الطَّهارة شرَّع الإسلام الطَّهارة وجعلها استهلالاً واستباحةً للعديد من العبادات، مثل: الصَّلاة، والطّواف في البيت الحرام، وقراءة القرآن، وقد بيَّن الإسلام كيفيَّة الطّهارة، ودواعي وجوبها، واستحبابها، وشروطها، ونواقضها، كما ميَّز جوانب الطَّهارة للذّكر والأُنثى، وحفِظ خصوصيّة كلٍّ منهما في شتّى الظّروف والأحوال، والطّهارة هي تعميم الماء والاغتسال به لإزالة الحدثَيْن أحدِهما أو كليهما، لتشمل سائر الجسد أو أعضاءَ مَخصوصةً بصفٍة مَخصوصَة، لِرفع أحد الحدثَين، والقيام بالعبادات الموقوفة عليها.[١][٢] الاغتِسال يُعرَّف الغُسْل لغةً بأنَّه تعميم غَسل الجسَد بِأكملِه، وهو المصْدر منْ غسَل الشّيء، يَغسِلْه غَسْلاً أوغُسْلاً، مأخوذَة من الفعل اغْتَسَلَ يغْتسِل اغتِسالَاً وغُسْلاً، ويُقال: الغُسُل (بضمِّ الغَين) للأمر اللازِم والواجِب،[٣] أمّا اصطِلاحَاً فهُو تعبُّد الله بِغسل الماء الطَّاهر وتعميمه على كامِل الجَسَد على صِفَة مخْصُوصَة.[٤] موجبات الغُسل على المَرأة المُسلِمُ بطبيعتِهِ طاهرٌ نقيٌّ من النَّجاسةِ، وطهارتُهُ حالٌ دائمةٌ لا تنقضُها النَّجاسةُ إن أصابت بدنَهُ أو ثوبَه أو غير ذلك، وإنَّما تُشترَطُ لاستهلالِ العباداتِ واستباحتِها سَلامةُ البَدنِ والثَّوبِ والمكانِ من أيِّ نجاسةٍ مادِّيَّةٍ تُصيبُه، فإن كانَ جُنُباً فهوَ طاهرٌ لا يقدِر إتيانَ بعض العباداتِ الموقوفةِ إلا بالاستحلالِ من الجنابةِ بالغُسلِ، ويكون ذلكَ أيضاً للمرأةِ في حيضِها ونفاسِها، فهي بذاتِها طاهرةٌ أصابتها نجاسةٌ وعليها تَطهيرُها، ولا تنجُسُ بالذي أصابها،[٥][٦] ومن موجِباتِ الغُسلِ للمرأةِ: نُزول المَني: المَني هو السَّائل الذي يخرُج من الرَّجل أو المرأة عند الشُّعور بالشَّهوة، ويكون غليظاً عند الرجل، ورقيقاً عند الأنثى، ويُشترَطُ فيه الدّفق واستِشعارُ اللَّذة؛ حتّى يكون موجباً من موجِباتِ الغُسل.[٦] الحيض: هو الدَّم الخارجُ من المرأة في حالِ عدمِ تَخصيبِ البُويضة في رَحمِها؛[٧] فهو الدّم الذي يخرج من المرأة في حال بلوغها، وله أيّام معلومة،[٨]، ويكون الطُّهر منه في حالتَين: إمَّا بِظهورِ القصَّة البيضاء، وهي سائلٌ أبيض يَخرج من المرأةِ بعد انقضاءِ فترة الحيْضِ، وتُمثِّلُ القصَّة علامَةً واضحةً ومُؤكَّدةً على الطُّهر، وإمّا بالجفاف التامّ وانقطاع الدَّم، ويُستدَلُّ على الجفافِ والانقِطاعِ بإدخال قِطعة من القُطن في الفَرج، فإذا خرجت جافّةً من غير كَدَرٍ فقد وَقَعُ الطُّهرُ،[٩]فإذا طَهرت المَرأة بإحدى الحالتين وَجَب عليها الاغتسالُ لحديثِ عائشة أنّ النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لفاطمة بنت أبي حبيش: (إذا أقبلَت الحَيضةُ فَدَعي الصّلاة، وإذا أدبَرَت فاغتسِلي وصَلِّي).[١٠] النّفاس: هو الدَّم الذي يَنزل من المَرأة بَعد الوِلادة، وقد يَستمرُّ حتّى أَربعين يوماً أو أقلّ،[١١] وحُكمه مثل أحكام الحيض، ويَكون الغُسلُ منه بِظهور إحدى علاماتِ الطُّهر.[١٠] الجِماع: هو غِيابُ حَشَفةِ الذَّكرِ أو بَعض منها في فَرج الأنثى، وهو فعل يُوجِب الغُسل، ودَليلُ ذَلك حَديثُ السيِّدة عائشة رضيَ اللهُ عنها: (إذا جلسَ بينَ شُعَبِها الأربعِ ومسَّ الختانُ الختانَ، فقد وجبَ الغُسلُ).[١٢] الاحتلام: وذلك لِما ورد في صحيح البخاريّ: (جاءت أُمُّ سُلَيْمٍ إلى رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالتْ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيي مِن الحقِّ، فهل على المرأةِ من غُسلٍ إذا احتَلمَتْ؟ قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إذا رأتِ الماءَ. فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ -تعني وجهها- وقالتْ: يا رسولَ اللهِ، وتَحْتَلِمُ المرأةُ؟ قال: نعم، تَرِبَتْ يمينُكِ، فبِمَ يُشبِهُها ولدُها؟).[١٣] اعتناق الإسلام: يرى الحنابلة والمالكيّة وجوب الغُسل على الكافر إذا أسلمَ؛ رجلاً كانَ أو أنثى، فيما يرى الشافعيّة أنّه لا يَجب الغُسل على الكافِر إن أَسلم إلا في حالِ وُقوعِ الكافِر في حَدَث قبل إسلامه، يُوجِبُ عليه التطهُّر منه.[١٤] المَوت: يُعدّ الموتُ مُوجِباً شرعيّاً للغسلِ، وورد في ذلك أنَّ رسول اللهِ عليه الصَّلاة والسَّلام أمر مُغسِّلاتِ زينب بغسلِها ثلاثَ مرَّاتٍ أو خمساً أو سبعاً، لِما وردَ في الحديث الشَّريف: (تُوفِّيتْ إحدى بناتِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فخرج فقال: اغْسِلْنَها ثلاثًا، أو خمساً، أو أكثرَ من ذلك إن رأيتُنَّ ذلك، بماءٍ وسدرٍ، واجعلنَ في الآخرةِ كافوراً أو شيئًا من كافورٍ، فإذا فرغتُنَّ فآذِنَّنِي)،[١٥] ويُرى أنَّ تكليف المُتوفّى منقطعٌ بموتِه، فيَكون بذلك غُسلُه واجبٌ على الأحياء لا عليه ذاته.[١٦] صِفَة الغُسْل المُستَحَبّ للمَرأَة لا بُدَّ لكلّ عَملٍ أُريدَ به وَجهَ الله مِن نيّة في القلب؛ فتنوي المرأة نيَّة الغُسل والطّهارة، ثمَّ تُسمِّي وتبدأ بغسل فرجها، ثمّ تتوضَّأ وتفيض الماء على رأسها ثلاث مرّاتٍ على أن يصل الماء إلى جذور الشّعر، ثمّ تسكُب الماء على سائر بدنها بدءاً بالشّقّ الأيمن ومنه إلى الشقّ الأيسر، مع مُراعاة وُصول الماء إلى ما يَتوارى من الجسد، مثل: السُّرة، والإبط، وخلف الأذن.[١٧] وقد ذُكِر في غُسل المرأة التي ضَفرت شَعرها ضَفراً قويّاً يَمنعُ الماءَ من الوُصولِ إلى فَروة الرّأس أنّه كان عَليها أن تحلّه، أمّا إن كانت قد ضَفرته ضفراً رقيقاً لا يَمنع المَاء من الوُصول إلى فروة الرّأس فلا بَأس أن تُكمل اغتِسالها دون أن تَحلّه، وكان هذا في غُسل الجنابة؛ لتخفيفِ العِبء عن المرأة لكثرة تكرار هذا الغسل، وأمَّا في غُسل الحيض فَيجب على المرأة أن تُرخيَ شعرها بأكملِه استشهاداً بالحديث الشّريف: (عن عائشةَ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال لها وكانت حائضاً: انقُضي شعرَكِ، واغتسِلي)؛[١٨] فغُسل الحيض مرّة في الشّهر، وليست فيه مَشقّة.[١٩] أحكاَم الطَّهارة للمَرأة خُصَّتِ المرأةُ بعنايةٍ إسلاميَّةٍ مُميَّزةٍ تتناسبُ مع تركيبتها البَدنيَّةِ وبِنائها التَكوينيّ، فكانت لها رعايةٌ شرعيَّةٌ خاصَّةٌ تُلبِّي احتياجاتِها وتُحافظُ على استقرارِها النَفسيِّ والبَدنيّ؛ ومن ضُروبِ هذه الرِّعايةِ خُصوصيَّةُ أحكامِ الطَّهارَةِ المُتعلِّقةِ بطبيعةِ جَسدِ الأنثى، وما تتعرَّض له من تغيُّراتٍ مُتعدِّدةٍِ ومُتعاقبة بدءاً من البُلوغ والحيضِ، مروراً بالحملِ والولادةِ، ومن تَناسُبِ الأحكامِ مع واقعِ الحالِ ما كانَ من أحكامِ الحيضِ والنّفاس، وتحريم إتيانِ المرأةِ أثناءهما، وإسقاط الفَرائض عنها مِن صلاةٍ وصِيامٍ حتّى تتحلَّلَ منهما؛ فهي غيرُ مُطالَبةٍ بالتطهُّر والقيام بهذه العباداتِ ما لم تتجاوز هذه المراحل، فإن طَهُرت قَضَت ما فاتَها من صِيامٍ دونَ الصَّلاة؛ وذلك للحديث الشّريف: (سَألتُ عائشةَ فقلتُ: ما بالُ الحائضِ تقضي الصّومَ ولا تقضي الصّلاةَ؟ فقالت: أحروريّةٌ أنت؟ قلتُ: لستُ بحروريّةٍ ولكنّي أسألُ، قالت: كان يُصيبُنا ذلك فنُؤمَرُ بقضاءِ الصّومِ، ولا نُؤمَرُ بقضاءِ الصّلاةِ).[٢٠] وأمَّا مَسأَلةُ مَسِّ المُصحَف للحائِض فهي مَوضع خِلاف؛ حيثُ حرَّمها الشَّافعيّة والمَالكيّة، وأجازَها الحَنابلة والحَنفيّة،[٢١] أمّا الطُّهر منهما فيكون بانقطاع الدّم أو ظُهورعَلامة الطُّهر؛ لِما جاء في الحديث: (أنَّ النِّساءَ كنَّ يبعثنَ إليها بالدَّرجةِ فيها الكرُسُفُ فيه الصُّفرةُ من دمِ الحيضِ، فتقولُ: لا تَعجلْنَ حتَّى ترَيْنَ القََصَّةَ البيضاءَ، تريدُ بذلك الطُّهرَ من الحيضِ)،[٢٢] أمّا الاستحاضة فهي دمٌ يخرج من المرأة في غير وقتِ الحَيض والنّفاس وهيئتهما، ولا يُوجِب تَرك العبادات للمرأة على أن تتطهّر وتتوضّأ لكلّ صلاة.[
متى يجب الغسل على المرأة
الطَّهارة شرَّع الإسلام الطَّهارة وجعلها استهلالاً واستباحةً للعديد من العبادات، مثل: الصَّلاة، والطّواف في البيت الحرام، وقراءة القرآن، وقد بيَّن الإسلام كيفيَّة الطّهارة، ودواعي وجوبها، واستحبابها، وشروطها، ونواقضها، كما ميَّز جوانب الطَّهارة للذّكر والأُنثى، وحفِظ خصوصيّة كلٍّ منهما في شتّى الظّروف والأحوال، والطّهارة هي تعميم الماء والاغتسال به لإزالة الحدثَيْن أحدِهما أو كليهما، لتشمل سائر الجسد أو أعضاءَ مَخصوصةً بصفٍة مَخصوصَة، لِرفع أحد الحدثَين، والقيام بالعبادات الموقوفة عليها.[١][٢] الاغتِسال يُعرَّف الغُسْل لغةً بأنَّه تعميم غَسل الجسَد بِأكملِه، وهو المصْدر منْ غسَل الشّيء، يَغسِلْه غَسْلاً أوغُسْلاً، مأخوذَة من الفعل اغْتَسَلَ يغْتسِل اغتِسالَاً وغُسْلاً، ويُقال: الغُسُل (بضمِّ الغَين) للأمر اللازِم والواجِب،[٣] أمّا اصطِلاحَاً فهُو تعبُّد الله بِغسل الماء الطَّاهر وتعميمه على كامِل الجَسَد على صِفَة مخْصُوصَة.[٤] موجبات الغُسل على المَرأة المُسلِمُ بطبيعتِهِ طاهرٌ نقيٌّ من النَّجاسةِ، وطهارتُهُ حالٌ دائمةٌ لا تنقضُها النَّجاسةُ إن أصابت بدنَهُ أو ثوبَه أو غير ذلك، وإنَّما تُشترَطُ لاستهلالِ العباداتِ واستباحتِها سَلامةُ البَدنِ والثَّوبِ والمكانِ من أيِّ نجاسةٍ مادِّيَّةٍ تُصيبُه، فإن كانَ جُنُباً فهوَ طاهرٌ لا يقدِر إتيانَ بعض العباداتِ الموقوفةِ إلا بالاستحلالِ من الجنابةِ بالغُسلِ، ويكون ذلكَ أيضاً للمرأةِ في حيضِها ونفاسِها، فهي بذاتِها طاهرةٌ أصابتها نجاسةٌ وعليها تَطهيرُها، ولا تنجُسُ بالذي أصابها،[٥][٦] ومن موجِباتِ الغُسلِ للمرأةِ: نُزول المَني: المَني هو السَّائل الذي يخرُج من الرَّجل أو المرأة عند الشُّعور بالشَّهوة، ويكون غليظاً عند الرجل، ورقيقاً عند الأنثى، ويُشترَطُ فيه الدّفق واستِشعارُ اللَّذة؛ حتّى يكون موجباً من موجِباتِ الغُسل.[٦] الحيض: هو الدَّم الخارجُ من المرأة في حالِ عدمِ تَخصيبِ البُويضة في رَحمِها؛[٧] فهو الدّم الذي يخرج من المرأة في حال بلوغها، وله أيّام معلومة،[٨]، ويكون الطُّهر منه في حالتَين: إمَّا بِظهورِ القصَّة البيضاء، وهي سائلٌ أبيض يَخرج من المرأةِ بعد انقضاءِ فترة الحيْضِ، وتُمثِّلُ القصَّة علامَةً واضحةً ومُؤكَّدةً على الطُّهر، وإمّا بالجفاف التامّ وانقطاع الدَّم، ويُستدَلُّ على الجفافِ والانقِطاعِ بإدخال قِطعة من القُطن في الفَرج، فإذا خرجت جافّةً من غير كَدَرٍ فقد وَقَعُ الطُّهرُ،[٩]فإذا طَهرت المَرأة بإحدى الحالتين وَجَب عليها الاغتسالُ لحديثِ عائشة أنّ النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لفاطمة بنت أبي حبيش: (إذا أقبلَت الحَيضةُ فَدَعي الصّلاة، وإذا أدبَرَت فاغتسِلي وصَلِّي).[١٠] النّفاس: هو الدَّم الذي يَنزل من المَرأة بَعد الوِلادة، وقد يَستمرُّ حتّى أَربعين يوماً أو أقلّ،[١١] وحُكمه مثل أحكام الحيض، ويَكون الغُسلُ منه بِظهور إحدى علاماتِ الطُّهر.[١٠] الجِماع: هو غِيابُ حَشَفةِ الذَّكرِ أو بَعض منها في فَرج الأنثى، وهو فعل يُوجِب الغُسل، ودَليلُ ذَلك حَديثُ السيِّدة عائشة رضيَ اللهُ عنها: (إذا جلسَ بينَ شُعَبِها الأربعِ ومسَّ الختانُ الختانَ، فقد وجبَ الغُسلُ).[١٢] الاحتلام: وذلك لِما ورد في صحيح البخاريّ: (جاءت أُمُّ سُلَيْمٍ إلى رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالتْ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيي مِن الحقِّ، فهل على المرأةِ من غُسلٍ إذا احتَلمَتْ؟ قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إذا رأتِ الماءَ. فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ -تعني وجهها- وقالتْ: يا رسولَ اللهِ، وتَحْتَلِمُ المرأةُ؟ قال: نعم، تَرِبَتْ يمينُكِ، فبِمَ يُشبِهُها ولدُها؟).[١٣] اعتناق الإسلام: يرى الحنابلة والمالكيّة وجوب الغُسل على الكافر إذا أسلمَ؛ رجلاً كانَ أو أنثى، فيما يرى الشافعيّة أنّه لا يَجب الغُسل على الكافِر إن أَسلم إلا في حالِ وُقوعِ الكافِر في حَدَث قبل إسلامه، يُوجِبُ عليه التطهُّر منه.[١٤] المَوت: يُعدّ الموتُ مُوجِباً شرعيّاً للغسلِ، وورد في ذلك أنَّ رسول اللهِ عليه الصَّلاة والسَّلام أمر مُغسِّلاتِ زينب بغسلِها ثلاثَ مرَّاتٍ أو خمساً أو سبعاً، لِما وردَ في الحديث الشَّريف: (تُوفِّيتْ إحدى بناتِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فخرج فقال: اغْسِلْنَها ثلاثًا، أو خمساً، أو أكثرَ من ذلك إن رأيتُنَّ ذلك، بماءٍ وسدرٍ، واجعلنَ في الآخرةِ كافوراً أو شيئًا من كافورٍ، فإذا فرغتُنَّ فآذِنَّنِي)،[١٥] ويُرى أنَّ تكليف المُتوفّى منقطعٌ بموتِه، فيَكون بذلك غُسلُه واجبٌ على الأحياء لا عليه ذاته.[١٦] صِفَة الغُسْل المُستَحَبّ للمَرأَة لا بُدَّ لكلّ عَملٍ أُريدَ به وَجهَ الله مِن نيّة في القلب؛ فتنوي المرأة نيَّة الغُسل والطّهارة، ثمَّ تُسمِّي وتبدأ بغسل فرجها، ثمّ تتوضَّأ وتفيض الماء على رأسها ثلاث مرّاتٍ على أن يصل الماء إلى جذور الشّعر، ثمّ تسكُب الماء على سائر بدنها بدءاً بالشّقّ الأيمن ومنه إلى الشقّ الأيسر، مع مُراعاة وُصول الماء إلى ما يَتوارى من الجسد، مثل: السُّرة، والإبط، وخلف الأذن.[١٧] وقد ذُكِر في غُسل المرأة التي ضَفرت شَعرها ضَفراً قويّاً يَمنعُ الماءَ من الوُصولِ إلى فَروة الرّأس أنّه كان عَليها أن تحلّه، أمّا إن كانت قد ضَفرته ضفراً رقيقاً لا يَمنع المَاء من الوُصول إلى فروة الرّأس فلا بَأس أن تُكمل اغتِسالها دون أن تَحلّه، وكان هذا في غُسل الجنابة؛ لتخفيفِ العِبء عن المرأة لكثرة تكرار هذا الغسل، وأمَّا في غُسل الحيض فَيجب على المرأة أن تُرخيَ شعرها بأكملِه استشهاداً بالحديث الشّريف: (عن عائشةَ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال لها وكانت حائضاً: انقُضي شعرَكِ، واغتسِلي)؛[١٨] فغُسل الحيض مرّة في الشّهر، وليست فيه مَشقّة.[١٩] أحكاَم الطَّهارة للمَرأة خُصَّتِ المرأةُ بعنايةٍ إسلاميَّةٍ مُميَّزةٍ تتناسبُ مع تركيبتها البَدنيَّةِ وبِنائها التَكوينيّ، فكانت لها رعايةٌ شرعيَّةٌ خاصَّةٌ تُلبِّي احتياجاتِها وتُحافظُ على استقرارِها النَفسيِّ والبَدنيّ؛ ومن ضُروبِ هذه الرِّعايةِ خُصوصيَّةُ أحكامِ الطَّهارَةِ المُتعلِّقةِ بطبيعةِ جَسدِ الأنثى، وما تتعرَّض له من تغيُّراتٍ مُتعدِّدةٍِ ومُتعاقبة بدءاً من البُلوغ والحيضِ، مروراً بالحملِ والولادةِ، ومن تَناسُبِ الأحكامِ مع واقعِ الحالِ ما كانَ من أحكامِ الحيضِ والنّفاس، وتحريم إتيانِ المرأةِ أثناءهما، وإسقاط الفَرائض عنها مِن صلاةٍ وصِيامٍ حتّى تتحلَّلَ منهما؛ فهي غيرُ مُطالَبةٍ بالتطهُّر والقيام بهذه العباداتِ ما لم تتجاوز هذه المراحل، فإن طَهُرت قَضَت ما فاتَها من صِيامٍ دونَ الصَّلاة؛ وذلك للحديث الشّريف: (سَألتُ عائشةَ فقلتُ: ما بالُ الحائضِ تقضي الصّومَ ولا تقضي الصّلاةَ؟ فقالت: أحروريّةٌ أنت؟ قلتُ: لستُ بحروريّةٍ ولكنّي أسألُ، قالت: كان يُصيبُنا ذلك فنُؤمَرُ بقضاءِ الصّومِ، ولا نُؤمَرُ بقضاءِ الصّلاةِ).[٢٠] وأمَّا مَسأَلةُ مَسِّ المُصحَف للحائِض فهي مَوضع خِلاف؛ حيثُ حرَّمها الشَّافعيّة والمَالكيّة، وأجازَها الحَنابلة والحَنفيّة،[٢١] أمّا الطُّهر منهما فيكون بانقطاع الدّم أو ظُهورعَلامة الطُّهر؛ لِما جاء في الحديث: (أنَّ النِّساءَ كنَّ يبعثنَ إليها بالدَّرجةِ فيها الكرُسُفُ فيه الصُّفرةُ من دمِ الحيضِ، فتقولُ: لا تَعجلْنَ حتَّى ترَيْنَ القََصَّةَ البيضاءَ، تريدُ بذلك الطُّهرَ من الحيضِ)،[٢٢] أمّا الاستحاضة فهي دمٌ يخرج من المرأة في غير وقتِ الحَيض والنّفاس وهيئتهما، ولا يُوجِب تَرك العبادات للمرأة على أن تتطهّر وتتوضّأ لكلّ صلاة.[
إرسال تعليق