القرآن الكريم من فضل الله -تعالى- على البشر أن أرسل إليهم رسلاً مبشّرين ومنذرين؛ ليدعوا إلى عبادة الله وحده، وأنزل إليهم كُتباً لتقوم على الناس الحُجّة بذلك، كما قال الله تعالى: (رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)،[١] وبعد فترةٍ من انقطاع الرسل، بعث الله -تعالى- محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وأنزل عليه القرآن الكريم؛ ليُكمل صرح الرسل السابقين، بشريعةٍ عامّةٍ خالدةٍ، حيث قال النبي عليه الصلاة والسلام: (مثَلِي ومثلُ الأنبياءِ من قبلِي كمثلِ رجلٍ بنَى بنياناً فأحسنَهُ وأجملَهُ إلَّا موضعَ لبنةٍ من زاويةٍ من زواياهُ فجعلَ النَّاسُ يطوفونَ به ويَعجبونَ له ويقولونَ: هلَّا وُضِعَتْ هذه اللَّبِنةُ، قال: فأنا اللَّبِنَةُ وأنا خاتَمُ النَّبيِّينَ)،[٢] ومن الجدير بالذكر أنّ القرآن الكريم كان آخر الرسالات إلى الناس أجمعين، حيث قال الله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا)،[٣] وقد تحدّى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- العرب بأن يأتوا بمثل القرآن الكريم، فلم يستطيعوا، فتحدّاهم بأن يأتوا بعشر سورٍ مثله، فعجزوا عن ذلك، وتحدّاهم بأن يأتوا بسورةٍ فما استطاعوا، على الرغم من أنّهم أهل الفصاحة والبلاغة، فثبت له الإعجاز، وبإعجازه ثبتت الرسالة، ويُعرّف القرآن الكريم بأنّه كلام الله تعالى، المُنزل على محمّد صلّى الله عليه وسلّم، والمتعبّد بتلاوته.[٤] أحكام التلاوة والتجويد يُعرّف التجويد لغةً بتصيير الشيء جيداً، وهو ضدّ الرديء، وجوّد فلان الشيء؛ أي فعله جيداً،[٥] واختلف العلماء في تعريف التجويد اصطلاحاً؛ حيث قال بعضهم إنّه إعطاء الحروف حقوقها، وترتيبها مراتبها، وتصحيح لفظ الحرف، وردّه إلى أصله ومخرجه، وإلحاقه بنظيره، وتلطيف النطق به على حال صيغته، من غير إفراطٍ ولا تكلّف، ولا إسرافٍ، ولا تعسّفٍ، أمّا التلاوة فتعرّف بأنّها قراءة القرآن متتابعاً، كالأجزاء والأسداس، وأمّا الأداء فهو القراءة بحضرة الشيوخ، أو الأخذ عنهم بالسماع منهم، ويُمكن القول أنّ الترتيل اصطلاحاً كما عرّفه الإمام علي بن أبي طالب هو: تجويد الحروف ومعرفة الوقوف،[٦] ومن القواعد والضوابط التي وضعها علماء التجويد: أحكام النون الساكنة والتنوين، وأحكام الميم الساكنة، والمد بأقسامه، والوقف والابتداء، والمثلين، والمتقاربين، والمتجانسين.[٧] أحكام النون الساكنة والتنوين أحكام النون الساكنة والتنوين أربعة أحكامٍ، وهي:[٨] الإدغام: يُعرّف الإدغام لغةً بإدخال شيءٍ في شيءٍ، وأمّا اصطلاحاً فهو التقاء حرفٍ ساكنٍ بآخرٍ متحركٍ، بحيث يصيران كالحرف الثاني مشدّداً، وتُدغم النون الساكنة والتنوين إذا جاء بعدها أحد حروفه، وهي المجموعة في كلمة: يرملون، وعلّة إدغام النون الساكنة والتنوين بأحرف الإدغام التماثل بالنسبة للنون، والتقارب بالنسبة لباقي الأحرف، وتجدر الإشارة إلى أنّ الإدغام ينقسم إلى نوعين من حيث النقص والكمال؛ فالإدغام الناقص هو الذي يبقى معه أثر للنون الساكنة والتنوين بعد إدغامها في حرفي الياء والواو، وأمّا الإدغام الكامل فلا يبقى معه أثر للنون الساكنة أو التنوين عند إدغامها بباقي أحرف الإدغام، بالإضافة إلى أنّ الإدغام ينقسم من حيث الغنّة إلى نوعين؛ الأول إدغام بغنّةٍ، ويكون إذا جاء بعد النون الساكنة والتنوين أحد أحرف كلمة: ينمو، وأمّا النوع الثاني فهو الإدغام بغير غنّةٍ، ويكون إذا جاء بعد النون الساكنة أو التنوين حرفي الراء أو اللام، والغنّة صوت يخرج من الأنف، ولا علاقة للسان فيه، ويُغنّ الحرف بمقدار حركتين، والحركة هي مقدار فتح الإصبع أو إغلاقه.[٩] الإقلاب: ويعرّف الإقلاب لغةً بتحويل الشيء عن وجهه، وأمّا اصطلاحاً فهو تحويل النون الساكنة أو التنوين إلى ميمٍ، مع مراعاة الغنّة، ويكون الإقلاب إذا جاء بعد النون الساكنة أو التنوين حرف الباء، ومثال ذلك: (يُنْبِتُ لَكُمْ)، وتلفظ (يمبت لكم)، مع مراعاة الغنّة. الإخفاء: وهو الستر في اللغة، وأمّا اصطلاحاً فهو النطق بالنون الساكنة أو التنوين من غير تشديدٍ على صفةٍ بين الإظهار والإدغام، مع بقاء غنة الحرف الأول بمقدار حركتين، ويكون الإخفاء إذا جاء بعد النون الساكنة والتنوين أحد أحرف الإخفاء، وهي: ص، ذ، ث، ج، ش، ق، س، ك، ض، ظ، ز، ت، د، ط، ف. الإظهار: ويعرّف لغةً بأنّه البيان، وأمّا اصطلاحاً فهو النطق بالحرف من مخرجه بدون غنّةٍ، ويكون الإظهار إذا جاء بعد النون الساكنة أو التنوين أحد حروف الإظهار، وهي: الهمزة، والهاء، والخاء، والغين، والحاء، والعين. أحكام الميم الساكنة يتعلّق بالميم الساكنة ثلاثة أحكام، وهي:[٨] الإدغام: ويكون إذا التقت الميم الساكنة بميمٍ متحركةٍ في بداية كلمة أخرى، فتدخل الميم الأولى بالثانية، وتصبحان ميماً واحدةً مشدّدةً، مع مراعاة الغنّة، ويسمّى هذا النوع من الإدغام إدغاماً شفويّاً، أو إدغاماً متماثلاً. الإخفاء: حيث يكون إخفاء الميم الساكنة إذا جاء بعدها حرف الباء، ويسمّى هذ النوع بالإخفاء الشفويّ؛ لأن مخرج الميم والباء من الشفة. الإظهار: ويكون إظهار الميم الساكنة إذا جاء بعدها أحد أحرف الإظهار الشفويّ، وهي جميع الحروف الهجائيّة إلّا حرفا الميم والباء. المدود المد لغةً الزيادة، أمّا اصطلاحاً فهو إطالة زمن الصوت بحرفٍ من أحرف المد، وهي: الألف الساكنة المفتوح ما قبلها، والواو الساكنة المضموم ما قبلها، والياء الساكنة المكسور ما قبلها، وينقسم المدّ إلى نوعين، هما:[١٠] المد الأصلي: وهو المدّ الطبيعي الذي لا تقوم ذات حرف المدّ إلّا به، ولا يتوقّف على سببٍ من همزٍ أو سكونٍ، ويُمدّ الحرف بمقدار حركتين، ومن المدود التي تلحق بالمد الأصلي، وتمدّ بقدار حركتين: مد العِوض؛ ويكون في حال الوقف عوضاً عن تنوين الفتح حال الوصل. مد الصِلة الصغرى؛ وهو حرف مدّ زائد، يتحصّل من إشباع الحركة على هاء الضمير الواقعة بين متحركين، يكون ثانيهما غير مهموز. مد البدل؛ ويكون إذا جاء همزٌ بعده مد في كلمةٍ واحدةٍ. مد التمكين؛ ويقع هذا المد على الياء الساكنة إذا جاء قبلها ياءً مشدّدةً مكسورةً. المد الفرعيّ: وهو المد الزائد على المد الطبيعي، وسبب الزيادة إمّا الهمز وإمّا السكون، وأمّا المد الفرعي بسبب الهمز فينقسم إلى قسمين؛ هما: مد واجب متصل: ويكون إذا جاء بعد أحد أحرف المد همزٌ في نفس الكلمة، ويمدّ بمقدار خمس أو أربع حركات، ومن الأمثلة عليه: جاء، والسماء، وسوء. مد جائز منفصل: ويكون إذا جاء بعد أحد أحرف المد همزٌ في بداية الكلمة الثانية، ويمدّ بمقدار خمس أو أربع حركات. أمّا المدود التي بسبب السكون فهي: المد العارض للسكون: ويكون إذا جاء بعد حرف المد حرفٌ متحركٌ، وُقف عليه بالسكون، ويُمدّ حركتين، أو أربع، أو ست حركات. المد اللازم: ويكون إذا جاء بعد أحد أحرف المد حرفٌ ساكنٌ سكوناً لازماً، وسمّي مداً لازماً؛ للزوم السكون في حالتي الوصل والوقف، أو للزوم مدّه عند كلّ القرّاء ست حركاتٍ، في حال الوصل أو الوقف، إلّا حرف العين في موضع: (كهيعص)، وموضع: (حمعسق)؛ حيث إنّه يجوز فيها التوسّط، أي أن يكون المدّ بمقدار أربع حركاتٍ.


بين يدي سورة الحشر سورة الحشر هي السورة رقم (59) في ترتيب المصحف الشريف، وهي سورة مدنيّة أي أنّها نزلت في المدينة المنوّرة بعد الهجرة النبويّة الشريفة من مكة إلى المدينة،[١] وعدد آيات سورة الحشر أربع وعشرون آية. تبدأ سورة الحشر بتسبيح الله أي حمده والثناء عليه وتنزيهه عن النقص تعالى ربّ العزة عن النقص علواً كبيراً، وتختتم سورة الحشر بالكلام عن صفات الله تعالى في إثباتٍ لما بدأ به سبحانه من التسبيح ، ويعود سياق الآية الأخيرة ليؤكد كمال الله سبحانه، وأنّه الخالق والبارئ والمصور، وأنّ له الأسماء الحسنى والصفات العلا، وأنّ جميع الكائنات وجميع المخلوقات في السماوات وفي الأرض تسبّح لله العزيز في أسمائه والحكيم في صفاته. سبب نزول سورة الحشر نزلت سورةُ الحشر في السنة الرابعة للهجرة؛ وسببُ نزولها هو غدرُ يهود بني النضير بالمسلمين، وبنو النضير هُم إحدى قبائل اليهود التي سكنت المدينة المنورة، ولمّا استقرّ رسولُ الله -صلى اللهُ عليه وسلم- في المدينة هو والمسلمون، وبدأوا بتأسيس النّواة الأولى للدولة الإسلاميّة حرص الرسولُ -صلى اللهُ عليه وسلم- والمسلمون على تحصين الجبهة الداخليّة، وبدأوا بتوقيع العهود والمواثيق مع سكان المدينة وجوارها من غير المسلمين ومنهم بنو النضير، وكان من ضمن الاتفاق التشارك في الدية، وتعويض أهل المقتول إن كان القاتلُ من المسلمين أو من يهود بني النضير. ذهب الرسولُ -صلى اللهُ عليه وسلم- وبرفقته عشرة من كبار الصحابة على رأسهم أبو بكر الصديق وعُمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعاً إلى بني النظير، فاستقبله يهود بني النضير استقبالاً حسناً، ولكنهم أرادوا أن يستغلّوا الموقف فرتّبوا للغدر بالرسول -صلى اللهُ عليه وسلم- وخططوا لقتله وهو عندهم، حيثُ أمروا أحدهم بأن يصعد فوق الجدار الذي كان يستند عليه الرسول -صلى اللهُ عليه وسلم- وأن يلقي صخرة عليه صلى اللهُ عليه وسلم، وفعلاً استعدّ عمرو بن جحّاش بن كعب من بني النضير لتنفيذ مهمة قتل الرسول، إلا أنّ الرسول -صلى اللهُ عليه وسلم- تنبّه لهذا الأمر، وغادر قبل ذلك، وعزم الرسول -صلى اللهُ عليه وسلم- على معاقبة بني النضير على خيانتهم، وغدرهم، ونقضهم للعهد الذي عاهدوا عليه رسول الله والمسلمين.[٢] سبب تسمية سورة الحشر ذُكر في سبب نزول سورة الحشر أنّها نزلت في السنة الرابعة للهجرة، وأنّها نزلت في بني النضير، وسبب تسمية هذه السورة بسورة الحشر أنّها تكلّمت عن حشر بني النضير، حيث حاصرهم الرسول عليه الصلاة والسلام حينما قرّر أن يعاقبهم، ثم استسلموا بعد ذلك للرسول ولأصحابه الكرام، وحكم عليهم الرسول -صلى اللهُ عليه وسلم- بالجلاء والابتعاد عن المدينة المنوّرة، وكانوا أول من تمّ إجلاؤهم وإخراجهم من أهل العرب في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومعنى أوّل الحشر أي خروجهم الأول من حصونهم في المدينة إلى خيبر، وأما معنى آخر الحشر الذي ورد في السورة كذلك فهو خروجهم من خيبر إلى بلاد الشام. قال بعض المفسّرين أنّ آخر الحشر هو حشر البشر جميعاً الأخير في أرض الحشر، أو أرض المحشر، ومن المعلوم أنّ محشر الناس النهائي يكون في الشام،[٣] موضوعات سورة الحشر تعالج سورة الحشر عدداً من الموضوعات، وفيما يلي بيان هذه الموضوعات:[٤] الكلام عن حادثة الحشر ومعاقبة بني النضير من اليهود. الكلام عن خروج بني النضير، وتشتتهم وابتعادهم عن المدينة. نسبة إخراج بني النضير إلى الله سبحانه وتعالى وإلى تقدير الله. بيان مصير من يشاقق الله تعالى ويعصيه ويتحدّاه. بيان استقرار قلوب المؤمنين واطمئنانها بنصر الله للحق. الكلام عن حكم الفيء الذي أفاء به الله سبحانه وتعالى على المؤمنين. الكلام عن أهم ملامح شخصيّة التابعين، ودعائهم لمن سبقهم بالإيمان. بيان زيف العلاقة بين المنافقين وأهل الكفر، وأنّها علاقة باطلة فاسدة. لا ينال أهل الكفر والنفاق من المسلمين إلا حين تتفرّق قلوبهم. مخاطبة المؤمنين ودعوتهم إلى تقوى الله ومراقبته، وأن يراقب المسلم نفسه وتصرفاته. الموازنة بين أهل الحق وأهل الباطل وأهل الجنة وأهل النار، وتقرير أنهم لا يستوون، فأصحاب الجنة الذين هم أهل الحق هم الفائزون. بيان أثر القرآن الكريم في القلوب. استعراض عدد من أسماء الله وصفاته، وتختتم السورة كما بدأت بالتسبيح. التناسب بين بداية السورة ونهايتها ترتبط بدايةُ سورة الحشر مع نهايتها برابطٍ يقوم على تسبيح الله سبحانهُ وتعالى الكامل المنزّه عن كل نقص، فبداية السورة تبدأ بنسبة تسبيح الله سبحانه وتعالى إلى جميع المخلوقات في السموات والأرض، وأنّه سبحانه وتعالى هو العزيز الحكيم ذو القوة والمنعة والجبروت والحكمة، ثم تبدأُ السورة بعرض موضوع الحشر، وإخراج أهل الكتاب وهم بنو النضير في هذه السورة، والكلام عن إخراجهم من ديارهم وهو الخروج الأوّل من المدينة المنوّرة إلى خيبر، ثمّ ترتبط مقدمة السورة بنهايتها بذكر صفات الله سبحانه وتعالى، بعد الكلام عن الموازنة والمقارنة بين أصحاب النار وأصحاب الجنة، وأنّهُ لا يستوي أصحابُ النار وأصحاب الجنّة؛ فأصحابُ الجنّة هم الفائزون؛ لأنّهم صدّقوا وآمنوا بالله وبأسمائه وبصفاته العلا سبحانه وتعالى، فهو الخالقُ والبارئُ والمصوِّرُ، وتسبّحُ له سبحانه وتعالى جميع المخلوقات في السموات والأرض، فهو العزيزُ الذي لا يُضاهيه عزيزٌ في أسمائه ولا في صفاته، وهو الحكيمُ في خلقه وفي تقديره سبحانهُ وتعالى.[٥] كيف أنتفع بسورة الحشر إنّ القرآن الكريم هو كلام الله تعالى إلى خلقه جميعاً، يخاطب فيه البشر كلّ البشر، ويدعوهم إلى ما فيه الخير والصلاح والفوز والنجاح والهداية لهم، وحتى ينتفع الإنسان بالقرآن الكريم وينتفع بسورة الحشر وهي من سور من القرآن عليه أن يستحضر النية ويخشع عند تلاوتها وعند سماعها، وأن يوقن ويعلم علم اليقين أن الله تعالى يخاطب هذا السامع أو القارئ لسورة الحشر خاصةً، فلا يظن أنه بعيدٌ عن هذه الآيات وأنه ليس له علاقةٌ بها. على المسلم أن ينتفع بما يسمع من آيات سورة الحشر والقرآن والذكر الحكيم، فما ورد في سورة الحشر موجّهٌ إليه خاصةً، وعليه أن يفهم ويدرك معانيها العظيمة، ويفهم موضوعاتها والرسالة الربانية للمسلمين من خلال هذه السورة الكريمة، وأن يسمح لقلبه بأن يرتوي بالقرآن الكريم، لكي يكون قلباً حياً يحيى بسماع القرآن، ويحب تلاوة القرآن، فيبقى هذا القلب القرآني أخضر مزهراً، والقلب الحي الأنيس بالله يكون قلباً صامداً قوياً حاضراً مؤمناً، فيترجم هذه الحياة لهذا القلب الحي بالقرآن أفعالاً ترضي الله، وأقوالاً ترضي الخالق تبارك وتعالى، فهنيئاً لكل من روى قلبه بالقرآن، وهنيئاً لكل من جمّل سمعه وبصره بالقرآن، وهنيئاً لمن أنعم الله عليه بتمام النعمة؛ فصار خُلُقه القرآن، وصارت أعماله وأقواله تستنير بهُدى القرآن ، وهنيئاً لمن التزم أوامر الله ربهُ وخالقهُ ومولاه، والتزم بطاعة الله وابتعد عن كل ما نهى عنه الله


أحكام التجويد تُعدّ قراءة القرآن الكريم من العبادات ذات الفضل والمكانة، وفي قراءته أجر وحسنات مضاعفة، إلّا أنّ قراءة القرآن ليست كأيّ قراءة، إنّما ينبغي على المسلم إذا أراد قراءة القرآن، أن يطبّق بعض الأحكام أثناء قراءته؛ حتى يكون أداؤه سليماً، وقد نزلت تلك الأحكام مع نزول القرآن الكريم إلى نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، فقرأها جبريل -عليه السلام- على النبي -صلى الله عليه وسلم- وفق تلك الأحكام، وعلَّمه كيفية القراءة الصحيحة، وقد نقل النبي -صلى الله عليه وسلم- تلك الطريقة إلى الصحابة -رضي الله عنهم- الذين نقلوها جيلاً بعد جيلٍ حتى وصلت إلينا على هذا النحو، وقد وضع علماء التجويد لتلك الطريقة في القراءة أُسساً وقواعد، وكان من بين تلك الأحكام ما يتعلَّق بالإدغام، فما هو الإدغام، وما هي أقسامه وأنواعه؟ معنى الإدغام للإدغام عدّة معانٍ في اللغة، وأخرى في اصطلاح علماء القراءات، ومن أبرز معاني الإدغام في اللغة والاصطلاح ما يأتي: الإدغام في اللغة: مصدر أدغمَ يُدغم، وأدغم إِدغاماً، فهو مُدْغِم، ويُقال: أدْغَمَ فلانٌ؛ إذا بادرَ القومَ حتى لا يسبقوه في الأكل، فأَكل دون أن يمضغ الطعام، ومنه أدْغَمَ الطعامَ: أي ابتلعه ابتلاعاً، وأدْغَمَ الشيءَ: أي سوَّده، ويُقال كذلك: أدغَمَهُ الله؛ إذا سَوَّد وجهَه فأَذلَّه، وأدْغَمَه الشيءُ: أي سَاءه، وأدْغَمَ الشيءَ في الشيءِ إدغاماً: إذا أَدخلَهُ فيه، أمّا في القراءة فيُقال: أدغمَ الحرفَ في الحرف: أَدْخَلَه فيه وضمّه إليه.[١] الإدغام في الاصطلاح: هو التقاء حرف ساكن مع حرفٍ آخر متحرّكٍ، بحيث يصبح الحرفان حرفاً واحداً مُشدَّداً، فيرتفع اللسان ارتفاعةً واحدةً إذا نطق بهما القارئ، وكأنّه حرف، وهو بوزن حرفين.[٢] الإدغام وأحكام النّون السّاكنة والتّنوين الإدغام حكمٌ من أحكام النون الساكنة والتنوين، فيقترن وجود حكم الإدغام بوجود النون الساكنة أو التنوين، وينتفي بانتفائها، وله في هذه الحالة أحرفٌ خاصة جمعها العلماء في كلمة واحدة هي (يرملون)، وعلى ذلك تكون أحرف الإدغام على اعتباره أحد أحكام النون الساكنة والتنوين هي: الياء، والراء، والميم، واللام، والواو، والنون، ويُشترَط لأجل تمام الحكم أن تكون النون الساكنة في آخر الكلمة الأولى، وحرف الإدغام في بداية الكلمة الثانية، وفي هذه الحالة تتمُّ تسمية حرف النون أو التنوين مُدغِماً، ويُسمّى حرف الإدغام مُدغَماً فيه.[٢] ويُقسم هذا النوع من الإدغام إلى قسمين، هما:[٢] الإدغام بغُنّة: له أربعةُ حروفٍ، هي الياء، والنون، والميم، والواو، وتجتمع هذه الحروف في كلمة (ينمو)، فإذا جاء حرفٌ من حروف الإدغام بغنّة تابعاً للنون الساكنة أو التنوين، وكان كلّ واحدٍ منهما في كلمة؛ بحيث تكون النون الساكنة أو التنوين في نهاية الكلمة الأولى، وحرف الإدغام بغنّة في بداية الكلمة الثانية؛ حينها تُدغَم النون الساكنة أو يُدغَم التنوين بحرف الإدغام بغنّة، وفيما يأتي بعض الأمثلة على الإدغام بغُنّة: الحرف المثال من النّون السّاكنة كيفيّة النُّطق المثال من التّنوين كيفية النُّطق الياء فَمَن يَعمل ميَّعمل لقومٍ يُؤْمنون قومِ يُّؤمنون الواو مِن وَالٍ مِوَّال وليٌ وَلا وليُ وَّلا النون من نِعمة منِّعمة يومئذٍ نَاعمة يومئذِ نَّاعمة الميم مِنْ مُكرِم ممُّكرم جزاءً مِن جزاءَ مِّن الإدغام بغير غُنّة: له حرفان فقط يختصُّ بهما، هما الراء، واللام، فإذا اقترن مجيءُ حرف الإدغام بغير غُنّة مع وجود نونٍ ساكنةٍ أو تنوينٍ في نهاية الكلمة الأولى، وحرف الإدغام بغير غُنّة في بداية الكلمة الثانية، فيكون إدغام النون الساكنة أو التنوين في حرف الإدغام بغير غنّة، ومثاله على النحو الآتي: الحرف المثال من النّون السّاكنة كيفيّة النُّطق المثال من التّنوين كيفيّة النُّطق الرّاء من رَّبِّهِ مرَّبِّه غفورٌ رحيم غفورُ رَّحيم اللام مِّن لَّدُنْهُ ملَّدُنه هدىً للمتقين هدَى لِّلمتقين الإدغام وأحكام الميم السّاكنة للإدغام أحكامٌ تقترن بالنون الساكنة أو التنوين، وهو كذلك أحد الأحكام التي تقترن بالميم الساكنة؛ فإذا جاءت الميم الساكنة وجاءت بعدها ميم متحرّكة؛ فعلى القارئ إدغام الميم الساكنة بالميم المتحركة، والميم الساكنة هي ميمٌ خاليةٌ من كلِّ الحركات، ويستوي بذلك حال الميم في الوقف والوصل، ومثال الميم الساكنة يظهر في كلمة: الْحَمْدُ، ويظهر كذلك في كلمة: تُمْسُونَ.[٣] وبذلك لا تنطبق أحكام الميم الساكنة على الميم المتحرِّكة، أو المشدّدة، أو الميم الساكنة سكوناً عارضاً؛ كالوقف على الميم التي تكون في نهاية الكلمة، مثل: الميم في كلمة حكيم، أو الميم الساكنة التي جرى تحريكها منعاً من التقاء ساكنين، كما في كلمتَي: قُم اللَّيْلَ، فتصبح: قُمِ اللَّيْلَ، فهذه الميمات تخرج من أحكام الميم الساكنة، ولا يترتَّب عليها حكمٌ؛ لانتفاء السكون عنها.[٣] أمّا حرف الإدغام على اعتباره حُكماً من أحكام الميم الساكنة فهو حرف الميم فقط، فتُدغَم الميم الساكنة التي تأتي في نهاية الكلمة الأولى، في الميم المتحركة في بداية الكلمة الثانية، مع إعطاء غُنّة، ويُسمّى هذا النوع من الإدغام بإدغام المِثلَين الصّغير؛ لأنّه يحدث لحرفين مُتَّحدين في المخرج والصِّفة، وهما الميم الساكنة والميم المتحرّكة، ويُسمّى أيضاً بالإدغام الصغير؛ لأنّه يحدث بين ميمٍ ساكنةٍ وميمٍ متحرّكةٍ، ويُسمّى كذلك بالإدغام الشفوي؛ لأنّ الميم مخرجها الشفتان، وهي طريقةٌ لتمييزه عن إدغام النون الساكنة في حروفها، ومن أمثلة الإدغام الشفويّ: (لَهُم مَّا)، وطريقة لفظها هي (لهُمَّا)، وكلمتا (كنتُم مِن) تُلفظان (كنتُمِّن).[٣] الإدغام والصّفات العارضة للإدغام ثلاثة أسباب تبعث عليه، وهي:[٤] التّماثل: وهو أن يتّحد حرفان من أحرف اللغة العربية في المخرج والصفة، ويظهر هذا النوع من الإدغام عند اجتماع حرفين متماثلين كالميم والميم، أو الباء والباء، أو التاء والتاء، أو الكاف والكاف، وهذا معنى اتّحادهما مخرجاً وصفةً، ومن أمثلة إدغام المتماثلَيْن ما يأتي:[٤] الحرف المثال كيفيّة النُّطق به الباء اضرب بِعصاك اضربِّعصاك الكاف يُدرِككُّمُ يدرِكُّم الدال وَقَد دَّخَلُوا وقدَّخلوا الفاء يُسْرِف فِّي يُسرِفّي التّجانس: هو أن يتَّحد الحرفان في المخرج، ولا يتَّحدا في الصفة، وهذا النوع من الإدغام غير لازمٍ؛ حيث لم يلتزم حفص بإدغام جميع الأحرف التي بينها تجانس، بل اكتفى بإدغام بضعة أحرفٍ متجانسةٍ، وهي:[٤] الباء مع الميم في موضعٍ واحدٍ في القرآن الكريم، وهو في قول الله تعالى: (يَا بُنَيَّ اركَب مَّعَنَا)،[٥] حيث إنها تُقرأ في هذا الموضع على: (اركمَّعنا). التاء مع الدال، في موضعين فقط، هما: (أثقلت دعوا) وتُقرَأ: (أثقلدّعوا)، وفي (أُجيبت دعوتكما) وتُقرَأ: (أُجيبدّعوتكما)، أمّا في حال التقاء الدال مع التاء، فقد أدغمها حفص في عدّة مواضع، منها (قد تبيّن)، وتُقرَأ: (قتَّبين)، وفي (عاهدتم) حيث تُقرَأ: (عاهتُّم)، وفي (كدتَّ) وتُقرَأ: (كتَّ). التاء مع الطاء، أو الطاء مع التاء، ومنها قوله تعالى: (همت طائفتان) وتُقرَأ: (همطَّائفتان)، وفي قوله: (بَسَطْتَ) وتُقرَأ: (بَسَتَّ). الذال مع الظاء: وقد ورد الإدغام على هذا النحو في موضعين فقط، هما: (إذ ظلموا) وتُقرَأ: (إظَّلموا)، وفي قوله تعالى: (إذ ظلمتم) وتُقرَأ: (إظَّلمتم). الثاء مع الذال في موضعٍ واحدٍ، وهو قول الله تعالى: (يَلْهَث ذَّٰلِكَ)،[٦] وتُقرَأ: (يلهذَّلك). وفيما عدا تلك الأحرف لم يُدغم حفص شيئاً، كما في الميم والواو، فإنّهما متجانسان لكن لم يُدغَما معاً، وكذلك الحال في الشين والياء. التّقارب: أن يتقارب الحرفان في المخرج والصِّفة، أو يتقاربا في الصفة دون المخرج، أو في المخرج دون الصفة، ولهذا النوع من الإدغام ثلاثُ صورٍ، هي:[٤] صورة التّقارب مثال أن يتقارب الحرفان مخرجاً وصفةً مِّن لَّدُنهُ أن يتقاربا مخرجاً ويختلفا صفةً التَّائِبُونَ أن يتقاربا صفةً ويختلفا مخرجاً مِن وَلِيٍّ


علم أسباب النُّزول اهتمَّ علماءُ التَّفسيرِ في معرفةِ أسبابِ نزول سورِ القرآنِ الكريمِ وآياتِه، والحوادثِ المُتعلِّقةِ بها؛ لحاجةِ فهمِ وتدبُّر الظُّروفِ التي حلَّت بها الآياتُ ونُزِّلت على رسول اللهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام، واستيعابِ الرَّسائلِ الربانيَّةِ المُرادةِ من الآياتِ، وإمكانِ تفسيرِها على النَّحوِ الأقربِ للصحَّةِ، ومعرفةِ مَقاصِدها ومُتعلِّقاتِها من الأحكام. وفي مَعرِفةِ أسبابِ نُزولِ الآياتِ تيسيرٌ لِفهمِ المعاني المتضمِّنةِ فيها، والمُحتواةِ في تركيبتِها وترتيبِها، وفَهمِ مفاهيمِها المُجمَلةِ دونُ الوُقوعِ في الإيهامِ والاحتمال، فالعلم بالسَّببِ يُورّث العلمَ بالمسبِّب.[١] وفي ضرورةِ التمرُّسِ في أسبابِ النُّزولِ خِدمةُ التَّفسيرِ وبيانُه، وفي ذلكَ أنَّ بعضَ الآياتِ أُشكِلت على بعضِ الصَّحابةِ حتَّى لم يجدوا لها فهماً، فلمَّا تبيَّنَ لهم سببُ نُزولِها توضَّحت غاياتُها واستَبانَت معانيها، وتَظهرُ الحاجةُ لِمعرفةِ أسبابِ النُّزولِ في تفسيرِ ما صعُب من الآياتِ فاستَعصى فهمه وامتَنَع، والغايةُ موقوفةٌ على فَضلٍ لا على جَدل، فلا تعني الحاجةُ لِمعرِفةِ تفاصيلَ الأحداثِ المُقتَرِنةِ بآيةٍ مُعيَّنةٍ تعميمَ الفكرةِ واشتِراطِها لجميعِ الآيات، ولا تلمُّسِ الأسبابِ لكلِّ آيةٍ أو سورةٍ نَزلَت في كِتابِ الله؛ ذلكَ أنَّ آياتِ القرآن الكريم نَزلَت في ظروفٍ مُختَلِفةٍ، فمِنها ما كانَ مَخصوصاً بعقائِدِ الإيمانِ والواجباتِ والشَّرائِع، ناظماً لحياةِ النَّاسِ مُمهِّداً لها، ومِنها ما كانَ نزولُه مقروناً بِحوادِثَ مخصوصةٍ، أو مُجيباً على أسئلةٍ، أو مُبيّناً لأحكامِ تخصُّ الوقائع، ولا يَجوزُ القولُ في أسبابِ النُّزولِ تنطُّعاً وارتِجالاً، بل هي موقوفةٌ على ما وَرَدَ عن رَسولِ الله عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام تواتراً، وحكمُها كحُكمِ الحَديثِ في قبولِه أو ردِّه.[٢] سبب نزول سورتي الفلق والنَّاس يُذكرُ في سيرة الرَّسول عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام أنَّ رجلاً من بني زُريقَ يهوديٌ، اسمه لبيدُ ابن الأعصمِ، سَحر الرَّسولَ الكَريم بِمُشاطةٍ لهُ، أعانَه عليها يهوديٌ كانَ يخدِمُ الرّسول عليه الصَّلاةُ والسَّلام، ومَعها عدَّةُ أسنانٍ من مشطِ الرَّسول، فأعقَد لبيدٌ السِّحرَ في المُشاطة ثمَّ ألقاها في بئرٍ لبني زُريق وقيل في بئرِ ذروان، فأعمَلَ السِّحرُ في رَسولِ اللهِ وأمرَضَه حتَّى انتثَر شعرُ رأسه، واستمرَّ مَرَضهُ ستّة أشهرٍ، وبَلغَ فيهِ أشدَّ ما يجدُ المسحور، فكانَ يرى أنَّه يأتي النِّساء ولا يأتيهن، وجعلَ يذوبُ ولا يَدري ما عَراه، وفي ذلكَ ما رُويَ عن رسولِ الله عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ في حديثِ السِّحر، حتّى جاءَهُ مَلَكانِ وهو نائمٌ، فجَلَسَ أحدهُما عندَ رأسِهِ والآخرُ عند رِجليهِ فأفتَياهُ في حالِهِ وفي مَكانِ سِحرِه، إذ قالَ الذي عندَ رأسِهِ للذي عندَ قدميهِ: ما بالُ الرَّجل؟ فأجاب: طُبَّ، فسأله: ما طُبابَته؟ فأجاب: سِحرٌ، فسألهُ: ومَن سحره؟ فأجاب: لبيدُ بن الأعصم، فسألهُ: وبمَ طبَّهُ؟ فأجابَ: بِمشطٍ ومُشاطةٍ، فسألهُ: وأين هو؟ فأجاب: في جُفِّ طَلعةٍ تحتَ راعوفةٍ في بئرِ ذَروان.[٣] فلمَّا انتَبَه رسولُ اللهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام خاطَبَ عائشةَ رضي الله عنها فقال: أما شَعرتِ أنَّ الله أخبرني بِدائي؟ فأرسَل نفراً من الصَّحابةِ فاستخرَجوهُ ثمَّ فَكُّوا عُقَده، وقيل، فأرسلَ عليّاً بن أبي طالبٍ والزُّبير بن العوَّامِ وعمَّار بن ياسر، فنزحوا ماءَ البِئرِ ثمَّ رفعوا الصَّخرة واستَخرجوا المُشاطةَ، وقيل، إنَّ رسولَ الله عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أتاها في نَفَرٍ من أصحابِه، وفي ذلكَ ما وصَفَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ البئر لعائِشة إذ قال: (هذه البئرُ التي أُريتُها، وكأن ماءَها نُقاعَةُ الحِنَّاءِ، وكأن نخلَها رُؤوسُ الشياطينِ)،[٤] فلمَّا استَخرَجوا المُشاطةَ فإذا فيه وَترٌ معقودٌ فيهِ إحدى عشرة عُقدةً مغروزةٌ بالإبَر، فَجاءهُ جبريلُ عليهِ السَّلامُ بالمُعوِّذتينِ، فَجعَلَ يقراُ من آياتِها، فكانَ كلَّما قرأَ آيةً حُلَّت عُقدةٌ، فوَجدَ الرَّسولُ عليهِ الصَّلاة والسَّلامُ من أثرِ حَلِّها خِفَّةً، حتَّى إذا قرأَ آخرَ آياتِها انحلَّت العُقدةُ الأخيرةُ فقامَ كأنَّما نَشِطَ من عقالٍ، فكانَ فيهِ شِفاءُ الرَّسولِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام، وقيلَ جاءهُ جبريلُ عليه السَّلامَ فرقاهُ فجعلَ يقول: (باسمِ اللَّهِ أرقيك من كلِّ شيءٍ يؤذيكَ من حاسدٍ وعينٍ اللَّهُ يَشفيكَ)،[٥] وأقرأهُ المعوِّذتينِ الفَلقُ والنَّاس، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَقْتُلُ الْخَبِيثَ؟ فَقَالَ: (أما واللهِ فقد شفاني اللهُ، وأكرَهُ أن أُثيرَ على أحدٍ من الناسِ شَرًّا).[٦][٧][٨][٩] فضل سورتي الفلق والنَّاس فضَّلَ الله القرآن الكريمَ الذي أنزله على رَسولِهِ معجزاً ومُتواتراً على سائرِ كُتبِه، ثمَّ زادَ فضلَ بعضِهِ على بعضٍ فيما حملَ من معانٍ ومَدلولاتٍ احتوتها بعضُ سوره أو آياتِه، وخلا منها بعضها، وإنَّما تفاضُلُ سور القرآنِ فيما تحتويهِ من هذه المعاني، وكلُّها عظيمةٌ لأنَّها كلامُ الله ووحيه إلى نبيِّهِ محمد عليه الصَّلاة والسَّلام، وفي فضلِ المُعوِّذتينِ الفلق والنَّاسُ أحاديث وحوادث، منها ما خُصَّ به نزولهما في إبراءَ الرَّسولِ واستشفائه من مرضِه الذي أصابه عند سحرِه؛ إذ كان من فَضلِ المُعوِّذتينِ أنَّها كانتا إذا قُرِأ من آياتِها حُلَّت عُقدةٌ ممّا سُحرَ به الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلامُ حتى شُفيَ بِتمامِهما، وفي ذكرِ فَضلِهما ما رُويَ عن رَسولِ الله عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام: (اتَّبعتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وَهوَ راكِبٌ فوضعتُ يدي على قَدمِهِ فقُلتُ: أقرِئني يا رسولَ اللَّهِ سورةَ هودٍ، وسورةَ يوسُفَ. فقالَ: لَن تقرأَ شيئًا أبلغَ عندَ اللَّهِ من قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)،[١٠] وفي رواية (ألم تر آياتٍ أُنْزِلَتِ الليلةَ لم يُرَ مثلهن قط ؟ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وقُلْ أَعُوُذ بِرَبِّ النَّاسِ)،[١١] وفي هذه الأحاديثُ بيان فضل المُعوِّذتين، إذ يتعجَّبُ الرَّسولُ عليهِ الصَّلاة والسَّلامُ من عِظَمِ فضلِهما، فما نَزلت سورةٌ في القرآنِ الكريمِ بِمثلِ ما فيهما من المعاني والبَركات، فكانتا فَرجُ الله للمتعوِّذ بهما، ففيهما إلتجاءُ العبدِ لِربِّه وطلب الحمايةِ بهِ من جميعِ مخلوقاتِه


فرنسا تقع فرنسا في قارة أوروبا الغربية، ويبلغ عدد سكانها حوالي 66 مليون نسمة، ولغتها الرسمية هي اللغة الفرنسية، وعملتها اليورو، وشعارها الذي تتبعه هو حرية، ومساواة، وإخاء، كما تلعب دوراً مهماً في تاريخ العالم، وذلك من خلال تأثير ثقافتها، ولغتها، وقيمها العلمانية، والديمقراطية في كافة قارات العالم، بالإضافة إلى أنها تعتبر مركزاً علمياً للموضة، والثقافة، ونمط الحياة، حيث يصل عدد زوارها ما يعادل 83 مليون سائح في السنة، وذلك نظراً لكثرة معالمها السياحية، وعلى رأسها برج إيفل، وشارع الشانزلزيه، وفي هذا المقل سنعرفكم على عادات وتقاليد فرنسا المتنوعة، والمختلفة. عادات وتقاليد فرنسا عادات وتقاليد فرنسا في العلاقات العامة يفضل الفرنسيون الخصوصية، ولابد من الإشارة إلى أنّهم يمتلكون قواعد للتعامل مع الأصدقاء، والمقربين. يتميز الفرنسيون بالتهذيب في جميع معاملاتهم على اختلافها. عادات وتقاليد فرنسا في آداب الاجتماع المصافحة أحد أشكال التحية الشائعة في فرنسا. التحية بين الأصدقاء، حيث تكون بتقبيل الخدين بخفة مرة على الخد الأيمن، ومرة على الخد الأيسر. التعامل مع الأصدقاء، وأفراد الأسرة، حيث يكون بالمناداة بالاسم الأول. المتوقع عند دخول أي متجر، أو مكان قول صباح الخير أو مساء الخير (bonjour او bonsoir)، وقول (au revoir) عند المغادرة. عادات وتقاليد فرنسا عند تقديم الهدايا يجب تقديم الهدايا في أعداد فردية، وتجنب رقم 13 حيث يعبر عن الحظ السيء لديهم. يتشاءم كبار السن من ورود الأقحوان، والزنابق البيضاء لأنها تستعمل في الجنازات. يفتح الفرنسيون الهدايا فور استلامها. عادات وتقاليد فرنسا عند الذهاب إلى مطعم ارتداء الملابس الأنيقة. الوصول في الموعد المحدد لتناول الطعام، إلا أنه يقبل التأخير لمدة عشر دقائق دون الحاجة للاتصال لشرح سبب التأخير. إرسال الزهور صباح المناسبة لعرضها في المساء خاصةً إذا كان حفل العشاء في باريس. عادات وتقاليد فرنسا في آداب المائدة وضع السكين في اليد اليمنى، وتوضع الشوكة في اليد اليسرى أثناء تناول الطعام. تجنب تناول الطعام قبل قول المضيف bon appetit. وضع اليدين بشكل مرئي مع تجنب وضع المرفقين على الطاولة. تناول كل الطعام الموجود في الطبق. تجنب تقطيع الفاكهة بالسكين، أو بالشوكة. تناول الفاكهة بعد تقشيرها، وتقطيعها. تجنب الجلوس بشكل عشوائي. عادات وتقاليد فرنسا في اجتماعات العمل تحديد المواعيد المهمة قبل أسبوعين من موعدها على الأقل. تحديد المواعيد عن طريق الهاتف، أو كتابياً. تجنب جدول الاجتماعات في شهر أغسطس، ويوليو وذلك لأنّ هذه الفترة تعتبر عطلة للشركات الرسمية. تجنب المطالبة بأمور مبالغ فيها. عادات وتقاليد فرنسا في اللباس ارتداء الرجال للبدل ذات اللون الداكن. ارتداء النساء للفساتين الأنيقة ذات الألوان الناعمة، أو الملابس المناسبة للعمل. ارتداء الاكسسوارت الثمينة، وذات النوعية الجيدة

alshamelnews

{picture#https://1.bp.blogspot.com/-XSB6eD5uNZY/XzOtz8Qxd3I/AAAAAAAAAxc/qAiFhWAjygI5p1u3Y05HD9F4bK_J8wSfgCLcBGAsYHQ/s0/%25D8%25B4%25D8%25A7%25D9%2585%25D9%2584.jpg} اعجبك المقال يرجى مشاركة الموضوع لتعم الفائدة
يتم التشغيل بواسطة Blogger.