدث، والنية لعبادةٍ معينةٍ لا تصحّ دون طهارةٍ، كسجود التلاوة، فلو نوى المسلم التيمم من غير قصد استباحة الصلاة فلا تصحّ صلاته. مسح الوجه: ويكون بإيصال التراب إلى جميع الوجه، مع مُراعاة وصول التراب الى المنطقة التي تعلو الشفتين، في حين يرى الإمام أبي حنيفة جواز الاقتصار في التيمم على أغلب الوجه.[١٠] مسح اليدين إلى المرفقين: مع مُراعاة إزالة ما يكون عليهما، كالخاتم، ليُمسح تحته، فلا يكفي الاقتصار بتحريكه من مكانه فقط، في حين يرى الحنابلة والمالكية أنّ الفرض في اليدين يكون بمسحهما إلى الكوعين، أمّا وصول التراب إلى المرفقين فهو سُنّةٌ، لقول النبيّ لعمار: (إنَّما كانَ يَكْفِيكَ أنْ تَصْنَعَ هَكَذَا، فَضَرَبَ بكَفِّهِ ضَرْبَةً علَى الأرْضِ، ثُمَّ نَفَضَهَا، ثُمَّ مَسَحَ بهِما ظَهْرَ كَفِّهِ بشِمَالِهِ أوْ ظَهْرَ شِمَالِهِ بكَفِّهِ، ثُمَّ مَسَحَ بهِما وجْهَهُ).[١١][١٢] الترتيب بين المسحتين: وقد عدّه الحنابلة والشافعية فرضاً، وهذا الترتيب يكون بين أعضاء التيمم؛ لأنّ التيمم يقوم مقام الوضوء، والترتيب فرضٌ عندهم، ويُستثنى من الترتيب إن كان التيمم من حدثٍ أكبرٍ عند الحنابلة، في حين يرى الحنفية والمالكية أنّ الترتيب سُنّةً وليس فرضاً؛ لأنّ الفرض في التيمم هو المسح، والتراب وسيلةٌ لا غايةٌ.[١٣] النقل: وهو نقل التراب من مكانه إلى العضو المُراد مسحه،[١٤] وقد اعتبره الشافعية أوّل ركنٍ من أركان التيمم،[١٥] في حين اعتبر المالكية أنّ النقل سُنّةٌ.[١٦] شروط التيمم شروطٌ متعلقةٌ بوسيلة التيمم الوسائل التي يستطيع المُسلم أن يتيمم بها ثلاث؛ الوسيلة الأولى وهي التراب الطاهر؛ وهذه الوسيلة جائزةٌ باتّفاق، أمّا الوسيلة الثانية غير الجائزة باتّفاق فهي: المعادن، والتراب النجس، والوسيلة الثالثة هي ما عدا الوسائل السابقة، وقد اختلف الفُقهاء في حُكمها،[١٧] وبيان آرائهم على النحو الآتي: الرأي الأول: قال الشافعية والحنابلة بأنّ [التيمم يكون بالتراب]، بأيّ شكلٍ منه، ولو كان محروقاً، ما دام يُسمّى تُراباً، حتى وإن كان مخلوطاً وتغيّرت أوصافه، وكُلّ ما خرج من الأرض ما دام له غبارٌ، ويُمنع عندهم التيمم بالحجر المحروق حتى وإن كان له غُبارٌ؛ لأنّ الغُبار الذي عليه ليس من جنس التراب، فلا يصحُّ أيضاً بما يُلصق من التراب بالعضو، ولا بغير التراب من أجزاء الأرض؛ لأنّ التراب يُعدّ الوسيلة الشرعية الوحيدة للتيمم، ويُشترط أن يكون طاهراً، وغير مُتنجّسٍ بنجاسةٍ حقيقيةٍ، كالبول، أو نجاسةٍ عينيّةٍ، كالتراب الذي يكون في المقابر المنبوشة، وألّا يكون هذا التراب مُستعملاً في حدثٍ أو خبثٍ، وألّا يُخالطه دقيق وإن قلّ؛ لأنّ نعومة الدقيق تمنع التراب من الوصول إلى أعضاء التيمم، فيكون التيمم عندهم فقط بالتراب الطاهر الذي له غُبارٌ، ويعلق باليد،[١٨][١٩] واستدلّوا بقول الله -تعالى-: (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ)،[٤] ووجه الدلالة أنّ الله أمر المُسلم بأن يُمسَح بما له غبارٌ، وقال النبيّ: (أطيبُ الصَّعيدِ حرثُ الأرضِ)،[٢٠] وهذا الحديث موقوفٌ على ابن عباس، وقد حسّنه عُلماء الحديث، واستدلّوا بدليلٍ من اللغة؛ وذلك بأنّ لفظ الصعيد لفظٌ مُشتركٌ بِكلّ ما هو على وجه الأرض، ولا يجوز تخصيصه إلّا بدليلٍ.[٢١] الرأي الثاني: قال المالكية والحنفية [بجواز التيمم بكلّ ما كان من جنس الأرض]، كالزرنيخ، والحجارة، والرمل، وذهب بعضهم إلى جواز التيمم بالرُخام؛ لأنّه من جنس الأرض، فجاز التيمم به،[١٩] لحديث النبي: (جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا)،[١] ويجوز عندهم بكلّ أجزاء الأرض، حتى وإن كانت صخرةً مغسولةً، ويجوز بالثلج، واختلف المالكية في الملح، ووردت عنهم ثلاثة أقوالٍ، والمشهور في المذهب الجواز إلّا إن كان مُصنّعاً،[٢١] والضابط عندهم في بيان ما هو من جنس الأرض وما هو ليس منها أنّ كلّ ما يحترق بالنار، فيصبح رماداً، كالخشب، والعُشب، ونحوهما، وكُلّ ما ينطبع ويلين، كالحديد، والذهب، ليس من جنس الأرض، وكُلّ ما عدا ذلك فهو من جنسها.[٢٢] شروطٌ متعلقةٌ بكيفيّة التيمم اشترط الفُقهاء شُروطاً عدّة تتعلّق بطريقة التيمُّم، وهي: أن يقصد المُسلم التيمم بالتراب بنقله من موضعه إلى العضو، ولو كان هذا النقل من فعل إنسانٍ آخرٍ، بشرط أن يكون هذا النقل بإذنه، مع النية.[٢٣] أن يكون التيمم بضربتَين؛ الأولى للوجه، والأُخرى لليدين، وذلك عند الشافعية، والحنفية، في حين يرى المالكية، والحنابلة أنّ الضربة الأولى فرضٌ، والضربة الثانية سُنّةٌ؛ والسبب في ذلك الاختلاف في عُموم آية التيمم، وتعارض الأحاديث الواردة في موضوع المُصرَّحة بضربتَين، واتّفقوا على وجوب إزالة أيّ حائلٍ يمنع وصول التراب إلى العضو الواجب مَسحه، كوجود خاتمٍ؛ لأنّ التراب كثيفٌ ليس له سيلان كالماء، ووقت النزع يكون عند المَسح، ويرى المالكية والحنفية وجوب تخليل الأصابع بباطن الكفّ عند المسح، بخلاف الشافعية والحنابلة الذين قالوا بندب التخليل احتياطاً.[٢٤] أن يُزيل المُتيمّم النجاسة عن جسمه، ما لم تكن النجاسة ممّا عفا عنها الشرع، فإن تيمّم قبل إزالة النجاسة لم يصحّ تيممه.[٢٥] سُنن التيمم للتيمم العديد من السُّنن، وقد اختلف الفُقهاء في بعضها، وهي:[٢٦] التسمية في بدايته. تقديم اليمين على اليسار، وأعلى الوجه على أسفل الوجه، كما في الوضوء. التخفيف من الغُبار الذي على التراب، اتّباعاً للنبي، ولئلّا يكون هُناك تشويهٌ للخِلقة، ولا يمسح الغُبار إلّا بعد الانتهاء من الصلاة. التفريق بين الأصابع في الضربات على التراب؛ لما فيه من إثارةٍ للتراب. نزع كُلّ ما يمنع وصول التراب إلى أعضاء التيمم. تمرير اليد على جميع العضو المُراد مسحه على نحوٍ يُشبه الدلك في الوضوء، مع زيادة على الأعضاء بِمسح العضد؛ وهو ما بين المرفق والكتف. استقبال القِبلة مع النُّطق بالشهادتَين، ورفع اليدين والبصر إلى السماء. استعمال السواك عند المالكية.[١٦] الموالاة؛ أي تتابع مسح الأعضاء، وقد ذهب المالكية[١٦] والحنابلة[٢٧] إلى أنّها من فروض التيمم، وأركانه. ما يُباح بالتيمم اختلف الفُقهاء في ما يُباح للمُتيمم فِعله، وبيان خلافهم فيما يأتي:[٢٨] الحنفية: قالوا إنّ المتيمم يُصلّي ما شاء من الصلوات، سواءً أكانت فرضاً أم نفلاً؛ لأنّه على طهارةٍ. الحنابلة: قالوا إنّ للمتيمم أن يُصلّي بتيممه ما شاء من الصلوات، كالنوافل، وما عليه من القضاء ما دام في وقت الصلاة التي تيمّم لها؛ لقول ابن عمر: (يَتيمَّمُ لِكُلِّ صلاةٍ وإن لم يُحدِثْ).[٢٩] المالكية والشافعية: قالوا إنّ المتيمم يصلّي بتيمّمه فرضاً واحداً، ولا يجوز له أن يُصلّي فرضَين، ويجوز له صلاة أكثر من نافلةٍ، أو فرضٍ ونافلةٍ إن كان صلّى الفرض أولاً عند المالكية، بِدليل فعل ابن عُمر: (يَتيمَّمُ لِكُلِّ صلاةٍ وإن لم يُحدِثْ)،[٢٩] ويجوز له عند المالكية وعند الشافعية في الراجح عندهم أن يُصلّي بتيممٍ واحدٍ فرض صلاة، وفرض جنازةٍ؛ لأنّ صلاة الجنازة بِمقام النافلة في جواز تركها؛ لأنّها فرض كفايةٍ. مكروهات التيمُّم اختلف الفُقهاء في في مكروهات التيمم، وفيما يأتي بيان المكروهات في كلّ مذهبٍ:[٣٠] الحنفية: يُكرَه لديهم ترك أيّ سُنّةٍ من سُنن التيمم، وتكرار المسح. المالكية: تُكره لديهم زيادة أكثر من مرةٍ واحدةٍ في المسح، وكثرة الكلام بغير ذكر الله، والزيادة على أعضاء المسح إلى ما فوق المرفقين. الشافعية: تُكره لديهم كثرة التراب، وتكرار المسح أكثر من مرةٍ، والتيمم مرةً أُخرى ولو بعد الصلاة، ونفض اليدين بعد التيمم. الحنابلة: يُكره لديهم تكرار المسح أكثر من مرةٍ، وتكرار الضرب أكثر من مرّتَين، ونفخ التراب، مع إدخاله إلى الأنف والفم. مبطلات التيمم للتيمُّم العديد من المُبطلات، وهي: ما يبطل به الوضوء: فحُدوث أيّ ناقضٍ من نواقض الوضوء ينقض التيمم، ذلك إن كان التيمم من الحدث الأصغر،[٣١] أمّا نواقض الوضوء فهي:[٣٢] خروج شيء من أحد السبيلَين: القُبل، أو الدُّبر، كالبول، والرِيح باستثناء المني. ذهاب العقل بالنوم، أو الجُنون، أو الإغماء، أو الصرع، وغير ذلك، ويُستثنى من ذلك النائم الجالس بتمكُّنٍ على الأرض. التقاء بشرتَي رجلٍ وامرأةٍ بالغين، أجنبيّين عن بعضهما، من غير وجود حائلٍ بينهما، بشرط وجود الشهوة. مَسّ القُبل، أو حلقة الدُّبر، بباطن اليد، أو بباطن الإصبع. وجود الماء: وذلك في عدّة حالاتٍ، بيانها فيما يأتي:[٣٣] وجود الماء قبل الصلاة؛ فقد ذهب الفُقهاء إلى بطلان التيمم، واستدلّوا بعدّة أدلةٍ، منها: قوله تعالى: (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا)،[٤] ووجه الدلالة أنّ الله أمر بالتيمم في حال عدم وجود الماء، أمّا في حالة وجوده فيجب استعماله، واستدلّوا بالإجماع؛ حيث أجمع العُلماء على أنّ من تيمّم ثُمّ وجد الماء قبل الصلاة، فإنّ تيمُّمه باطلٌ، باستثناء أبو سلمة بن عبدالرحمن والشعبي اللذَين ذهبا إلى أنّ التيمم لا يبطل بذلك إن كان فرغ منه. وجود الماء أثناء الصلاة؛ فقد اختلف العُلماء في هذه الحالة، وبيان خِلافهم فيما يأتي: قال الحنفية والحنابلة ببطلان الصلاة، ووجوب الوضوء، بدليل: (شُكِيَ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الرَّجُلُ يَجِدُ في الصَّلاةِ شيئًا أيَقْطَعُ الصَّلاةَ؟ قالَ: لا حتَّى يَسْمع صَوْتًا أوْ يَجِدَ رِيحًا)،[٣٤] ووجه الدلالة من الحديث أنّ النبي أوجب استعمال الماء، ولم يحدّد إن كان قبل الصلاة، أو أثناءها، أو بعدها، وقال بعض الحنابلة إنّ المُتيمِّم في الحالة السابقة يتطهّر، ويبني على صلاته. قال المالكية بإتمام الصلاة؛ لأنّ الله جعل للطهارة وقتاً مُحدَّداً؛ وهو وقت القيام إلى فعل الصلاة، فإن تطهّر المصلّي بالتراب، فقد وقع وقت الصلاة، ولا يجوز له الخروج منها إلّا بدليلٍ. فصّل الشافعية في ذلك؛ فقالوا إنّ كان التيمم يكفي عن إعادة الصلاة، كالتيمم في السفر، فإنّه يُتمّ صلاته، أمّا إن كان لا يكفي، كالتيمم في الحضر، فإنّ الصلاة تبطل، وعليه الإعادة، واستدلّوا بِقولٍ ضعيفٍ: "إنّ الإنسان إذا فقد الماء في الحضر فإنّه يتيمّم ويُصلي، فإن وجد الماء وجب عليه إعادة الصلاة". وجود الماء بعد الانتهاء من الصلاة؛ فإذا وجده بعد خروج وقت الصلاة، فقد أجمع العُلماء على أنّه لا يُعيد صلاته، أمّا إن وجد الماء قبل خروج وقت الصلاة، ففي هذه المسألة أربعة أقوالٍ للفُقهاء، وهي: قول الجُمهور من الحنفية والمالكية وبعض الحنابلة إنّه لا تجب عليه إعادة الصلاة، واستحباب المالكية إعادة الصلاة إن لم يمضِ وقتها، وحصل تقصيرٌ في طلب الماء، بدليل: (أنَّ ابنَ عمرَ أقبلَ من الجرفِ حتى إذا كان بالمِرْبَدِ تيمَّمَ وصلَّى العصرَ ثم دخل المدينَةَ والشمسُ مرتفعةٌ فلم يُعِدِ الصلاةَ).[٣٥] قول بعض الحنابلة باستحباب الإعادة، سواءً خرج وقت الصلاة أو لم يخرج؛ خروجاً من الخلاف. تفريق الشافعيّة بين وجود الماء بعد الصلاة إن كان التيمم في الحضر والسفر؛ فإن كان في الحضر فعليه الإعادة، وإن كان في سفرٍ طويلٍ فلا تجب الإعادة، وإن كان السفر قصيراً فلا. قول عطاء وطاووس بوجوب الإعادة. القُدرة على دفع ثمن الماء بلا مانعٍ، كأن يستدين من أراد الطهارة المال من غيره.[٢٦] الردّة عن الإسلام؛ لأنّ استباحة الصلاة بفعل التيمم تكون مُنتفيةً مع الردّة.[٣٦] زوال العلّة المُبيحة للتيمم، كالقدرة على استعماله بعد العجز.[٣٧] أسباب التيمُّم للتيمم عدّة أسبابٍ، وبيانها فيما يأتي:[٣٨] فُقدان الماء الذي يكفي للوضوء أو الغُسل، سواءً كان الفَقْد حسيّاً، كفقده حقيقةً، أو وجود ماءٍ لا يكفي، أو كان الفَقْد شرعياً، كخوف الوصول إليه، أو إن كان بعيداً، وقد قيّد الحنفية البُعد بمقدار ميلٍ أو أكثر، وعند المالكية بِمقدار الميلَين، أو احتاج إلى ثمنٍ للماء، أو وجد الماء بأكثر من ثمنه المُعتاد، لقوله -تعالى-: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا)،[٤] أمّا الشافعية فقد فصّلوا في جواز التيمم بسبب فَقْد الماء؛ فقالوا: إنّ تأكّد من أراد التطهُّر من فَقْد الماء حوله، فإنّه يتيمّم دون أن يبحث عنه، وإن لم يتأكّد؛ فشكّ أو ظنّ وجوده، فإنّه يبحث عنه، فإن لم يجد، فيجوز له التيمم، أمّا إن تأكّد من وجوده في حدّ القُرب؛ وهو بِمقدار ستّ آلاف خطوةٍ؛ فيبحث عنه، بشرط أن يأمن على نفسه وماله، وألّا ينقطع عن الذين معه في السفر، أمّا الحنابلة فذهبوا إلى أنّه يجب عليه الوضوء في حال عدم وجود ما يكفيه من الماء، فيتوضّأ به، ثُمّ يتيمّم، واستدلّوا بحديث النبي: (وما أمَرْتُكم به فَأْتُوا منه ما استطَعْتُم)،[٣٩] أمّا لِشراء الماء؛ فيجب شراؤه بثمن المثل، ما لم يكن الشراء سبباً لدَينٍ يستغرق جميع المال، أو يمكن أن ينقطع به عن السفر، أو تنقطع نفقة من معه، وأمّا إن وُهِب له ماء، فيجب بالإجماع قبوله، ولا يجب عليه قبول ثمنه، وأمّا في حالة وجود الماء معه ولكنه نسي ذلك، ثُمّ تيمّم وصلّى، ولكنّه تذكّر الماء أثناء وقت الصلاة، فيجب عليه القضاء عند الشافعية، والمالكية، وأبي يوسف من الحنفية، في حين يرى الحنفية أنّه لا يقضي؛ لعدم القُدرة على استعماله؛ فلا قدرةً بلا علمٍ، ولكن إن تذكّر الماء وهو يُصلّي، فقد اتّفق الفُقهاء على أنّه يجب عليه قطع الصلاة، وإعادتها، ويُعيد إن ظنّ عدم وجود الماء. عدم القُدرة على استعمال الماء؛ فعند المالكية، والحنابلة إلى أنّه العاجز عن استعمال الماء، كالمحبوس، والذي يخاف على نفسه، سواءً أكان في الحضر أو السفر، حتى وإن كان السفر في معصيةٍ؛ لأنّ التيمم مُباحٌ مُطلقاً، ولعموم قول النبي: (إنَّ الصعيدَ الطيبَ طهورُ المسلمِ، وإن لم يجدِ الماءَ عشرَ سنين، فإذا وجد الماءَ فلْيمسَّه بشرتَه، فإن ذلك خيرٌ)،[٤٠] أمّا الشافعية فيرون أنّ المُقيم المُتيمّم لعدم وجود الماء يجب عليه القضاء، وكذلك المُسافر في معصيةٍ دون المسافر في طاعةٍ، والحنابلة يرون أنّه لا يعيد؛ لأنّه أدّى ما هو مشروعٌ، واسثنى الحنفية من كان مُكرَهاً على تركه الوضوء، إذ يجب عليه التيمّم، وإعادة الصلاة. المرض، أو تأخّر الشفاء بسبب استعمال الماء، ويُعرَف ذلك من خلال الطبيب أو العُرف. للمزيد من التفاصيل عن كيفية تيمّم المريض الاطّلاع على مقالة: ((كيفية تيمم المريض)). الاحتياج إلى الماء حالاً أو مُستقبلاً؛ وذلك بأن يكون الاحتياج مُؤدِّياً للهلاك، أو إلحاق الأذى الشديد، أو للضرورة اعتقاداً أو ظنّاً، أو لإزالة نجاسةٍ، وإن كانت النجاسة على الثوب عند الشافعية، فإنّ المسلم يتوضّأ، ويُصلّي عارياً، أمّا إن كانت على البدن، فقد قال الحنابلة والشافعية بأنّ النجاسة إن كانت على البدن، وتحقّق العجز عن غسلها، أو أدّى غسلها إلى إلحاق ضررٍ ما، فإنّه يتيمّم ويُصلّي، ويقضي عند الشافعية، ولا يقضي عند الحنابلة. الخوف من ضياع المال في حالة طلب الماء؛ فذهب المالكية إلى أنّ فاقد الماء يتيمّم إن خاف على دفع زيادةٍ على ما معه من مالٍ، وذهب غير المالكية إلى أنّه يتيمّم دون طلب المال في حالة الخوف، سواءً كان الخوف على النفس، أو المال، وغيرهما. شدّة برودة الماء؛ إذ يُشرَع التيمم بسبب شدّة برودة الماء إن تسبّبت البرودة بإلحاق ضررٍ ما، ولم يجد المسلم ما يُسخّن الماء به، ولكن قيّد الحنفية هذا السبب في حالة الخوف من الموت، أو إتلاف لبعض الأعضاء بسبب الوضوء، وذلك للجُنْب فقط ولو في الحضر لا في السفر، وقيّدها المالكية فقط بالخوف من الموت، أمّا الشافعية والحنابلة فقالوا بالتيمّم للبرد إن تعذّر تسخين الماء مع الخوف من إلحاق ضررٍ ما بعضوٍ من الأعضاء، على أن يكون العضو ظاهراً عند الشافعية، وأن يكون الضرر في البدن عند الحنابلة، ويجب عليه القضاء عند الشافعية، أمّا المالكية والحنفية فذهبوا إلى أنّه لا يقضي، وعند الحنابلة روايتان بين القضاء وعدمه. فقدان الآلة التي يُتناول بها الماء، كالحبل، إن خشي المسلم خروج وقت الصلاة، وزاد الحنابلة أنّه يجب عليه طلب استعارة الآلة ليحصل بها على الماء، ويقبلها، وإن استطاع أن يُحضر الماء بثوبه ثُمّ يعصره فيجب عليه الوضوء. الخوف من خروج وقت الصلاة؛ فقد منع الشافعية والحنابلة التيمّم لهذا السبب، باستثناء المسافر، أمّا الحنفية فقالوا بالجواز في عدّة حالاتٍ؛ إن خاف فوات صلاة الجنازة، أو صلاة العيد إن توضّأ، أو صلاة الكسوف، وسُنن الصلوات المفروضة، كسُنّة الفجر، ولا يصحّ عندهم التيمُّم لصلاة الجُمعة، أو الصلوات المفروضة، والوتر، ويرى المالكية جواز التيمُّم لمن فقد الماء وخاف خروج وقت الصلاة. الحكمة من مشروعيّة التيمم الحِكمة من مشروعية التيمم تتمثّل في أن يتسنّى للمُسلم إدراك الصلاة في وقتها، وقد جاءت الكثير من الأدلة التي تدُلّ على مشروعيته من القُرآن، والسنّة، والإجماع، فمن القُرآن قوله -تعالى-: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا)،[٤] ومن السُنة قول النبي: (فُضِّلْنا علَى النَّاسِ بثَلاثٍ: جُعِلَتْ صُفُوفُنا كَصُفُوفِ المَلائِكَةِ، وجُعِلَتْ لنا الأرْضُ كُلُّها مَسْجِدًا، وجُعِلَتْ تُرْبَتُها لنا طَهُورًا، إذا لَمْ نَجِدِ الماءَ)،[٤١] ونقل ابن عمر إجماع العلماء بِقوله: "إنّ التيمم واجبٌ عند فقد الماء أو عدم القدرة على استعماله



الوضوء يُعرَّف الوضوء (بضمّ الواو) في اللغة بأنّه: مصدرٌ مأخوذٌ من الوضاءة؛ وهي الحُسن، والنظافة، والجمال، وفي الاصطلاح الشرعيّ: هو اسمٌ لغسل أعضاء مخصوصة، بكيفيّةٍ مخصوصةٍ.[١][٢] وقد أجمع العلماء على وجوب الطهارة بالوضوء، أو الغسل للصلاة، وغيرها من العبادات، والدليل على ذلك قول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)،[٣] وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ).[٤][٥] كيفية الوضوء كيفيّة الوضوء تتضمّن فرائضَ وسنناً سيأتي بيان أحكامها بالتفصيل بعنوان: أركان وسنن الوضوء، لكن الصفة العامة للوضوء الصحيح كما يأتي: حيث يستحضر المسلم النية قبل الوضوء، فلا يصحّ الوضوء إلّا بنية رفع الحدث الذي منع من العبادة، ثم يسمّي الله، فيغسل كفّيه ثلاث مرّات؛ وحكم غسل الكفين ثلاث مرّاتٍ سنة، والدليل هو حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه، الذي يتضمّن صفة وضوء الرسول عليه الصلاة والسلام، حيث قال: (دعا بوَضوءٍ، فتوضأ، فغسل كَفَّيْهِ ثلاثَ مراتٍ)،[٦] وقد صرف غسل الكفين عن الوجوب عدم ذكر الله -تعالى- لها في قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)،[٧] وبعد ذلك يتمضمض ويستنشق، وتعرّف المضمضة بأنّها إدارة الماء في الفم، أمّا الاستنشاق فهو اجتذاب الماء بالنفس، فقد ورد في حديث عثمان -رضي الله عنه- في صفة وضوء النبي عليه الصلاة والسلام، حيث قال: (فمضمض واستنثر، ثمّ غسل وجهَه ثلاثَ مراتٍ)،[٦] ويُستحبّ تكرار المضمضة والاستنشاق ثلاث مرّاتٍ.[٦][٨] ثم يغسل المسلم وجهه، وحدوده من أعلى الجبهة إلى أسفل اللحية طولاً، ومن الأذن إلى الأذن عرضاً، ويُستحبّ غسله ثلاث مرّاتٍ، لحديث عثمان -رضي الله عنه- في صفة وضوء النبي عليه الصلاة والسلام، حيث قال: (ثم غسل وجهَه ثلاثَ مراتٍ)،[٦] ثم يغسل المسلم يديه إلى المرفقين، ويكون الغسل من الأصابع إلى المرفق، ويستحبّ غسلها ثلاث مرات لحديث عثمان -رضي الله عنه- في صفة وضوء النبي عليه الصلاة والسلام، حيث قال: (ثم غسل يدَه اليُمْنَى إلى المِرفَقِ ثلاثَ مراتٍ، ثم غسل يدَه اليُسْرَى مِثْلَ ذلك)،[٦] ثم يمسح المسلم رأسه، ويمسح أذنيه، وبعد ذلك يغسل قدميه، ويستحبّ ثلاث مرات لحديث عثمان -رضي الله عنه- في صفة وضوء النبي عليه الصلاة والسلام، حيث قال: (ثم غسل رجلَه اليُمنَى إلى الكعبين ثلاثَ مراتٍ، ثم غسل اليُسرَى مِثْلَ ذلك)، ويدعو بعد الانتهاء بالدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم.[٦][٨] أركان الوضوء للوضوء ستّة أركانٍ*، وبيانها فيما يأتي:[٩] النيّة: وهي واجبة، ومحلّها القلب، ودليلها قول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ)،[١٠] وقد خالف الحنفية جمهور العلماء باعتبار النيّة سُنّةً من سُنَن الوضوء،[١١] وهي تعني (شرعاً): قَصْد الشيء مُقترِناً بفِعله، ويُراد بها تمييز العبادة عن العادة، أو تمييز رُتَب العبادات، كتمييز صلاة الفرض عن النافلة، ويُشترَط لها أربعة شروط، هي: الإسلام. التمييز. العلم بالعبادة المراد أداؤها. عدم تعليقها على شرطٍ، وعدم قَطعها، أو التردُّد فيها. غسل الوجه: وحَدّ الوجه من منابت شَعر الرأس المعتادة إلى أسفل الذقن طولاً، ومن الأذن إلى الأذن الأخرى عَرضاً، حيث يجب غَسل ذلك جميعاً، شَعراً خفيفاً وبشرةً، إلّا شعر اللحية*، أو العارضَيْن* الكثيف؛ فيُغسَل ظاهره فقط. غسل اليدين مع المِرفَقَين: يجب غسل اليدين ابتداءً من رؤوس الأصابع إلى المِرفَقَين؛ والمِرفَق هو العَظم الذي يصل بين الساعد، والعَضُد، كما يجب غسل ما عليهما من شَعرٍ ولو كان كثيفاً، أو طويلاً. مَسح شَيءٍ من الرأس: ويكون ذلك بوصول بَلل الماء إلى الرأس، سواءً كان المَسح لبشرة الرأس، أو شَعره. غَسل الرجلَين مع الكعبَين*: وغَسل ما عليهما من الشَّعر، سواءً كان طويلاً، أو كثيفاً. الترتيب: أي عدم تقديم عُضوٍ على عُضوٍ؛ فلا يصحّ تقديم اليدَين على الوجه، وقد جعل كلٌّ من الحنفيّة،[١١] والمالكيّة[١٢] الترتيبَ من سُنَن الوضوء. الموالاة: وهي رُكنٌ من أركان الوضوء عند الحنابلة، ويُقصَد بها: عدم تأخير غَسل عُضوٍ ما عن العُضو الذي قَبله.[١٣] سُنَن الوضوء للوضوء عدّة سُننٍ يُثاب فاعلها، ولا يُعاقَب تاركها، وهي:[١٤] السِّواك: وهو ما يُستعمَل لتطهير الأسنان من عود الأراك ونحوه، ويُسَنّ قبل غسل الكفَّين أو قبل المضمضة. التسمية: وتُسَنّ عند غسل الكفَّين أوّل الوضوء، وأقلّها قول: "بسم الله"، والأفضل قول: "بسم الله الرحمن الرحيم"، ويُسَنّ أن تكون مقرونةً بالنيّة؛ فيكون لسانه بالبسملة، وقلبه بالنيّة، وإذا نَسِيَ البسملة أوّل الوضوء أتى بها في أثنائه؛ فيقول: "بسم الله أوّله وآخره". غَسل الكفَّين إلى الرُّسغَيْن*. المضمضة، والاستنشاق، والمبالغة فيهما لغير الصائم. تكرار غَسل كلّ عُضوٍ ثلاث مرّاتٍ. مَسح الرأس كلّه. مَسح الأذنَين؛ ظاهرهما، وباطنهما بماءٍ جديدٍ غير الماء الذي مُسِح به الرأس. تخليل أصابع اليدَين بالماء. الموالاة: أي تتابُع غَسل الأعضاء. التيامُن: أي تقديم العُضو اليمين على اليسار. إطالة الغرّة والتحجيل، ويُقصَد بإطالة الغرّة: غَسل مُقدّمة الرأس، والأذنَين، والعنق مع الوجه، أمّا إطالة التحجيل، فيُقصَد بها: غسل البعض من العَضُدَين، والساقين؛ بغَسل اليدَين، والقدمَين.[١٤] البدء بغَسل الوجه من أعلاه، والبدء بالأصابع في غَسل اليدَين، والرجلَين. تحريك الخاتم؛ لإيصال الماء يقيناً. استقبال القِبلة. عدم التكلُّم إلّا لمصلحةٍ. عدم ضَرب الوجه بالماء. الذِّكر، والدعاء عَقِب الوضوء؛ بقول: "أشهد أن لا إلهَ الا اللهُ وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المُتطهِّرين"؛ فقد قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (من توضأ فأحسن الوضوءَ ثم قال: أشهد أن لا إله َ الا اللهُ وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهِّرين، فُتحت له ثمانيةُ أبوابِ الجنةِ، يدخل من أيّها شاءَ).[١٥] صلاة ركعتين عقب الوضوء. شروط الوضوء يشترط لصحّة الوضوء عدّة شروط، بيّنها أهل العلم، ويمكن إجمالها فيما يأتي:[١٦] الإسلام: إذ إنّ الوضوء عبادةٌ. التمييز*: فلا يصحّ الوضوء من مجنونٍ، أو صبيّ غير مُميّزٍ؛ لأنّهما ليْسا أهلاً للعبادة. العلم بفرضيّة الوضوء: فلا يصحّ الوضوء حال التردُّد في فرضيّة الوضوء، أو الاعتقاد بأنّ أحد فروضه سُنّةً.[١٧] الطهارة من الحَيض والنفاس: إذ إنّهما ينافيان حقيقة الطهارة. الماء الطهور: إذ لا بُدّ أن يكون طاهراً حتى يكون الوضوء صحيحاً. عدم وجود مانعٍ من وصول الماء إلى البشرة: فلو كان على عُضوٍ ما مانعٌ من وصول الماء إلى البشرة؛ كالأشياء التي تُشكّل طبقةً، أو الأوساخ التي تحت الأظافر، فإنّ وضوءه يُعَدُّ غير صحيح، ولا يَضرُّ أثر الحِنّاء؛ لأنّه لا يمنع من وصول الماء إلى البشرة. جريان الماء على العُضو: لا بدّ من وصول الماء إلى العضو كاملاً. النيّة: وهي شرطٌ عند المذهب الحنبليّ فقط.[١٨] دخول الوقت: وهو شرطٌ خاصٌّ بدائم الحَدث، سواءً أكان الحَدث أصغر، أم أكبر. الموالاة: ويُقصَد بها التتابُع[١٩] في أعمال الوضوء، أو التتابُع بين الوضوء والصلاة لمَن كان دائم الحَدث الأصغر، أو الأكبر. مكروهات الوضوء يُكرَه في الوضوء ما يأتي:[٢٠] الإسراف في ماء الوضوء. تخليل اللحية للمُحرِم بالحجّ، أو العُمرة. الزيادة في غَسل الأعضاء عن ثلاث مرّاتٍ. الاستعانة بغيره في غَسل الأعضاء إلّا لعُذرٍ. نواقض الوضوء يبطلُ الوضوء بعدّة نواقضٍ؛ وهي الأسباب التي تُنهيه، والحدث أمرٌ اعتباريّ يقوم بالبَدن، ويمنع من صحّة الصلاة، والنواقض هي:[٢١] الخارج من أحد السبيلَيْن (القُبل، والدُّبُر): سواءً كان رِيحاً، أو غائطاً، أو بولاً، أو دماً، وغير ذلك ممّا يخرج، إلّا المَنيّ؛ لأنّه يُوجِب أعظم الطهارتَيْن؛ وهو الغُسل، فلم يُوجِب الأخفّ وهو الوضوء، ويجب أن يكون مَنيّ الشخص نفسه، فإن كان منيّ غيره انتقض الوضوء. زوال العقل: أي زوال التمييز؛ بنومٍ، أو جنونٍ، أو سُكْرٍ، أو إغماءٍ، إلّا النوم جلوساً مُتمكِّناً ممّن كان على وضوءٍ. التقاء بشرتَي رجلٍ وامرأةٍ: أي ذَكرٍ وأنثى بالغَين حَدّ الشهوة عند ذوي الطباع السليمة، وليس بينهما محرميّة بنَسبٍ، أو مصاهرةٍ، أو رضاعٍ، ومن غير حائلٍ، فينتقض وضوء اللامس، والملموس، ولا يُنقَض بالتقاء غير البشرة، كالظفر، والشَّعر، ولا بلَمس رَجلَين، أو بلمس امرأتَين، ولا باللمس فوق الحائل، ولا بلمس صغيرٍ أو صغيرةٍ، ولا بلَمس المحرم من نسبٍ، أو رضاعٍ، أو مصاهرةٍ، و قال الحنفيّة بعدم نقض الوضوء بملامسة الذكر والأنثى،[٢٢] وذهب المالكيّة إلى نقض الوضوء باللمس مع وجود الشهوة بين الذكر والأنثى.[٢٣] مَسّ القُبل: أي ذَكر الرجل، وفرج الأنثى من الشخص نفسه، أو من غيره، بباطن اليد، والأصابع، ويُنقَض وضوء الماسِّ دون المَمسوس، وقال الحنفيّة بعدم نقض الوضوء بمَسّ الذكر.[٢٤] القيء والقهقهة: ذهب الحنفيّة إلى أنّهما من نواقض الوضوء.[٢٤] غَسل الميّت: ذهب الحنابلة إلى أنّ غسل الميّت ناقضٌ للوضوء، سواء كان صغيراً أو كبيراً، ذكراً أو أنثى.[٢٥] الأمور التي تجب لها الطهارة من انتقض وضوؤه تحرُم عليه أربعة أشياءٍ، وهي:[٢٦] الصلاة ونحوها، كخطبة الجمعة للخطيب. الطواف بالكعبة. مَسّ المصحف، وحمله، ويجوز حَمله مع متاعٍ آخرٍ إن لم يقصد حَمل المصحف وحده، وقال الظاهريّة بجواز مَسّ المصحف ممّن أصابه حَدثٌ أصغر،[٢٧] واستثنى المالكيّة من الحُكم السابق جواز مَسّ المصحف للمُعلِّم والمُتعلِّم إن أصابهما حدثٌ أصغر، وكذلك جواز مَسّه من قِبل المرأة الحائض بقَصْد العِلم.[٢٨] الماء الصالح للوضوء يُعَدّ الماء من الوسائل التي تحصل بها الطهارة؛ لرَفع الحَدث، وحتى يكون الوضوء صحيحاً، لا بُدّ أن يكون الماء صالحاً للوضوء، علماً أنّ هناك نوعَين من الماء الذي يصلح التطهُّر به، وهما:[٢٩] الماء الطهور: وهو الماء المُطلَق غير المُقيَّد بوَصفٍ؛ فهو طاهرٌ في نفسه، ومُطهِّرٌ لغيره، ويتفرّع إلى سبع مياهٍ، وهي: ماء المطر. ماء البحر. البَرَدْ. الثلج. ماء النهر. ماء العَين. ماء البئر. الماء المُخالِط للطاهرات: وهو الماء الذي خالطه طاهرٌ، كالزعفران، أو الصابون، بشرط عدم سَلب اسم الماء عنه؛ فهو طاهرٌ في نفسه، ومُطهِّرٌ لغيره، فإن لم يُطلَق اسم الماء عليه، فإنّه يكون طاهراً غير مُطهِّرٍ لغيره؛ أي لا يصلح للوضوء. مقدار المد الذي كان يتوضّأ به الرسول وقد كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يتوضّأ بالمُدّ فقط، والذي يُقدّر بستّمئةٍ وثمانيةٍ وثمانين بالمئة قياساً باللتر، وليس هناك حدٌّ أدنى لمقدار الماء الذي يجب الوضوء به، فالمهم استيعاب أعضاء الغسل جميعها في الوضوء، وعدم الإسراف، وهذا ما قاله أكثر أهل العلم، وقال بعض العلماء إنّ الحدّ الأدنى هو المُدّ، فإن كان أقلّ منه لم يصحّ.[٣٠] تجديد الوضوء يُستحَبّ للمسلم أن يُعيد الوضوء وهو على وضوءٍ مُسبَقٍ من غير أن يُحدِث، ومن الأدلّة التي تدلّ على استحباب تجديد الوضوء:[٣١] ما رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- حيث قال: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ قُلتُ: كيفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ؟ قالَ: يُجْزِئُ أحَدَنَا الوُضُوءُ ما لَمْ يُحْدِثْ).[٣٢] ما رواه بريدة بن الحصيب الأسلمي -رضي الله عنه- حيث قال: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ صَلَّى الصَّلَواتِ يَومَ الفَتْحِ بوُضُوءٍ واحِدٍ، ومَسَحَ علَى خُفَّيْهِ فقالَ له عُمَرُ: لقَدْ صَنَعْتَ اليومَ شيئًا لَمْ تَكُنْ تَصْنَعُهُ، قالَ: عَمْدًا صَنَعْتُهُ يا عُمَرُ).[٣٣] وقد اختلف أهل العلم متى يكون مُستحبّاً، وبيان اختلافهم على النحو الآتي:[٣١] الاستحباب مُطلَقاً، حتى وإن لم يمضِ وقتٌ بين الوضوء الأوّل، والوضوء الثاني، وهو قول المذهب الحنفيّ. الاستحباب للصلوات المفروضة فقط، وهو قولٌ في المذهب المالكيّ، وورد في المذهب أيضاً الاستحباب لصلوات الفرض، والنافلة. الاستحباب إن أقام الصلاة بالوضوء الأوّل، أو قرأ القرآن، أو سجد سجود تلاوةٍ، أو شُكرٍ، وهذا قول الجوينيّ في كتابه الفروق. الاستحباب إن فَعل بالوضوء الأوّل ما يُقصَد به الوضوء، وهذا قول الشاشي في كتابَيه: المستظهري، والمعتمد. فضل الوضوء للوضوء العديد من الفضائل والمزايا، والتي منها:[٣٤] سببٌ لنَيل مَحبّة الله -عزّ وجلّ-؛ وذلك لما يكون فيه من الطهارة، والتطهُّر، وهي أمورٌ يُحصِّل بها العبدُ محبّةَ ربّه؛ حيثُ قال -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)،[٣٥] فكان هذا ما يحمل العبد على ملازمة الوضوء، والحرص عليه؛ لئلّا تفوته محبّة ربّه -عزّ وجلّ-، ألا وهي الغنيمة الكُبرى في الدنيا، والآخرة، ومن نالَها أصاب حظّاً وافراً، ونال سعادةً في الدارَين، ومن الجدير بالذكر أنّ الطهارة تشمل الأمور الحسّية؛ وذلك بالحرص عليها من النجاسات، والرذائل، والأمور المعنويّة؛ وذلك بالتزام الأخلاق الحَسنة. سببٌ في دخول الجنّة، وقد جاء حرص النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- واضحاً في الأحاديث؛ فقد ورد عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- أنّه قال: (كانَتْ عليْنا رِعايَةُ الإبِلِ فَجاءَتْ نَوْبَتي فَرَوَّحْتُها بعَشِيٍّ فأدْرَكْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قائِمًا يُحَدِّثُ النَّاسَ فأدْرَكْتُ مِن قَوْلِهِ: ما مِن مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، مُقْبِلٌ عليهما بقَلْبِهِ ووَجْهِهِ، إلَّا وجَبَتْ له الجَنَّةُ قالَ: فَقُلتُ: ما أجْوَدَ هذِه! فإذا قائِلٌ بيْنَ يَدَيَّ يقولُ: الَّتي قَبْلَها أجْوَدُ، فَنَظَرْتُ فإذا عُمَرُ، قالَ: إنِّي قدْ رَأَيْتُكَ جِئْتَ آنِفًا، قالَ: ما مِنكُم مِن أحَدٍ يَتَوَضَّأُ فيُبْلِغُ، أوْ فيُسْبِغُ، الوَضُوءَ ثُمَّ يقولُ: أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا عبدُ اللهِ ورَسولُهُ؛ إلَّا فُتِحَتْ له أبْوابُ الجَنَّةِ الثَّمانِيَةُ يَدْخُلُ مِن أيِّها شاءَ. وفي رواية: فَذَكَرَ مِثْلَهُ غيرَ أنَّه قالَ: مَن تَوَضَّأَ فقالَ أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ)؛[٣٦] والحديث يُبيّن شدّةُ رعاية النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لفريضة الوضوءِ، وبيان صفتها في تعليمها لصحابته -رضوان الله عليهم-، وحَضّ المسلمين على تعلُّم صفة الوضوء الصحيحة؛ بياناً لمكانة الصلاة العظيمة. سببٌ في رَفع الدرجات، وبيان هذا ما جاء عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من حديث أبي هريرةَ -رضي الله عنه- حيث قال: (أَلا أدُلُّكُمْ علَى ما يَمْحُو اللَّهُ به الخَطايا، ويَرْفَعُ به الدَّرَجاتِ؟ قالُوا بَلَى يا رَسولَ اللهِ، قالَ: إسْباغُ الوُضُوءِ علَى المَكارِهِ، وكَثْرَةُ الخُطا إلى المَساجِدِ، وانْتِظارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّباطُ)؛[٣٧] وفي هذا الحديث الشريف أهمّية واضحةٌ، وتأكيدٌ على فضل إتمام الوضوء عند صعوبة ذلك؛ مثل الوضوء وقت البرد؛ فبِه رِفعة درجات المسلم عند ربّه يوم القيامة، ورِفعة المسلم في درجاته في الجنان كنزٌ ثمينٌ يحرص المسلم عليه أشدّ الحرص؛ حتى يرتقيَ بمنزلته في مدارج العُلوّ، ويفوز بوعد ربّه في جنّات السموّ. سببٌ للورود على حوض النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، كما ورد في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- حيث قال: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أتَى المَقْبُرَةَ، فقالَ: السَّلامُ علَيْكُم دارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وإنَّا إنْ شاءَ اللَّهُ بكُمْ لاحِقُونَ، ودِدْتُ أنَّا قدْ رَأَيْنا إخْوانَنا قالوا: أوَلَسْنا إخْوانَكَ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: أنتُمْ أصْحابِي وإخْوانُنا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ فقالوا: كيفَ تَعْرِفُ مَن لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِن أُمَّتِكَ؟ يا رَسولَ اللهِ، فقالَ: أرَأَيْتَ لو أنَّ رَجُلًا له خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ ألا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟ قالوا: بَلَى يا رَسولَ اللهِ، قالَ: فإنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الوُضُوءِ).[٣٨] والشاهد في قوله: "غرّاً مُحجَّلين منَ الوضوء" حيث تتجلّى فضيلةٌ الوضوء وعظمةُ أجره؛ وهذا تأكيد على أنّ الصلاةَ التي يعدّ الوضوء شرط لصحتها ستكون سبباً في ملاقاة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة. سبب من أسباب تكفير الذنوب، لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الذي رواه عن النبيّ -صلى الله عليه وسلّم-؛ إذ قال: (مَن تَطَهَّرَ في بَيْتِهِ، ثُمَّ مَشَى إلى بَيْتٍ مَن بُيُوتِ اللهِ لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِن فَرَائِضِ اللهِ، كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إحْدَاهُما تَحُطُّ خَطِيئَةً، وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً)،[٣٩] والفضل المُترتِّب على ذلك جماليّة التطهُّر والتحلّي بالوضوء قبل الخروج إلى المسجد، وهذا ممّا يُشجّع المسلم على الطهارة في خروجه من بيته؛ حتى يحطَّ اللهُ من ذنوبه، وخطاياه. دليلٌ من الأدلّة على الإيمان؛ فالمسلم الذي يحافظ على وضوئه، ويأتيه حُبّاً يسمو بمرتبته إلى مرتبة الإيمان، فيغدو العلم عملاً مُطبَّقاً، ممّا يُحقّق الإيمان، ويقودُ إليه. النوم على وضوءٍ من أسباب الموت على الفطرة؛ إذ إنّ نوم المسلم على طهارةٍ يُعَدّ من الآداب القَيِّمة كما ثبت في حديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إذ قال: (ذا أتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وضُوءَكَ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ علَى شِقِّكَ الأيْمَنِ، وقُلْ: اللَّهُمَّ أسْلَمْتُ نَفْسِي إلَيْكَ، وفَوَّضْتُ أمْرِي إلَيْكَ، وأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إلَيْكَ، رَهْبَةً ورَغْبَةً إلَيْكَ، لا مَلْجَأَ ولا مَنْجا مِنْكَ إلَّا إلَيْكَ، آمَنْتُ بكِتابِكَ الذي أنْزَلْتَ، وبِنَبِيِّكَ الذي أرْسَلْتَ، فإنْ مُتَّ مُتَّ علَى الفِطْرَةِ فاجْعَلْهُنَّ آخِرَ ما تَقُولُ).[٤٠] الوضوء قبل النوم من أسباب إجابة الدعوات؛ فقد رُوِي عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (ما من مسلمٍ يَبِيتُ على ذِكْرٍ طاهرًا فيَتعارَّ من الليلِ فيسألُ اللهَ خيرًا من الدنيا والآخرةِ إلا أعطاه إياه).[٤١] الهامش *الشرط: ما لا يتمّ الشيء إلّا به، ولا يكون داخلاً في حقيقته.[٤٢] *التمييز: السنّ الذي يستطيع الفرد فيه التفريق بين النافع والضارّ.[٤٣] *الرُّكن: ما لا يتمّ الشيء إلّا به، ويكون داخلاً في حقيقته.[٤٢] *اللحية: هو الشَّعر النابت على الذقن.[٩] *العارض: هو الشَّعر بين اللحية والعذار، والعذار هو: الشَّعر النابت بمحاذاة الأذن.[٩] *الكَعب: هو العَظم البارز بين الساق، والقدم.[٤٤] * الرُّسغ: هو المِفصل بين الساعد، والكفّ



حكم البيع ومشروعيته ثبتت مشروعية البيع كأسلوب لتبادل المنافع بين الناس في كتاب الله، وسنَّة نبيه، وإجماع المسلمين، فمن القرآن الكريم قوله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا).[١]ففي تلك الآية الكريمة دلالة واضحة على حلِّ البيع توسعة على العباد وتحقيقاً للتكامل بينهم، أمّا في السنة النبوية فقد ثبتت مشروعية البيع في أحاديث عدّة من بينها قوله عليه الصلاة والسلام حين سئل أي الكسب أطيب فقال: (عمل الرجل بيده، وكلّ بيع مبرور).[٢]والبيع المبرور هو البيع الخالي من الغش والخيانة.[٣] من صور البيوع المحرمة من البيوع المحرمة في الشريعة الإسلامية نذكر:[٤] بيع المجهول: يقصد ببيع المجهول أن يكون المبيع أو الثمن فيه جهالة كبيرة تؤدّي إلى حصول المنازعة بين الناس، وهذا البيع فاسد عند الحنفية، وهو عند الجمهور باطل. البيع المعلق: يقصد بالبيع المعلّق أن يعلق البائع بيعه للشيء على وجود أمر آخر، ومثال عليه أن يقول البائع للمشتري بعتك كذا إذا جاء والدي من السفر، فهذا الشرط يشتمل على الغرر، ولا علاقة له بعقد البيع فهو فاسد عند الحنفية، وباطل عند الجمهور. البيع بالثمن المحرم: مثال على ذلك بيع الخمر والخنزير. بيع العين الغائبة: يقصد بهذا البيع أن يبيع التاجر شيئاً مملوكاً له على الحقيقة، ولكن دون أن يراه المشتري، وقد جوَّز الحنفية هذا النوع من البيع مع إعطاء المشتري حقّ إنفاذه أو ردّه بعد رؤيته، ويرى الجمهور جواز هذا النوع من البيع لانتفاء الغرر والجهالة، شريطة أن يصفه البائع للمشتري، ثمَّ عند رؤيته يكون المشتري بالخيار فيه. بيع الأعمى وشراؤه: قد منع الشافعية بيع الأعمى وشراؤه إلا إذا رأى المبيع قبل عماه دون أن يتغيّر، وقد أجاز الجمهور بيع الأعمى وشرائه لثبوت الخيار له بما يفيد معرفته بالمبيع من خلال الشمّ، أو التذوّق، أو اللمس. بيع الشيء لمن يستعمله في الحرام: مثال عليه أن يبيع السلاح لغير المسلمين أو لقطاع الطرق، أو أن يبيع العنب لمن يريد أن يعصره لعمل الخمر. بيع العينة: هو أن يبيع شخص شيئاً بثمن مؤجّل، ثم يقوم بشرائه من المشتري نقداً، والغرض من هذا البيع الحصول على المال بعقد صحيح، ووسيلة محرمة، وهو باطل عند المالكيّة والحنابلة، وصحيح عند الشافعية، ويترك أمر نية البائع فيه لله، وهو عند الحنفية صحيح إن كان فيه توسُّط. بيعتان في بيعة: مثال عليه أن يقول البائع بعتك كذا على أن تبيعني كذا، وهو عقد فاسد عند الحنفيّة، باطل عند الحنابلة والشافعيّة، صحيح عند المالكية ويكون بالخيار. بيع النجش: هو أن يزيد الرجل في ثمن السلعة ليوهم غيره بأنّها تستحق هذا الثمن ليقوم بشرائها. بيع المصراة: هو أن يترك الرجل شاته أو ناقته دون أن يحلبها أياماً ليوهم المشتري أنّها تستحق الثمن لامتلاء ضرعها. تلقي الركبان: معناه أن يخرج الرجل من المدينة ليستقبل التجار ويشتري منه بضائعهم قبل أن تنزل إلى السوق، ويكون هدفه من ذلك شراءها بأقلّ من أسعارها بعد تبخيس ثمنها في أعين التجار. قواعد شرعية في تمييز البيوع المحرمة هناك قواعد شرعيّة تُعين المسلم على معرفة العقود المحرّمة، فقد حرمت الشريعة كلّ ما فيه أكل لأموال الناس بالباطل، أو ما يكون فيه الغرر والجهالة التي تفضي إلى العداوة والبغضاء، وكذلك البيوع المشتملة على الربا المحرم، أو الميسر، ومن ذلك بيع العينة، وبيع الدين، أو بيع الشيء المجهول أو ما لا يستطيع الإنسان قبضه



المدينة المنورة تُعتبر المدينة المنورة مِن المعالم الدينية البارزة لدى المسلمين على وجه التحديد؛ لما لها من بعدٍ ديني وتاريخي، حيث يقترن ذكر المدينة المنورة بنشأة الدولة الإسلامية الأولى، وتعتبر المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى، حيث اتخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - داراً للأمة الإسلامية بعد الهجرة النبوية، فهي دار الإيمان والفرقان، كما أنّها تعتبر الحاضنة للمسجد النبوي (مسجد النبي صلى الله عليه وسلم)، وفيها قبره الشريف، ومن المدينة المنورة انبعثت مبادئ الإسلام بعد استقرار الدولة الإسلامية إلى الناس كافة، ومن المدينة المنورة توحّدت راية المسلمين التي تمثّلت بتوحُّد الجزيرة العربية للمرة الأولى في التاريخ، وقد انضوت تحت لوائها العديد من الدول العظمى في ذلك الوقت، وأهمها مصر والعراق والشام وبلاد فارس؛ لتصبح بعد ذلك القبائل العربية منظّمة على هيئة أمةٍ واحدةٍ تُحقّق وعد الله عز وجل على يديها، وبها ازدهر التاريخ العربي حتى أصبحت تلك الأمة جديرة بحمل هذه الرسالة المُتألّقة جيلًا بعد جيل.[١] موقع المدينة المنورة المدينة المنورة هي بُقعةٌ من الجزيرة العربية، وتقع تحديداً في إقليم الحجاز، وقد سُمي الحجاز بذلك لأنه يحجز سهل تُهامة عن مرتفعات نجد فيفصل بينهما، أما موقعها من المملكة العربية السعودية، فتقع على بعد ما يقارب الثلاثمائة وخمسة وثلاثون كيلو متراً إلى الجهة الشمالية من مكة المكرمة، كما تبعد عن البحر الأحمر بما يقارب المائة وستين كيلو متراً إلى الجهة الشرقية منه، وعند تلك النقطة ينتهي وادي القرى ويبدأ وادي العقيق، وتُحيط بالمدينة المنورة الجبال من كل الجهات باستثناء الجهة الجنوبية الشرقية، وتملؤها الحدائق، وهي بموقعها هذا تُمثّل حلقة الوصل بين بادية نجد من جهة والبحر الأحمر من الجهة الأخرى، كما تربط بين اليمن والشام، لذلك وصفها البعض بمدينة القوافل.[١] آثار المدينة المنورة تشتهر المدينة المنورة بالعديد من الآثار الإسلامية الخالدة، والتي نشأت بنشوء الدولة الإسلامية بعد هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- إليها من مكة المكرمة، وفي ما يلي بيان أهمِّ تلك الآثار الإسلامية ومكانتها الدينية عند المسلمين:[٢] المسجد النبوي الشريف: يُعتبر المسجد النبوي الشريف من أهمِّ وأبرز الآثار الإسلامية في المدينة المنورة، كما أنّه ثالث المساجد الثلاثة التي جاء ذكرها في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- بالنهي عن شدِّ الرِّحال إلا إليها، وذلك في الحديث الصحيح الذي يرويه أبو سعيدٍ الخدري رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلَّا إلى ثلاثةِ مساجِدَ: المسجِدِ الحرامِ والمسجِدِ الأقصى ومسجدي هذا).[٣] البقيع: والبقيع هو المكان الذي اختاره النبي -صلى الله عليه وسلم- ليُدفن فيه أهل المدينة، وقد دُفِنَ فيه زوجات النبي وأهل بيته والكثير الكثير من الصحابة الكرام الذين وصل عددهم إلى الآلاف، كما دُفن فيه الكثير من التابعين وعددٌ من أهل العلم والفضل في الإسلام، وللدفن في البقيع ميزات كثيرة وخصالٌ جليلة، أهمها شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- لأهلها، وملازمة الصحابة من المهاجرين والأنصار والتابعين وخيرة أهل الأرض من العلماء العاملين وغيرهم.[٤] المساجد السبعة: والمساجد السبعة هي أماكن اختارها النبي -صلى الله عليه وسلم- أثناء غزوة الخندق التي جرت بين المسلمين والأحزاب التي تحالفت مع قريش؛ حيثُ اتَّخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- تلك الأماكن لوضع خيمته فيها، وهي موجودةً في موقعٍ يُطلَق عليه اسم جبل سلع، وقد قام النبي -صلى الله عليه وسلم- بالصلاة فيها والدعاء على أهل الأحزاب من مشركي قريش ومن ساندهم، كما أمر النبي أصحابه بنصب خيامهم في تلك البقعة ضمن أماكن مُتفرّقة بحدود موقع الخندق، وبعد انتهاء المعركة وترك الموقع من قِبَل النبي وأصحابه جرى تحديد الأماكن التي وضعت فيها خيمة النبي وخيام أصحابه، ثم بُنيَت عليها بعد ذلك مساجد خُصِّصَت لهذه الأماكن. مسجد الجمعة: وهذا المسجد كذلك قصته مشابهة للمساجد السبعة؛ إذ إنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما هاجر إلى المدينة المنـورة قادماً من مكة المكرمة وقبل وصوله إلى المدينة، توجه إلى قباء وأقام فيها أربعة أيام، فمكث فيها من يوم الاثنين إلى يوم الجمعة، ثم توجّه إلى المدينة المنورة قبل صلاة الجمعة، وبعد انطلاقه من قباء ببرهة أدركته صلاة الجمعـة فصلاها في وادٍ يقال له وادي الرانوناء، وقد جرى بعد ذلك تحديد ذلك الموضع وبُنِيَ عليه مسجدٌ من الحجر وسُمّي بمسجد الجمعة، وقد تهدَّم ذلك المسجد عدة مرات، وفي كل مرة كان يُعاد بناؤه حتى عام 1409هجرية، وبعدها أمر خادم الحرمين الشريفين بهدمه وإعادة بنائه مرةً أخرى بقصد توسعته وإضافة بعض المرافق الخدمية إليه؛ كسكن الإمام والمؤذن، ودورات المياه، كما جرى تزويده حينها بمكتبة ومدرسة لتحفيظ القرآن الكريم ومصلّى للنساء. مسجد ذي الحليفة: ويعرف بمسجد الميقات أو مسجد الشجرة، أمّا سبب تسميته بمسجد الشجرة فلأنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان ينزل تحت شجرة في ذلك الموقع من ذي الحليفة، وذو الحليفة هو الميقات المُحدّد لأهل المدينة ومن يمرُّ بها. جبل الرماة: وجبل الرماة هو جبلٌ صغير الحجم يقع بمحيط جبل أحد وفي القرب منه، وتحديداً يقع فى الجهة الجنوبية الغربية من جبل أحد فى مكان وقوع غزوة أحد. مسجد القبلتين: يقع مسجد القبلتين على ربوة من منطقة تُسمّى الحرة الغربية أو حرة الوبرة، وقد بناه قومٌ من أهل المدينة يقال لهم بني سواد بن غنم، وكان ذلك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ويحتلُّ هذا المسجد مكانةً بارزةً في التاريخ الإسلامي؛ حيثُ جرى فيه تغيير قبلة المسلمين من المسجد الأقصى المبارك إلى الكعبة المشرفة وقد كان ذلك يوم الخامس عشر من شهر شعبان من السنة الثانية للهجرة الشريفة. مسجد قباء: هو أول مسجدٍ في الإسلام، وقد شارك النبي -صلى الله عليه وسلم- ببنائه بنفسه مع الصحابة الكرام، وقد أسّس ذلك المسجد على التقوى، وفيه جاء قول الله تعالى: (لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ ۚ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا ۚ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ)،[٥] ويقع مسجد قباء في الجهة الجنوبية الغربية من المدينة المنورة، وفيه قبةٌ قائمةٌ قيل أنها موضع بروك ناقة النبي -صلى الله عليه وسلم- لمّا وصل المدينة، ومن آثاره البارزة حجـرٌ نُقِشَ عليه تاريخ إعادة بناء المسجد من أحد الأشراف، وكان ذلك عام أربعمائة وخمسة وثلاثون للهجرة، وقد جرت الكتابة بالخـط الكوفي، وهو على بعد ما يقارب النصف ساعة من المشي المعتدل عن المسجد النبوي الشريف. مقبرة شهداء أُحد: سُمّيت مقبرة شهداء أُحد بذلك؛ لكونها تضم رفات الشهداء الذين استشهدوا في معركة أُحد، وهم سبعون شهيداً أبرزهم حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم، ومصعب بن عمير، وغيرهم، وتقع هذه المقبرة إلى الجهة الشمالية من المسجد النبوي، وتبعد عنه ما يقارب 5 كم، وهي بجوار جبل أُحد الذي جرت حوله معركة أُحد، ويُستحبّ لمن قدم إلى المدينة أن يزور مقبرة أُحد للسلام على شهداء أُحد من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين.[٦] مسجد العنبرية: وهو مسجدٌ أُقيم في عهد الدولة العثمانية، ويقع إلى الجهة الغربية من الحرم النبوي الشريف، وعلى مقربةٍ من محطة سكة الحديد الحجازية، وهو محاطٌ بحديقة دائرية الشكل. معالم دينية وأثرية أخرى في المدينة إضافة إلى ما ذُكر من المعالم الدينية السابقة في المدينة المنورة، فإنّ فيها العديد من الآثار الدينية والأثرية والتي تُظهِر عُمق التاريخ الإسلامي المُتربّع في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم، كما تُشير تلك المواقع إلى رمزية المكان وأهميته، ومن تلك الآثار دار الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه التي نزل بها النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم من مكة المكرمة إلى المدينة، وقد أُقيمَ على أنقاض دار أبي أيوب الأنصاري مدرسة، ثم تحوّلت تلك المدرسة إلى مسجد ثم أُدخلت ضمن التوسعة التي جرت للمسجد النبوي، فأصبحت جزءاً منه، ومن أبرز الأماكن الأثرية كذلك دار الحسن بن زيد ابن حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي بن أبي طالب، وفيها كذلك دار جعفر الصادق، وقد أُزيلت جميع تلك الدور لتوسعة المسجد النبوي، ومن الأماكن الأثرية كذلك في المدينة المنورة محطة الشام التي أُنشئت في عهد السلطان العثماني عبدالحميد الثاني، وهي على غرار محطة الحجاز في دمشق، وقد رُبِطَت تلك المحطة المدينة المنورة ومكة المكرمة ببلاد الشام المرتبطة بإسطنبول عاصمة الخلافة العثمانية في وقتها


تعريف النفاق وأنواعه النفاق هو أن يُظهر المرء الإسلام، وهو يبطن في داخله الكفر، وسمّي بذلك؛ لأنّه كالذي يمشي في نفقٍ يدخل من بابٍ منه إلى الإسلام، ويخرج من الباب الآخر، وهذا ما وصفه الله -سبحانه وتعالى- في حال المنافقين في قوله: (وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَد دَّخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ).[١][٢] تفسير حديث آية المنافق ثلاث أورد البخاري في صحيحه في كتاب الإيمان باب علامة المنافق، قول النبي صلى الله عليه وسلم: (آية المنافق ثلاثٌ: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤْتمن خان)،[٣] وقد اختلف العلماء في سبب إلحاق البخاري لحديث آية المنافق ثلاث لكتاب الإيمان، فمنهم من قال أنّ المعاصي تُنقِص الإيمان، كما إنّ الطاعة تزيد الإيمان، ومنهم من ذهب إلى أنّ النفاق علامةٌ على عدم الإيمان، فناسب ذكر الحديث في كتاب الإيمان، أو إنّه ذكره في باب الإيمان حتى يُعلم أن بعض النفاق كفر، وبعضه الآخر ليس كفراً، والمقصود في قوله: (آية المنافق ثلاث)؛ فالآية: هي العلامة، وإفراد كلمة آية إمّا أن المراد منها الجنس، أي إن أيّ علامةٍ من الثلاث المذكورة في الحديث تدل على النفاق، أو إنّ علامة النفاق لا تحصل إلا باجتماع الخصال الثلاث، والأوّل أنسب لمنهج البخاري،[٤] وقد ذهب العلماء في تفسير حديث آية المنافق ثلاث إلى خمسة أقوال:[٥] القول الأول: إن المقصود بالحديث هو تشبيه المسلم المتّصف بهذه الأخلاق الذميمة بالمنافق، فالحديث على سبيل المجاز، لا على سبيل الحقيقة، وهذا ما قاله النووي. القول الثاني: إن المقصود بالنفاق في الحديث ما تعلّق به العمل، وليس النفاق الاعتقادي، وهذا ما قاله الإمام القرطبي، ورجّحه ابن رجب، وابن حجر العسقلاني، وهو أرجح الأقوال. القول الثالث: إنّ لفظة النفاق كان المقصود منها الإنذار، والتحذير من ارتكاب هذه الخصال، وهذا ما قاله الخطّابي. القول الرابع: إنّ المقصود بالحديث هو الشخص الذي أصبحت هذه الصفات من سجيّاته، وخُلقه الدائم، لأنّه اعتادها، وتهاون بها، وكأنه استحلّها، ومثل هذا يغلب عليه فساد الاعتقاد. القول الخامس: ليس المقصود بالحديث المسلمين، وإنّما المنافقون الحقيقيون الذين كانوا في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن ضعَّف هذا القول ابن رجب. إذا حدّث كذب الكذب عملٌ مذمومٌ، وصفةٌ رذيلةٌ من صفات المنافق وشُعب الكفر، وهو دليل على ضعف النفس، وانعدام الثقة، وحقارة الشأن، وهو خُلقٌ ساقطٌ بغيضٌ إلى الله تعالى، وإلى رسوله الكريم، وإلى الفِطَر السليمة الصادقة، يأباه الشرفاء، ويمقته العقلاء، يُهين أصحابه، ويُذلّهم، وهو سبب كل بلاء، فهو السبب في صدّ الناس عن الدين، وتكذيب الأنبياء، وقد ذكره النبي في حديث (آية المنافق ثلاثٍ) للتحذير منه والابتعاد عنه، ويمكن علاجه بما يأتي:[٦] تعريف الكاذب بحرمة الكذب وشدّة عقابه. تعويد النفس على تحمُّل المسؤولية وقول الحق، حتى لو كان في الصدق مشقّة على النفس. المحافظة على اللسان ومحاسبته. استبدال مجالس الكذب وفضول الكلام، بمجالس الذكر وحلقات العلم. العلم بأنّ الكاذب متّصفّ بصفةٍ من صفات المنافقين، وأن يستشعر أن الكذب طريقٌ للفجور، وأن الصدق يهدي إلى الجنة. تعويد الأطفال منذ الصغر على الصدق قولاً وفعلاً. إذا وعد أخلف إن من صفات المنافق أنّه إذا وعد أخلف، وهو على نوعين:[٧] النوع الأول: أن يعدَ شخصٌ شخصاً آخر، ويكون في نيّته أنّه لن يفي بوعده، وهذا أسوأ أنواع الإخلاف بالوعد، ومثال ذلك ما ذكره الأوزاعي: "لو قال: أفعل كذا إن شاء الله تعالى، ومن نيّته أن لا يفعل كان كذباً وخُلفاً". النوع الثاني: أن يعدَ شخصٌ شخصاً آخر، ويكون في نيّته أنّه سيفي بوعده، ثم يبدو له أمرٌ معين، فيخلف بوعده من غير عذرٍ له في الخلف. إذا أؤتمن خان تعتبر خيانة الأمانة من علامات النفاق العملي التي ذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث آية المنافق ثلاث، وخيانة الأمانة غير محصورةٍ في الودائع والأمور المالية فقط، ولكنها شاملةً لكلّ أنواع الخيانة القولية أو الفعلية، كإفشاءٌ الأسرار ونحو ذلك مما يؤتمن عليه الإنسان في تعامله مع من حوله، وقد حذّر القرآن الكريم من الخيانة، ونهى عنها في قوله تعالى: (فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ)،[٨] وهناك صورٌ للخيانة يجب الابتعاد عنها، لأنها تدلّ على عدم اكتمال الإيمان، كالخيانة بين العبد وربه، وتكون في العبادات والطاعات، والخيانة بين العبد وغيره من البشر، وتكون في مختلف صور المعاملات.[٩] صفات المنافقين أخبرنا الله -سبحانه وتعالى- عن صفاتٍ أخرى للمنافقين -غير الواردة في حديث آية المنافق ثلاث- لنبتعد عنها، ونتجنّبها، ومن هذه الصفات؛ المكر، والخداع، والاعتداء على الناس، والتكاسل، والتثاقل عن الصلاة، والغفلة، وقلّة ذكر الله تعالى، والرياء في الأعمال، فالرياء يدخل في صلاة المنافقين، و في صدقتهم، وحتى في ذكرهم لله تعالى، والتذبذب وعدم الثبات، فهم متردّدون أحياناً مع المؤمنين، وأحياناً أخرى مع الكافرين، فهم لا مع أهل الحق، ولا مع أهل الباطل، إنّما يتنقّلون مع من رَأوْ معه المصلحة والأمان والانتصار، سواء مؤمن أو كافر.[١٠] أنواع النفاق ينقسم النفاق إلى نوعين هما:[٢] النوع الأول: النفاق الأكبر وهو النفاق الاعتقادي، ومعناه أن يظهر الإنسان الإسلام، ويُبطن الكفر، وجميع ما ذُكر في القرآن الكريم من النفاق هو من هذا النوع، وهو النفاق الذي كان منتشراً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ونزل القرآن الكريم بتكفير أهل هذا النفاق وذمّهم، وبيّن أنّ مصيرهم في الدرك الأسفل من النار، وأنهم بهذا النفاق أصبحوا خارجين من ملّة الإسلام، أعداءً لله ورسوله، وقد وصف الله -سبحانه وتعالى- أصحاب هذا النفاق بشرّ الصفات منها؛ الكفر بالله تعالى، وعدم الإيمان به، والاستهزاء والسخرية من الدين وأهله، والصدّ عن سبيل الله تعالى، والكيد للمؤمنين، واتّخاذهم أعداء، والتفريق بين صفوفهم، وتمزيق وحدتهم. النوع الثاني: النفاق الأصغر وهو النفاق العملي، ومعناه قيام المسلم بعمل شيءٍ من أعمال المنافقين، لكن مع بقاء إيمانه في قلبه، وهذا النوع من النفاق لا يعتبر مُخرِجٌ من الملّة، لكنه وسيلةٌ إلى ذلك، فالمنافق من هذا النوع يكون في قلبه إيمانٌ ونفاقٌ، وإذا أكثر من النفاق أصبح منافقاً خالصاً.


alshamelnews

{picture#https://1.bp.blogspot.com/-XSB6eD5uNZY/XzOtz8Qxd3I/AAAAAAAAAxc/qAiFhWAjygI5p1u3Y05HD9F4bK_J8wSfgCLcBGAsYHQ/s0/%25D8%25B4%25D8%25A7%25D9%2585%25D9%2584.jpg} اعجبك المقال يرجى مشاركة الموضوع لتعم الفائدة
يتم التشغيل بواسطة Blogger.