أحكام التجويد تُعدّ قراءة القرآن الكريم من العبادات ذات الفضل والمكانة، وفي قراءته أجر وحسنات مضاعفة، إلّا أنّ قراءة القرآن ليست كأيّ قراءة، إنّما ينبغي على المسلم إذا أراد قراءة القرآن، أن يطبّق بعض الأحكام أثناء قراءته؛ حتى يكون أداؤه سليماً، وقد نزلت تلك الأحكام مع نزول القرآن الكريم إلى نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، فقرأها جبريل -عليه السلام- على النبي -صلى الله عليه وسلم- وفق تلك الأحكام، وعلَّمه كيفية القراءة الصحيحة، وقد نقل النبي -صلى الله عليه وسلم- تلك الطريقة إلى الصحابة -رضي الله عنهم- الذين نقلوها جيلاً بعد جيلٍ حتى وصلت إلينا على هذا النحو، وقد وضع علماء التجويد لتلك الطريقة في القراءة أُسساً وقواعد، وكان من بين تلك الأحكام ما يتعلَّق بالإدغام، فما هو الإدغام، وما هي أقسامه وأنواعه؟ معنى الإدغام للإدغام عدّة معانٍ في اللغة، وأخرى في اصطلاح علماء القراءات، ومن أبرز معاني الإدغام في اللغة والاصطلاح ما يأتي: الإدغام في اللغة: مصدر أدغمَ يُدغم، وأدغم إِدغاماً، فهو مُدْغِم، ويُقال: أدْغَمَ فلانٌ؛ إذا بادرَ القومَ حتى لا يسبقوه في الأكل، فأَكل دون أن يمضغ الطعام، ومنه أدْغَمَ الطعامَ: أي ابتلعه ابتلاعاً، وأدْغَمَ الشيءَ: أي سوَّده، ويُقال كذلك: أدغَمَهُ الله؛ إذا سَوَّد وجهَه فأَذلَّه، وأدْغَمَه الشيءُ: أي سَاءه، وأدْغَمَ الشيءَ في الشيءِ إدغاماً: إذا أَدخلَهُ فيه، أمّا في القراءة فيُقال: أدغمَ الحرفَ في الحرف: أَدْخَلَه فيه وضمّه إليه.[١] الإدغام في الاصطلاح: هو التقاء حرف ساكن مع حرفٍ آخر متحرّكٍ، بحيث يصبح الحرفان حرفاً واحداً مُشدَّداً، فيرتفع اللسان ارتفاعةً واحدةً إذا نطق بهما القارئ، وكأنّه حرف، وهو بوزن حرفين.[٢] الإدغام وأحكام النّون السّاكنة والتّنوين الإدغام حكمٌ من أحكام النون الساكنة والتنوين، فيقترن وجود حكم الإدغام بوجود النون الساكنة أو التنوين، وينتفي بانتفائها، وله في هذه الحالة أحرفٌ خاصة جمعها العلماء في كلمة واحدة هي (يرملون)، وعلى ذلك تكون أحرف الإدغام على اعتباره أحد أحكام النون الساكنة والتنوين هي: الياء، والراء، والميم، واللام، والواو، والنون، ويُشترَط لأجل تمام الحكم أن تكون النون الساكنة في آخر الكلمة الأولى، وحرف الإدغام في بداية الكلمة الثانية، وفي هذه الحالة تتمُّ تسمية حرف النون أو التنوين مُدغِماً، ويُسمّى حرف الإدغام مُدغَماً فيه.[٢] ويُقسم هذا النوع من الإدغام إلى قسمين، هما:[٢] الإدغام بغُنّة: له أربعةُ حروفٍ، هي الياء، والنون، والميم، والواو، وتجتمع هذه الحروف في كلمة (ينمو)، فإذا جاء حرفٌ من حروف الإدغام بغنّة تابعاً للنون الساكنة أو التنوين، وكان كلّ واحدٍ منهما في كلمة؛ بحيث تكون النون الساكنة أو التنوين في نهاية الكلمة الأولى، وحرف الإدغام بغنّة في بداية الكلمة الثانية؛ حينها تُدغَم النون الساكنة أو يُدغَم التنوين بحرف الإدغام بغنّة، وفيما يأتي بعض الأمثلة على الإدغام بغُنّة: الحرف المثال من النّون السّاكنة كيفيّة النُّطق المثال من التّنوين كيفية النُّطق الياء فَمَن يَعمل ميَّعمل لقومٍ يُؤْمنون قومِ يُّؤمنون الواو مِن وَالٍ مِوَّال وليٌ وَلا وليُ وَّلا النون من نِعمة منِّعمة يومئذٍ نَاعمة يومئذِ نَّاعمة الميم مِنْ مُكرِم ممُّكرم جزاءً مِن جزاءَ مِّن الإدغام بغير غُنّة: له حرفان فقط يختصُّ بهما، هما الراء، واللام، فإذا اقترن مجيءُ حرف الإدغام بغير غُنّة مع وجود نونٍ ساكنةٍ أو تنوينٍ في نهاية الكلمة الأولى، وحرف الإدغام بغير غُنّة في بداية الكلمة الثانية، فيكون إدغام النون الساكنة أو التنوين في حرف الإدغام بغير غنّة، ومثاله على النحو الآتي: الحرف المثال من النّون السّاكنة كيفيّة النُّطق المثال من التّنوين كيفيّة النُّطق الرّاء من رَّبِّهِ مرَّبِّه غفورٌ رحيم غفورُ رَّحيم اللام مِّن لَّدُنْهُ ملَّدُنه هدىً للمتقين هدَى لِّلمتقين الإدغام وأحكام الميم السّاكنة للإدغام أحكامٌ تقترن بالنون الساكنة أو التنوين، وهو كذلك أحد الأحكام التي تقترن بالميم الساكنة؛ فإذا جاءت الميم الساكنة وجاءت بعدها ميم متحرّكة؛ فعلى القارئ إدغام الميم الساكنة بالميم المتحركة، والميم الساكنة هي ميمٌ خاليةٌ من كلِّ الحركات، ويستوي بذلك حال الميم في الوقف والوصل، ومثال الميم الساكنة يظهر في كلمة: الْحَمْدُ، ويظهر كذلك في كلمة: تُمْسُونَ.[٣] وبذلك لا تنطبق أحكام الميم الساكنة على الميم المتحرِّكة، أو المشدّدة، أو الميم الساكنة سكوناً عارضاً؛ كالوقف على الميم التي تكون في نهاية الكلمة، مثل: الميم في كلمة حكيم، أو الميم الساكنة التي جرى تحريكها منعاً من التقاء ساكنين، كما في كلمتَي: قُم اللَّيْلَ، فتصبح: قُمِ اللَّيْلَ، فهذه الميمات تخرج من أحكام الميم الساكنة، ولا يترتَّب عليها حكمٌ؛ لانتفاء السكون عنها.[٣] أمّا حرف الإدغام على اعتباره حُكماً من أحكام الميم الساكنة فهو حرف الميم فقط، فتُدغَم الميم الساكنة التي تأتي في نهاية الكلمة الأولى، في الميم المتحركة في بداية الكلمة الثانية، مع إعطاء غُنّة، ويُسمّى هذا النوع من الإدغام بإدغام المِثلَين الصّغير؛ لأنّه يحدث لحرفين مُتَّحدين في المخرج والصِّفة، وهما الميم الساكنة والميم المتحرّكة، ويُسمّى أيضاً بالإدغام الصغير؛ لأنّه يحدث بين ميمٍ ساكنةٍ وميمٍ متحرّكةٍ، ويُسمّى كذلك بالإدغام الشفوي؛ لأنّ الميم مخرجها الشفتان، وهي طريقةٌ لتمييزه عن إدغام النون الساكنة في حروفها، ومن أمثلة الإدغام الشفويّ: (لَهُم مَّا)، وطريقة لفظها هي (لهُمَّا)، وكلمتا (كنتُم مِن) تُلفظان (كنتُمِّن).[٣] الإدغام والصّفات العارضة للإدغام ثلاثة أسباب تبعث عليه، وهي:[٤] التّماثل: وهو أن يتّحد حرفان من أحرف اللغة العربية في المخرج والصفة، ويظهر هذا النوع من الإدغام عند اجتماع حرفين متماثلين كالميم والميم، أو الباء والباء، أو التاء والتاء، أو الكاف والكاف، وهذا معنى اتّحادهما مخرجاً وصفةً، ومن أمثلة إدغام المتماثلَيْن ما يأتي:[٤] الحرف المثال كيفيّة النُّطق به الباء اضرب بِعصاك اضربِّعصاك الكاف يُدرِككُّمُ يدرِكُّم الدال وَقَد دَّخَلُوا وقدَّخلوا الفاء يُسْرِف فِّي يُسرِفّي التّجانس: هو أن يتَّحد الحرفان في المخرج، ولا يتَّحدا في الصفة، وهذا النوع من الإدغام غير لازمٍ؛ حيث لم يلتزم حفص بإدغام جميع الأحرف التي بينها تجانس، بل اكتفى بإدغام بضعة أحرفٍ متجانسةٍ، وهي:[٤] الباء مع الميم في موضعٍ واحدٍ في القرآن الكريم، وهو في قول الله تعالى: (يَا بُنَيَّ اركَب مَّعَنَا)،[٥] حيث إنها تُقرأ في هذا الموضع على: (اركمَّعنا). التاء مع الدال، في موضعين فقط، هما: (أثقلت دعوا) وتُقرَأ: (أثقلدّعوا)، وفي (أُجيبت دعوتكما) وتُقرَأ: (أُجيبدّعوتكما)، أمّا في حال التقاء الدال مع التاء، فقد أدغمها حفص في عدّة مواضع، منها (قد تبيّن)، وتُقرَأ: (قتَّبين)، وفي (عاهدتم) حيث تُقرَأ: (عاهتُّم)، وفي (كدتَّ) وتُقرَأ: (كتَّ). التاء مع الطاء، أو الطاء مع التاء، ومنها قوله تعالى: (همت طائفتان) وتُقرَأ: (همطَّائفتان)، وفي قوله: (بَسَطْتَ) وتُقرَأ: (بَسَتَّ). الذال مع الظاء: وقد ورد الإدغام على هذا النحو في موضعين فقط، هما: (إذ ظلموا) وتُقرَأ: (إظَّلموا)، وفي قوله تعالى: (إذ ظلمتم) وتُقرَأ: (إظَّلمتم). الثاء مع الذال في موضعٍ واحدٍ، وهو قول الله تعالى: (يَلْهَث ذَّٰلِكَ)،[٦] وتُقرَأ: (يلهذَّلك). وفيما عدا تلك الأحرف لم يُدغم حفص شيئاً، كما في الميم والواو، فإنّهما متجانسان لكن لم يُدغَما معاً، وكذلك الحال في الشين والياء. التّقارب: أن يتقارب الحرفان في المخرج والصِّفة، أو يتقاربا في الصفة دون المخرج، أو في المخرج دون الصفة، ولهذا النوع من الإدغام ثلاثُ صورٍ، هي:[٤] صورة التّقارب مثال أن يتقارب الحرفان مخرجاً وصفةً مِّن لَّدُنهُ أن يتقاربا مخرجاً ويختلفا صفةً التَّائِبُونَ أن يتقاربا صفةً ويختلفا مخرجاً مِن وَلِيٍّ

إرسال تعليق

alshamelnews

{picture#https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjMx7n0mCQhAcwTr2HOr9QuhcN3SK5AetAWwVrbCxm5SzJ6uenlpiOXLQfV-8Zi-Fzxt1WEmd9eRhjBTukjyCVC6-qhjfbqRYQ0isjRiRN-m-MDBDi9kM6U-3X0OKuQV4nc_zkEMWN7ba8/s0/%25D8%25B4%25D8%25A7%25D9%2585%25D9%2584.jpg} اعجبك المقال يرجى مشاركة الموضوع لتعم الفائدة
يتم التشغيل بواسطة Blogger.